ماذا يعني فوز أوباما.. للديمقراطية في اليمن

> الشيخ علي محمد ثابت:

> فاز باراك حسين أوباما.. الكيني الأصل.. الأمريكي المولد برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية مرشحاً عن الحزب الديمقراطي أمام منافسه جون ماكين السيناتور الجمهوري الأبيض والمحارب القديم في فيتنام.

وبالرغم من التوقعات المحكومة بالموروث وعقلية الأمر الواقع التي كانت تستبعد فوز أوباما.. إلا أن فوز أوباما.. وكما أكده هو في خطاب فوزه.. يعتبر إجابة على المشككين في قوة أمريكا.. التي لا تنبع من القوة العسكرية ولا القوة الاقتصادية.. بل في قوة قيم الديمقراطية.. والحرية والفرص.. والأمل اللا متناهي.

تلك هي الحقيقة التي تفاعلت في نفوس الناخبين الأمريكان في انتخابات شهدت أصعب وأكثر الحملات الانتخابية كلفة وأكثرها تحشداً... للإدلاء بالأصوات.. وهو ما يعبر عن القلق من الواقع السياسي.. والاقتصادي.. الكارثي يواجه بلدهم جراء سياسات إدارة بوش ثمان سنوات عجاف ، كانت تلك السياسات تنبع من رؤى ضيقة.. لليمين المحافظ في الحزب الجمهوري واللوبيات اللاهثة وراء مصالحها الخاصة، وتفشت البطالة والفقر في ظل أزمة مالية.. واقتصادية تواجه أمريكا.. وتمتد آثارها على سائر اقتصاديات العالم.. وبذلك أكدت الديمقراطية أنها النظام الذي يمثل حلاً لكل المشاكل من خلال منهاجية التغيير اللامتناهي، إذا بنيت هذه الديمقراطية والانتخابات على أسسها الحقة، التي تجعل أغلبية الناخبين هم الصناع للسلطة وهم مصدر القرار السياسي.

و وجد الناخبون الأمريكان أن أوباما يمثل إرادة التغيير نحو المستقبل لجيل الشباب الذي اندفع يؤيد أوباما.. متجاوزاً الموروث العنصري والجروح الماضية القريبة النازفة التي كانت العنصرية لا تطيق وجود الأبيض والأسود تحت سقف مدرسة واحدة أو فندق واحد ، وتلزم السود بالوقوف من كراسيهم في المواصلات العامة ليجلس السيد الأبيض.. حتى الخمسينات.

لقد سقطت معايير الموروث لتنتصر معايير الديمقراطية التي تحتكم لمصلحة الأغلبية الناخبة ومستقبلها، ولمصلحة من يحمل رؤية التغيير وإرادته.. ويستطيع أن يواجه الواقع المأزموم، ويعيد صياغة العلاقات المتحكمة في مصير الأمة على نحو يحقق القدرة على المضي قدماً دون الارتهان لأي واقع سيئ مفروض بقوة اللامشروع.. بنظر منطق الحياة الإنسانية.

ولنعد إلى السؤال.. ماذا يعني فوز أوباما للديمقراطية في اليمن.. وتحديداً في هذه الفترة التي تشهد أزمة سياسية شاخصة في المشهد السياسي اليمني.. بين السلطة والمعارضة ممثلة بأحزاب المشترك.

وما يمكن أن يستلهمه المشترك من فوز باراك أوباما.. الذي يمثل انتصاراً للإرادة الحرة للناخبين التواقين إلى التغيير، لتركت جورج بوش نحو مصلحتها وبعيداً عن سياسات التهويل.. والهواجس الأمنية.. التي تقف بعيدة عن مصالح الناخبين.

فلاشك أن الديمقراطية لا تتجزأ.. ولا يمكنها إلا أن تكون موجودة.. وفاعلة.. وقادرة على إنتاج السلطة مجدداً أو لا تكون موجودة.. وأن حالة وجود الديمقراطية شكلاً وتغييبها مضموناً، فهذه حالة يمكن أن تكون عندما تكون هناك معارضة مخادعة لشعبها.. وتمثل ظلاً للسلطة.. وتلعب دورها في إطار ما تحدده لها السلطة، وهذا هو جوهر الأزمة السياسية القائمة في اليمن، فهل تستطيع المعارضة (المشترك) أن تدرك أن تأصيل الديمقراطية وجعلها آلية عمل سياسي.. لإنتاح السلطة، وتقف عند هذه القضية.. لتحقيق الوجود للديمقراطية.. التي تمثل عقداً اجتماعياً لليمن انطلق مع الوحدة في 22 مايو، 1990م.

إذ لا يمكن أن تكون الوحدة بدون الديمقراطية.. وهذه قضية شرعية النظام القائم التي يمكن الارتكاز عليها في العمل السياسي في اليمن ، وأن غياب الديمقراطية.. يفقد في هذه المرحلة الزمنية النظام في اليمن شرعيته.. لذلك فإن الدرس الأمريكي في الديمقراطية موجهاً لكل البلدان ومنها اليمن.. التي لا يزال فيها وضمن التعددية السياسية من يرى أن الواقع.. ووعي الناخبين.. وظروف البلد غير قابلة لاستيعاب الديمقراطية الفاعلة.. إذن كيف يمكن للواقع أن يستوعب ديمقراطية زائفة وفسادا.. وغيابا لسيادة القانون والمواطنة.. وكلها مظالم تقع على كاهل الناخبين..ضف إلى ذلك مصادرة إرادتهم وتوجيهها.. ألم يكن هذا هو الفعل غير الواقعي.. ولا المنطقي.. ولا الإنساني مع أبناء اليمن.. وتحديداً أبناء الجنوب الذين دخلوا الوحدة.. بدولة بكل مكوناتها.. وحزب.. وصاروا على هامش الحياة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى