حضرموت والمهرة والأفاعي المنتظرة!

> فاروق ناصر علي:

> «لم أزل أمشي وقد ضاقت بعينيَّ المسالك/ الدُّجى داج ووجه الفجر حالك/ والمهالك تتبدى لي بأبواب الممالك.. أنت هالك.. أنت هالك/غير أني لم أزل أمشي/ وجرحي ضحكة تبكي/ ودمعي من بكاء الجرح ضاحك!».

أحمد مطر

مدخل خاطف

في مطلع الثمانينات (1982) وقع زلزال في مدينة (ذمار)، وتبين بعدها أن ملايين الدولارات المقدمة لمساعدة ضحايا الزلزال من أهلنا في ذمار، وكذا المساعدات العينية، كل ذلك استوعبته بطون (الأفاعي) التي تلقف كل ما يصل، وضاع أهل ذمار المنكوبة... والرجوع إلى مدينة (تعز) التي حباها (الله رب العرش سبحانه) بنعمة الأمطار، لو أن الهبات والعطايا المالية التي تتدفق إليها من أجل تشييد (السدود) لتخزين مياه الأمطار لكانت هذه المدينة قادرة على تقديم المياه لمدن أخرى، لكن أهلنا في تعز مايزالون حتى هذه اللحظة يبحثون عن قطرة ماء تروي العطش، كل الأموال تلقفتها عصبة الفيد والفساد.. واليوم حضرموت والمهرة، هل تركتهما الأفاعي المنتظرة وتلك المنتشرة؟.

الدخول إلى قلب المقال

ما جرى ويجري اليوم على أهلنا وناسنا في (حضرموت والمهرة) يعد- بكل المقاييس- كارثة مأساوية، يعرفها كل من يملك ضمير الإنسان وذرة من الإيمان، لكنها في ظل الأفاعي المنتظرة دوما، وتلك المنتشرة دائما تعتبر من العطايا والنعم والخير القادم إلى بطونها، ولو كانت الجهات المختصة تملك ذرة من الشجاعة لقالت لنا إلى أين ذهبت تلك المعونات (المادية والمعنوية)، لكننا تعودنا طيلة 14 عاما على أسطوانة مشروخة لكل من يرفع صوت الرفض للباطل بأنه (عميل، خائن للوحدة وللثوابت، مثير للفتن.. إلخ)، ولو عرفت عصبة الفيد والفساد حقيقة هذه الأسطوانة لأصابها الذعر، هي كانت المسمار الأول في نعش مراكز القوى والفساد، جعلتهم لايفقهون حقيقة التاريخ ولايقبلون بأن دوام الحال من المحال، فأصبحوا في غيهم سادرين.

حضرموت التي يعيشون منها، وتحولوا- بفضلها في ليلة وضحاها- من معدمين يبحثون عن السحت هنا وهناك إلى (مليونيرات ومليارديرات) من نهب ثرواتها (النفط والذهب والأرض والزرع والأسماك والأعمال والتجارة والسمسرة.. إلخ) وتكونت الأرصدة بالدولارات الوفيرة خارج البلاد وداخلها، نراهم اليوم يأكلون ما تقدمه دول الإغاثة، فهم الآن يأكلونها (حية ومنكوبة).. ألا تبا لوطن يندر فيه الرجال، وتبا لمن لايرفع صوت الرفض ضد الباطل المفروض علينا منذ أكثر من 14 عاما!!.

والمهرة التي نهبوا أرضها وبحرها، وجعلوا السفن تصطاد وتنهب وتعبث بأسماكها، ومراعي الأسماك تخرب كيفما شاءت، والأرض والأعمال والتجارة، وتراكمت حساباتهم فتحول قاطع الطريق واللص والمنافق مقابل بضعة وحفنة (ريالات) إلى مليونيرات.. اليوم في نكبتها حولوها إلى (مقبرة صامتة) بفضل الدجل الإعلامي، وصحف الدجل الصفراء التي مازالت تعيد النشيد الخاص بالإنجازات المذهلة، ولو أن القول الصحيح (الإنجازات المرعبة) التي تبخرت بلمح البصر!!.

أقول.. عندما يصبح الفساد معبودا ومباحا وشرعيا لايجوز المساس به وبعصابته، لاتسألوا أين الدولة، هي رهينة داخل شرع الغاب، أخرجوها من قلب الغاب، واخلقوا دولة المؤسسات، دولة النظام والقانون، لا دولة الفيد والفساد وشرع الغاب وفتاوى الكهنة والرهبان المتأجرين بالدين الإسلامي العظيم من أكلة السحت، وبعد خلق الدولة القوية السليمة تحدثوا عن (الوطن) الذي مايزال مغتربا ومهاجرا في (المريخ وزحل) مادامت الأفاعي منتشرة والأخرى منتظرة!!.

الخاتمة

على الدول التي تريد- مشكورة- تقديم مساعداتها أن تستوعب الحقائق المرة، فلكي تذهب مساعداتها إلى المنكوبين يفترض أن تقوم هي بالتوزيع عبر الإشراف والرقابة والمتابعة من قبلها، ما لم فكل ما ستقدمه سوف تتلقفه الأفاعي المنتظرة..(ويا دار ما دخلك خير..) هذا قولي ولب القضية.. ويبقى قول الشاعر:

«الملايين على الجوع تنام/ وعلى الخوف تنام.. وعلى الصمت تنام/ والملايين التي تُسرق من جيب النيام/ تتهاوى فوقهم سيل بنادق/ ومشانق وقرارات اتهام/كلما نادوا بتقطيع ذراعي كُل سارق وبتوفير الطعام!».

أحمد مطر

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى