الكوارث وفقه السيادة

> محمد بالفخر:

> كثيرا ما يتردد في علم السياسة والقانون الدولي مبدأ سيادة الدولة على أراضيها وحقها في منع أي تدخل في شئونها الداخلية وهذا مبدأ أصيل في القانون الدولي وإن انحسرت سيادة الدولة مؤخراً في ظل العولمة وتدخلات المجتمع الدولي لحماية حقوق الإنسان ومنع ما يسمى بحروب الإبادة الجماعية أو التطهير العرقي من منظور القانون الدولي الإنساني.

وفي كل الأحوال فان الدولة، أي دولة لها الحق في السيادة على أراضيها وشعبها مادامت تسوسه بما يتوافق والحد الأدنى من حقوق المواطنة ومراعاة حقوق الإنسان في العيش الكريم والحرية إلخ... مالم تتبنى أو تحمي أو تتجاهل أيا من الجرائم التي ذكرناها آنفا ... وفي كل الأحوال فإن أي تدخل أو اعتداء على السيادة لا يعدوا أن يكون إما تدخل سياسي (كتصريحات معادية أو دعم سياسي للتمرد داخل الدولة أو احتضان جماعات مناوئة أو ما شابه ذلك) أو جنائي مخابراتي (كالتخريب للمنشآت الوطنية أو التجسس وما شابه)وفي الحالة الأولى تلجأ الدولة لحماية سيادتها المهددة إلى وسائل سياسية في الغالب . خصوصاً إن لم يكن لها قبل بأساليب أخرى- من قبيل التنديد والاستنكار أو الشكوى لهيئة الأمم ومجلس الأمن مثلاً . أو سحب سفيرها أو قطع علاقاتها بالدولة المتدخلة . وفي الحالة الثانية فان عناصر التدخل - الأدوات - تكون بلا شك على أراضي الدولة فتتعامل معها السلطات عبر مؤسساتها من أمن وشرطة وقضاء وتنزل بالمخالفين العقوبات الرادعة ولا يمنعها ذلك من استخدام الوسائل السياسية الأخرى في وجه الدولة الضالعة في التدخل وانتهاك السيادة ..

هذا موجز مبسط حسب اطلاعنا المتواضع في هذا المجال ..ولكن ما يلفت نظرنا في الموضوع أن جرائم انتهاك السيادة هي بلا شك جرائم دولية (أي أن الفاعل فيها دائماً أحد أشخاص القانون الدولي -دول ومنظمات دولية) ومن المعيب عرفاً وقانوناً أن تتهم دولة ما مواطنيها هكذا تهمة دون أن يبدر منهم أيا من جرائم انتهاك السيادة المشار إليها لأن وصم المواطن بجريمة تهديد السيادة الوطنية يرادفها جريمة (العمالة ) لجهة أجنبية يلزم تحديدها واتخاذ موقف سياسي منها؟ ما لفت نظري لهذا الموضوع الظريف - يمنياً- ما نقلته وسائل الإعلام الأسبوع الفائت عن دولة الشيخ صادق أمين أبو راس نائب رئيس الوزراء للشئون الداخلية رئيس لجنة الإغاثة بحضرموت عن منع الحكومة للجمعيات الأهلية الخيرية من تلقي أي مساعدات من الخارج وتوزيعها على منكوبي الفيضان بحضرموت شاهراً في وجه هذه المنظمات الأهلية -المسجلة بوزارة الشئون الاجتماعية وفقاً للقانون - سيف ((السيادة) فنحن دولة، فلا تظن الجمعيات الأهلية بحضرموت أن الباب (مخلوع)!

وقد سمعنا كثير من مثل هذا الكلام من ( قيادات حزبية حضرمية) على الفضائيات المحلية والأجنبية يتهمون أهلهم بتسييس المساعدات, إلا أننا لم نعر ذلك اهتماماً لمعرفتنا بحجمهم ووزنهم في السلطة ومدى تأثيرهم في صناعة القرار!

أما وقد جاء مثل هذا التصريح على لسان رجل دولة في وزن الشيخ أبوراس فذلك يستحق التوقف عنده من منطلق احترامنا الكبير لهذا الرجل وتاريخ والده النقيب أمين أبو راس في الدفاع عن الثورة والجمهورية .. وبناءً على ما سبق من معايير قانونية لمفهوم السيادة تعالوا نقف على مفهوم السيادة في القاموس اليمني:

هناك عشرات بل مئات من المشايخ والوجهاء و(المسئولين) اليمنيين -من غير الحضارمة- يتقاضون (عطايا) سنوية بالعملة الأجنبية من دولة معروفة - يداً بيد- وليس بواسطة جمعية خيرية ولسنوات طويلة ولم يتهمهم أحد بخرق السيادة - فهم من (الثمانية) - بل أنهم وطنيون من الطراز الأول .

كما نظم السفير الأمريكي السابق ونائبه وربما الحالي- زيارات متعددة لمناطق وقبائل بعينها -ليست في حضرموت طبعاً- ووزع هبات ومشاريع -يداً بيد - دون أن يمثل كل هذا مساساً بالسيادة الوطنية.. وسبق أن هاجمت الطائرات الأمريكية مواطن يمني - مهما اختلفنا معه-على الأرض اليمنية وقيل لنا حينها

بالفم المليان( تعاون) !

و اتهمت وسائل إعلام رسمية ومسئولون في الداخلية اليمنية قبيل الانتخابات الرئاسية الماضية 2006م (نواب) يمنين -غير حضارمة أيضا - بتلقي أموال من دولة عربية محددة ! ولم يذكرنا أحد بالسيادة المذبوحة حينها .. بل صار هؤلاء زعماء وطنيين يشار لهم بالبنان! كل هذا وما خفي -علينا- لا يمثل انتهاك للسيادة اليمنية ؟ أما توزيع جمعيات حضرموت مساعدات أبنائها في الخارج على إخوانهم في الداخل فذلك لعمري يهدد السيادة الوطنية المصونة.. ليعذرني الشيخ أبو راس على هذه الحدة..لان وقع تصريحاته كان كالملح على جراحات أهلنا في حضرموت..

ولا يمكن أن يتفهم الحضارمة هذه التصريحات في سياق أي بعد سياسي وانتخابي كما تريدها المعارضة لأن حدسهم قبل تعبئة المعارضة يقودهم لتحليل الأمور ونصب أعينهم .

قول شاعر سيئون الحباني مع :

جابوا سعيد البيعري أهله وقالوا له تمن.......

لا صدق في البيعر ولا أمنه ولايتأمنون.

وأخيرا أنقل لإحدى أمهاتنا من وسط ركام وادي حضرموت

(نحن مستورون ولله الحمد ...لكن الوقت أتعبنا )

ومن عند قبة يعقوب بالمكلا قول الشاعر باحريز:

خشم منصوب ما تبرح عليه الذبابة

دقه الوقت وأحكام القضاء والمقادير

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى