التعايش المشترك ..!!

> ناهد فريد:

> الملايين من المصريين تابعوا انتخابات الرئاسة الأمريكية بشغف وربما قلق وخوف.. أعداد كبيرة منا دخلت مراهنات على اسم المرشح الفائز .. حدث كل هذا رغم أن أيا منا لاينتمي إلى أحد الحزبين المتنافسين (الديمقراطي أو الجمهوري)، ورغم أننا جميعاً كنا نعلم أنها انتخابات لاناقة لنا فيها ولاجمل ..

السبب الوحيد في هذا الاهتمام غير العادي من جانبنا.. رغبتنا الدفينة في أن (نعيش الحالة) .. حالة وجود انتخابات حقيقية, وربما تشوق إلى الشعار الذي رفعه (أوباما) التغيير..!! فشاركنا فيها عن بعد بتحمس, كل منا لمرشح بعينه وصولا إلى الرهان على نجاحه..

عشنا حالة الانتخابات إلى درجة أن بعضنا سهر حتى الصباح في انتظار إعلان النتيجة.. هذا مع اعتراف الجميع أنهم لايشاركون في انتخابات بلدنا (وأنا واحدة منهم للأسف) لأسباب كثيرة معروفة للجميع ولاداعي لتكرارها.. وأيضا مع اعتراف الجميع أنهم بالإضافة إلى عدم المشاركة.. فهم أيضا لا يهتمون بمتابعة النتائج، والسبب أن النتائج لدينا معروفة بدون انتخابات ولا فرز.

الحاجة الغريبة يا أخي أني اكتشفت أخيراً أن أمريكا بجلالة قدرها (ماعندهاش) أمن مركزي، ويمكن (ماعندهاش) شرطة من أساسه..!!

هذه الانتخابات المليونية (نسبة للملايين اللي شاركو بحق وحقيق) لم أجد فيها عسكريا واحدا واقفا على باب لجنة.. ولا أمنا مركزيا ينظم الدخول (تحديدا يمنع الدخول) .. ولاناس (بتنط) من فوق الأسوار لتدلي بصوتها في الانتخابات رغما عن عين الأمن..

هذا التخلي الأمني عن تأمين الانتخابات حدث في بلد شهد أفظع الجرائم الإرهابية في القرن (أو هكذا يصفونه)، ورغم ذلك ربما لعدم وجود وزارة للداخلية لديهم .. تكاسلوا عن تأمين المقرات الانتخابية واللجان وصناديق الاقتراع .. وبعد كل هذا يسمون أنفسهم عالم متقدم .. بدري عليهم قوي .. !!

الزميل إبراهيم عيسى، كتب الأسبوع الماضي مقالاً بجريدة الدستور عنوانه (التعايش المشترك) .. شرح فيه كيف أصبحنا نحن المصريين نتعايش مع المصائب بدلاً من مقاومتها أو محاولة تغييرها.. وضرب مثلاً دلل به على هذه القدرة الفذة لدينا في التعايش مع المصائب.. بأننا أصبحنا مثل الذي على سريره جثة فقرر أن ينام بجوارها بدلاً من محاولة دفنها ..

ساعة قراءتي لهذا المقال اكتشفت أنني واحدة ممن تعايشوا مع المصائب بطريقة أو بأخرى ..

فأنا بحكم سكني في حي المنيل .. أمر من شارع المنيل الرئيسي كسبيل واحد للخروج من المنيل إلى أي منطقة أخرى .. وفي العودة أسلك متحف المنيل كسبيل للدخول ..

من شهور طويلة وأنا أتابع كم القذارة والإهمال في حي المنيل .. القذارة المتمثلة في صناديق القمامة .. اختاروا أماكنها بعناية فائقة .. مكان التمركز الأول في ميدان الباشا أمام جامع ومستوصف طبي تابع للجامع، والصناديق تطفح من زبالتها ليل نهار .

ومكان التمركز الثاني في بداية شارع المتحف أمام مركز شباب المنيل، ومدرسة إعدادية، وصندوقين رغم ضخامتهما تطفح منهما الزبالة على الجانبين ليل نهار، وهناك تمركز ثالث في منتصف الشارع وهذا التمركز لحسن الحظ لاهو جامع ولا مدرسة.. لكنه مكان عادي، ولكن بنفس المواصفات ..وقس على ذلك باقي شوارع المنيل .. مثل عبدالعزيز آل سعود وغيره.

سكان المنيل وأنا واحدة منهم تعايشوا مع الجثة (الزبالة) وناموا بجوارها.. لا في مدرسة اشتكت ولا مستوصف أو جامع طالب بحقه في النظافة التي هي أبسط حقوق الإنسان، هذا مع العلم أننا في حي مثله مثل باقي الأحياء ندفع رسوم النظافة إجباريا على فواتير الكهرباء بالإضافة لرسوم إجبارية أخرى ندفعها صاغرين للزبالين.. مقابل جمع القمامة من العمارات ..

ولن أحدثكم بالطبع عن الكائنات الحية الأخرى التي نتعايش معها نتيجة لهذه القذارة التي نحيا فيها.. مثل الفئران والعرس والسحالي .. وهي شيء لزوم الشيء .

الله يسامحك ياإبراهيم.. ماكنا متعايشين والسلام .. لازم تقليب المواجع ..؟!

تعالوا نبعد عن الزبالة والقرف.. سمعتم آخر نكته..؟!

واحد فوجئ بفاتورة التليفون تحمل رقما خرافيا قيمة مكالمات تليفونية.. أرغى وأزبد مثله مثل كل الرجال في هذه الظروف، وأيضاً مثله مثل كل الرجال حلف بأغلظ الأيمان ليقطع خط التليفون..وصدق في يمينه وقام فعلاً بقطع خط التليفون.. ولكنه فوجئ بعد قطع الخط بفاتورة تصله تحمل قيمة خاصية إظهار رقم الطالب عن الشهور الثلاثة الأخيرة.. ذهب للسنترال ليخبرهم أنه قطع الخط.. قالوا له: فعلاً قطعت الخط، لكنك لم تلغ خاصية إظهار رقم الطالب ..!!الحدوتة حصلت بحق وحقيق.. وليست مجرد نكته .. تذكر أنك في مصر .. !!

(نقلا عن الزميلة «صباح الخير» العدد 2758 11 نوفمبر 2008)

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى