في صنعاء.. مشروع تنموي كل 60 ساعة!

> د. عبيد البري:

> يزداد شعورنا بمأساة كارثة الأمطار والسيول في محافظتي حضرموت والمهرة يوما بعد يوم.. نعم لقد أذهلنا منظر الدمار وحالة غرق مدن وقرى تلك المناطق من خلال صور القضائيات والصحف.

شوهدت تلك المناطق وقد خلت من سكانها إلا القليل ممن شردوا أو الناجين الذين تستضيفهم القناة الفضائية اليمنية ليشيدوا بحضور وجهود السلطة السياسية من اليوم الأول للكارثة بدلا من التركيز على الإشادة بالمساعدات الخارجية وأهميتها الإنسانية.. على أن جهود السلطة المركزية والمحلية واجب وطني وأخوي لاينبغي التظاهر به أو اعتباره دعاية سياسية.

ومن المؤسف حقا أن تصل أخبار تتناقض مع ما تأتي به إعلاميات السلطة حول جهود الإغاثة ووصول المساعدات إلى المتضررين.. وهذا ما كشفت عنه صحيفة «الأيام» التي لاتنشر الخبر إلا بعد التأكد منه بدقة.. وكان المشين من تلك الأخبار خبرا تحت عنوان (تحويل مواد إغاثة مرسلة من محمد بن راشد لمؤسسة حضرموت الخيرية إلى جهة أخرى) في عددها ليوم 29 أكتوبر 2008، وخبر استقالة الأخ صلاح بن هامل عضو محلي حضرموت التي أشار فيها إلى أن جميع المساعدات تؤمم وتباع في الأسواق، والمنكوب بدون قطرة ماء، في حين هناك شلل وغياب تام لأجهزة الدولة المحلية («الأيام» 2 نوفمبر 2008)، وهذا يعني تحكم السلطة المركزية.

ومع أن الأخ صلاح بن هامل أراد باستقالته تبرئة الضمير والتعبير عن النزاهة إلا أن استقالته هي ربما ما كان يريده منه أولئك المتجردون من القيم الإنسانية الذين (يصطادون في المياه العكرة) ويتبعون القول (مصائب قوم عند قوم فوائد).

فما كان يجب أن يغيب أي إنسان شريف عن ساحة الواجب، لأنه لن ينفع المنكوبين في هذه الظروف إلا أبناء حضرموت والمهرة بالدرجة الأولى، ويجب محاربة الشر، خاصة في مثل هذا الوضع الذي لاشك سيكشف الحقائق والأبعاد الوحدوية.

نعرف أنه بإمكان الجهة التي تقدم المساعدة أن تشرف عليها بنفسها بالاستعانة بالجمعيات الخيرية المحلية والأهالي.. أما الدولة فواجبها أن تضع أجهزتها ومؤسساتها المعنية لإعادة إعمار المناطق المتضررة جنبا إلى جنب مع عمليات الإغاثة المطلوبة، على أن تتركز الجهود على حصر الأضرار والسرعة في تقييمها لوضع إستراتيجية سريعة للأعمال اللاحقة، إضافة إلى وضع المعدات والآليات والوسائل اللازمة في المجال الإنشائي والهندسي والصحي بكل جاهزيتها، وتوجيه الكفاءات البشرية من مهندسين وفنيين ومهنيين محليين وأجانب إلى المناطق المنكوبة للتعجيل بعودة الحياة إلى طبيعتها، وهذا حق مشروع، خاصة أن محافظة حضرموت تعتمد على ثروتها النفطية معظم ميزانية الدولة.

وعلى مجلس النواب، الذي يشكو من تأخر الحكومة عن الحضور أمامه للإجابة عن 50 سؤالا مرت عليها شهور ولم يجد المجلس من يجيب عنها، أن يلجأ إلى أداء عمل ميداني مفيد وطني وإنساني من الدرجة الأولى ليقف أعضاؤه مع إخوانهم لإنقاذ المتضررين، ليس فقط من كارثة الأمطار والسيول، بل كذلك من رموز الفساد والأنفس الضعيفة وقطاع طرق المساعدات الإنسانية والمتطفلين على وضع إنساني كارثي متعاطف معه الصديق والعدو على حد سواء.

فهل علينا أن نتفاءل بأنه سيتم إنجاز ما تحتاجه المناطق المنكوبة في وقت قياسي بالمقارنة مع سرعة تنفيذ المشاريع في محافظة صنعاء، حسب الأرقام الواردة في كلمة الأخ محافظ صنعاء في أمسية رمضانية نشرتها صحيفة «14 أكتوبر» في عددها الصادر يوم 22 سبتمبر 2008، أشار فيها إلى أنه تم تنفيذ 2334 مشروعا، خصوصا في الطرق والزراعة والكهرباء والمياه خلال 18 عاما من الوحدة.. وأنه يجري العمل حاليا على تنفيذ 87 مشروعا ويوجد أيضا 97 مشروعاً متعثرا.. وعندما تجري عمليات الضرب والقسمة ستجد أن المتوسط الحسابي للزمن اللازم لإنجاز أي مشروع من تلك المشاريع المنفذة (خلال سنوات الوحدة) هو حوالي 60 ساعة لأي مشروع من تلك المشاريع في محافظة صنعاء وحدها. وأشار المحافظ إلى أنه سيتم افتتاح 182 مشروعا بمناسبة أعياد الثورة إلى جانب وضع حجر الأساس لـ36 مشروعا.

ولعل ما يزيدنا تفاؤلا بسرعة الإنجاز هو ما أشار إليه فخامة الأخ الرئيس (حفظه الله) في حواره مع القناة الفضائية المصرية ونشرته صحيفة «14 أكتوبر» الصادرة في أكتوبر 2008 بقوله: «التنمية في المحافظات الجنوبية والشرقية أضعاف ما هي عليه في نظيراتها الشمالية والغربية. لماذا؟ لأننا حرصنا على تعويضها عن سنوات الحرمان التي عاشتها قبل الوحدة. وهناك من اعتبر تركيزنا على التنمية في تلك المحافظات وما شهدته من نهضة تنموية شاملة بأنها محاكمة للنظام الشمولي الماركسي الذي حكم الشطر الجنوبي من الوطن 25 سنة ولم يحقق فيه منجزا إستراتيجيا يذكر إلا السجن أو السحل أو الصراعات والتشريد، ونحن حرصنا على أن تجني تلك المحافظات ثمار دولة الوحدة، فعجلنا بمشاريع التنمية، وهي تسير على قدم وساق في المحافظات الجنوبية والشرقية بوتائر عالية أفضل من المحافظات الشمالية».

أخيرا نقول صبرك ياحضرموت الثقافة.. ياحضرموت الحضارة العتيدة.. فلابد لك أن تعودي كما كنت زمان ولكن جديدة.. وصبرك يا (مهرتاه!) البعيدة.. وأنت يا عدن، فلست بعيدة.. صبركم على الكارثة، والكوارث بنا صارت عديدة!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى