مستقبل اليمن.. إلى أين؟

> م.بدر محمد باسلمة :

> على الرغم من ضآلة كميات النفط المستخرجة (حوالي 350 ألف برميل يوميا) فهي تشكل حاليا أكثر من 90 % من إجمالي قيمة الصادرات، وتعتمد عليه البلد تماما في توفير احتياجاتها من النقد الأجنبي، وتمويل خططها التنموية.

وحين ارتفعت أسعار النفط عالميا كان في صالح البلد التي زادت مواردها إلى الضعف، واستطاعت الصرف وتمويل العديد من المشاريع والاحتياجات المحلية، ومنها الأجور والرواتب، وجعلتها تتنفس قليلا وسط المشاكل الاقتصادية والسياسية التي تعاني منها.. وأي نقصان في أسعار النفط حاليا يؤدي بالتالي إلى حرمان البلد من موارد مالية، وزيادة مشكلاتها الداخلية.

ومع إدراك الجميع للخطأ الفادح في اعتماد اقتصادنا على سلعة واحدة (النفط) في ظل تذبذب أسعاره، والمؤشرات التي تبين بجلاء أن كمياته في تناقص مستمر، لم نلمس من الحكومة توجها عمليا ملموسا في تنويع موارد البلد وتنمية قطاعات واعدة بديلة تتحمل المسئولية حال تراجع مساهمة النفط في مد البلد بالموارد المالية المطلوبة. لقد أعدت العديد من الإستراتيجيات والخطط والدراسات التنموية والقطاعية، ولكنها مازالت حتى الآن في الأدراج أو على الرفوف لعرضها على الجهات المانحة، وإقناعها أننا نمتلك إستراتيجيات وخططا ونعمل عليها.. والمطلوب هو المزيد من التمويل (الشحاتة الراقية).

وقد أعطى الله لهذه البلد من الموارد في جميع القطاعات (النفط، المعادن، الغاز، الأسماك، الزراعة والسياحة...) لو استغلت الاستغلال الأمثل لما احتجنا إلى مساعدات و صدقات. وفي الوقت الذي يعمل في القطاع الزراعي حوالي 54 % من القوة العاملة إلا أن هذا القطاع وبالرغم من أهميته في الأمن الغذائي وتشغيل العمالة لن تمكن موارده من زيادة الصادرات أو أن يصبح القطاع البديل للنفط مستقبلا، لسبب رئيس واحد وهو مشكلة شحة المياه التي تعاني منها اليمن وتحد من تنمية المنتجات الزراعية، وبالتالي فاليمن لن يكون بلدا زراعيا من الدرجة الأولى.. ولكن في المقابل وهب الله اليمن الموقع الجغرافي والعمالة الرخيصة (التي هي بحاجة إلى تدريب وتأهيل) والموارد الطبيعية من المعادن والأسماك والزراعة، وهي مقومات لو اكتملت ببيئة استثمارية مناسبة لأمكنها أن تجعل اليمن بلدا صناعيا من الدرجة الأولى.. كما أن الطبيعة الخلابة والمكانة التاريخية والثقافية التي تمتلكها اليمن تؤهلها بكل جدارة لأن تكون بلدا سياحيا بأرقى المواصفات في حالة توفير الثقافة السياحية السليمة أولا.

فالصناعة والسياحة هما مستقبل اليمن، والمطلوب إعداد رؤية واضحة لكي نستطيع أن نجعل من اليمن بلدا صناعيا وسياحيا من الدرجة الأولى، وأن يتم التنفيذ الفعلى والصارم للسياسات والخطط المؤدية إلى تحقيق ذلك كافة وبأفضل استغلال ممكن للموارد، وأن لانلتهي بمعالجة القضايا اليومية وإعطاء المسكنات والمهدئات. نحن بحاجة إلى حكومة إستراتيجية تنظرإلى (يمن 2050)، وتعمل على تحقيق وضع اليمن في مجموعة الدول المتقدمة.

عندما استلم السيد مهاتير مجلس الوزراء في الستينات من القرن العشرين كانت ماليزيا متخلفة جدا، معدل الفقر فيها يزيد عن 60 %، ونسبة الأمية مرتفعة أكثر من 50 %، وبلد زراعي تقليدي لاتوجد فيه صناعات، ويعاني من المشاكل العرقية، وفي أحد الاجتماعات قدم مهاتير لمجلس الوزراء رؤيته لماليزيا 2020، وأنه يريدها أن تكون دولة صناعية متطورة، استهزأ به الكثيرون لأن ماليزيا متخلفة وليس لديها مقومات لأن تكون دولة صناعية، ولكنه أثبت مع الإرادة والتصميم أنه كان قائدا فذا استطاع أن يحدد رؤية لمستقبل بلده، ويضع السياسات والخطط لتنفيذها، بنى نظاما وجهازا حكوميا عالي الكفاءة، وحسن من بيئة الاستثمار ودعم القطاع الخاص، وقبل العام 2020 أصبحت ماليزيا دولة صناعية متطورة، وذلك بتوفير الرؤية والخطط والنظام.. كما تبوأت ماليزيا في قطاع السياحة المراكز المتقدمة في العالم لتستهدف هذا العام (23) مليون سائح.

واليمن مهيأ لكي يصبح بلدا صناعيا وسياحيا متطورا.. ولكن متى توفرت الرؤية الواضحة، والخطط والسياسات العملية والنظام الحكومي الكفء، والبيئة الاستثمارية السليمة.. فهل يصعب علينا توفير ذلك؟.. وهل كتب علينا أن نبقى في دوامة معالجة الأزمات اليومية دون القدرة على النظرإلى المستقبل والعمل على تحقيقه؟!.

إذا مازالت هناك بعض موارد النفط التي تغطي معالجة الأزمات الآنية اليومية.. فماذا أعددنا للغد عندما لايكون لدينا نفط؟!.. فهل ننتظر حتى تحل الكارثة ويسود نظام الغاب؟!.

مدير عام غرفة تجارة وصناعة حضرموت

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى