وهل إجبار المواطن على انتخابات مفتوحة من الديمقراطية ؟

> محمد علي محسن:

> طلقة الكلاشينكوف تعبر عن عجز الكلمات بهذه الجملة للمفكر والمؤرخ الراحل الدكتور فرج فوده، يمكن لنا وصف مايحدث هذه الأيام بين المواطن والسلطة القائمة على شؤونه من جهة، لافرق لدي بين من يفترش لجنة انتخابية على مغادرة موقعها باستخدام السلاح أو أية فعل غير ديمقراطي أو حضاري وبين من يجبر المواطن على الامتثال لإرادته باستخدام القوة والمال والسلطة وغيرها من الأدوات والوسائل غير الديمقراطية أو شرعية، من السهل القول أن رفض عملية القيد والتسجيل يعد فعلا همجيا وفوضويا ولايستقيم مطلقاً مع النضال السلمي الديمقراطي، لكنه من الناحية الواقعية لايختلف كثيراً عما تقوم به السلطة السياسية من فعل فوضوي وهمجي لايمت بصلة لقواعد وأصول الانتخابات الديمقراطية المتعارف عليها .

قلنا في أكثر من تناوله بأن إقصاء أحزاب المعاضة الممثلة في البرلمان يعد بمثابة إسقاط ورقة التوت الأخيرة عن عورة الممارسة المختلة للديمقراطية والتعددية في البلد، مانشاهده في الوقت الحاضر من رفض أو معارضة اللجان الانتخابية لايعدو عن كونها تعبيرات احتجاجية تأخرت كثيراً عن موعدها نتيجة لمشاركة الأحزاب السياسية في الانتخابات البرلمانية والمحلية والرئاسية، لسنوات مضت وهذه الأحزاب المعارضة كانت تضفي على العملية المشوهة نوع من المشروعية أو التنافسية الضئيلةالحظ والرفصة، كما إن مشاركة الأحزاب في الانتخابات المختلفة جعلها تتحمل وزر النتيجة المخيبة للآمال من قواعدها وجماهيرها عند كل ممارسة انتخابية ومع تكرار الخسارة لأكثر من مرة وجدت للمقاطعة مساحة وكثافة بين هذه القواعد والأنصار ومانراه اليوم حصيلة حالة من الانتخابات السالفة غير المفضية لسوى خدمة من يستوجب التغيير، ولأن الأحزاب المعارضة صارت بحكم المقاطعة، فإن المواجهة انتقلت من مربعها إلى مواجهة من يحكم وظل في موقع البعيد عن الخلافات .

البعض من المسؤولين وصفوا ماحدث للجان الانتخابات بالفعل الفوضوي والهمجي غير الديمقراطي والسلمي وإذا مانظرنا لمواقع المتحدثين فلاشك أن طلقة الرصاص أو لغة التخويف والإكراه والترهيب المستخدمة نحو القائمين على عملية القيد والتسجيل ليست من الديمقراطية والنضال السلمي بشيء ومعهم كل الحق، فالديمقراطية تعني في المقام الأول احترام القانون والنظام، لاخلاف لنا مع القائلين بضرورة الانضباطية الواعية للديقراطية والتسليم بها كوسيلة وغاية ننشدها جميعاً، كما أننا نتفق كلياً مع هؤلاء على أن العنف والفوضى والخوف لايلتقون أبداً والوسائل الديمقراطية السلمية القائمة على الحرية والنظام والالتزام، وغيرها من الأدوات المنظمة لها .

ولكن وقبل هذا وذاك علينا ألا نفسر المسألة على هذا المنحى النظري الذي يتم تسويقه من القائمين على العملية الانتخابية، حتى وإن اتفقنا حوله كخيار ديمقراطي سلمي يتقاطع كليا مع الفوضى والعنف. دعونا نسأل لماذا بات الناس لايطيقون الانتخابات ؟ ولماذا لجأ المقاطعون إلى وسائل ديمقراطية عصرية ؟

أحد المنتفضين على هذه اللجان وجدته مجيبا على السؤالين معاً، ففي لحظة اعتراها الغضب إزاء محاولة البعض تعريفه مبادئ النضال السلمي تساءل عن ماهية المحقق للأحزاب والمواطنين والتعددية والقضية الجنوبية من عقد ونصف، وماإذا السلطة ديمقراطية وعصرية وتحترم إرادة الناخب المؤكد أننا أمام حالة مزمنة تفاقمت وتضخمت، والآن هي في طور النهاية، ربما القادم أسوأ بكثير في حالة إتمام الانتخابات على هذه الشاكلة، نعم ماحدث من المواطنين لاعلاقة له بالنضال السلمي، ولكن إجبارهم على الانتخابات الناقصة أيضاً يعد مصادرة لإرادتهم وحقهم المراد انتزاعه منهم بإمكانيات الدولة وسلطتها .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى