حضرموت بين الخير واللبن

> محمد باجنيد:

> تُذكر حضرموت دائما أنها حضرموت الخير، وآخرون يبالغون في (دلالها) عند ذكرها : حضرموت التاريخ والحضارة والأصالة.. ولذلك يرى الحضارمة في قول (حضرموت الخير والتاريخ والأصالة) أنه يأتي ضمن سياق الأغنية العربية الشهيرة: أمجاد ياعرب أمجاد، إذ لا خلاف في أن هناك عربا كانت لهم أمجاد، لكن أين الأمجاد العربية عند ظهور تلك الأغنية الحماسية، واليوم هناك حضرموت فأين الخير؟

ردة فعل شعراء الحضارمة المعاصرين كانت أن شبهوا حضرموت (بالبقرة)، أما المعنيون (المقصودون) من الشعر فإنهم منصرفون عن الانشغال بالحيوانات السائبة والبعوض والذباب في قرى وشوارع مدن ومستشفيات ومطاعم حضرموت، وحتى في سوق السمك فكيف بالبقرة !! وهي نظرة ترفع بقيمة حضرموت من أن تكون (صبابة لبن) إذ يرون فيها مجدا (أصالة وحضارة) وبالطبع آبار بترول وثروة سمكية ورجال أعمال كرماء وأراضٍ بيضاء تعطي عملة صعبة .

ومن أمثلة شعر الحضارمة في هذا السياق :

ياخير بقرة ضرعها مليان

ياراضع رضع

وطفلها ماشاف شي

مسكين يالطفل الرضيع

وآخر يقول :

دِرْ أنا ماباك دُر

أنت يبّسْت المليحة لي تدُر

والواقع أن الحضارمة لا يجدون في مدنهم مايفاخرون به (حلان) صنعاء - مثلا- من جسور وأنفاق ومستشفيات ومعاهد علمية وجامعات ومكاتب لشركات بترولية (فكيف إذا كانت المفاخر أمام مدن مثل دبي ومسقط والدوحة) !!.. غير المفاخرة في القول أنهم من حضرموت التاريخ ويمنعهم خجلهم التقليدي من القول بأنهم حاليا من (حضرموت .. البقرة الحلوب) .

ومن أجل فض النزاع بين الصوتين بحيث يكف من يعيد أمجاد حضرموت إلى الماضي قبل الوحدة عن التكرار وبين ما يردده بعض الشعراء الذين وقفت بهم (شاعريتهم) أمام البقرة فإن تدخل الدولة ينهي النزاع بين الجهتين بتقديم جهود قليلة من أجل منافع كثيرة بإعطاء أبناء الحضارمة الأفضلية في فرص العمل وتقديم الخدمات للشركات العاملة في مناطقهم مع إصدار قانون ملزم بفتح مكاتب في حضرموت لتلك الشركات ، وأيضا تدخل الدولة ، ولكن بحزم للحد من انتشار الجهل والتخلف بتلبية احتياجات المدارس من معلمين أكفاء وفصول مكيفة وساحات مشجرة وابتعاث المتفوقين للدراسة الجامعية والدراسات العليا إلى الخارج وافتتاح المعاهد العلمية وتطوير جامعة حضرموت، أما المجلس المحلي فعليه أن يبحث دعم ميزانيته بالحصول على نسبة مقنعة من كل العوائد المالية التي تخرج من حضرموت حتى ينتقل بالإنسان الحضرمي إلى القرن الواحد والعشرين، ويعلن المجلس رسميا أنه يقود نضالاً مشروعا وكفاحاً مريرا، وحرب شوارع طاحنة لمواجهة الحيوانات السائبة والحشرات الطائرة، وأنه عقد العزم في الحصول على مخلفات البترول (الإسفلت) لمكافحة المخلفات البشرية في شوارع المدن الخلفية ومعاقبة (فاعليها) .. ويعترف المجلس المحلي أنه توجد في مدينة مثل المكلا (جهات خدمية) مهمة موظفيها جمع (حق عبيد) وهو المصطلح الذي تطور إلى (حق القات)، وأن حضرموت منطقة منكوبة يجري التصدي فيها للقوى المتآمرة من فقر وتخلف وفوضى وبيروقراطية .

وعندما يتحقق النصر وتنام حضرموت نظيفة ومطمئنة إلى أن يتنفس أبناؤها هواء نقيا يمكن القول بأنه بدأ ربط حضرموت التاريخ وحضرموت الخير، لأن الجميع سيشرب من اللبن بمن فيهم أبناء حضرموت وتبدأ عجلة التنمية تسري في مفاصل العباد والبلاد، وبديهي فإن لهجة الشعراء عند ذك ستتجه إلى الحديث عن إنجازات، وليس عن آبار عفوا (أبقار) محلوبات.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى