في الذكرى الـ 41 للاستقلال الوطني.. حرية تحققت بالنضال وللنساء بصمات فيها

> لبنى الخطيب:

> نحتفل في الـ 30 من نوفمبر من كل عام بذكرى عزيزة على قلوبنا يوم تحررنا وإعلان استقلالنا الوطني بجلاء الاستعمار البريطاني في 30 نوفمبر 1967م ، الذي جثم على أنفاس وطننا وشعبنا في جنوب اليمن المحتل.

و استفاد من خيراتنا وممراتنا البحرية العالمية لأكثر من 129 عاما ، ومنذ اليوم الأول لوصوله إلى عدن في 19 يناير 1839م واجه مقاومة من أبناء عدن المسالمين والعزل وبإمكانياتهم البسيطة ، ولم يقفوا حينها موقف المتفرج ومكتوفي الأيدي أمام قوات الاحتلال بل طوروا أساليب الكفاح والنضال في مختلف أراضي الجنوب المحتل في الريف والمدن .

وانخرط العديد من المواطنين في تنظيمات سياسية سرية لتنظيم صفوفهم وعملهم الفدائي والسياسي ضد المستعمر البريطاني ، و سطر شعبنا بالدماء والأرواح نضاله وثورته وبذل كل غال ونفيس لتحقيق النصر والحرية .

فاشتدت مرحلة الكفاح المسلح ضد المستعمر البريطاني وذاق فيه المحتل صنوفا عديدة من العمليات الفدائية والوهج الثوري والسياسي والإعلامي في كل شبر من أرض جنوب اليمن المحتل ، ومما أرغم القوات البريطانية بالموافقة للجلوس إلى طاولة مفاوضات استقلال جنوب اليمن التي انعقدت في مدينة جنيف في الفترة 21 - 29 نوفمبر بين وفد المملكة المتحدة ووفد الجبهة القومية، الذي تشكل من أعضاء الوفد الوطني الرسمي: برئاسة السيد قحطان محمد الشعبي وعضوية كل من: سيف الضالعي ، عبد الفتاح إسماعيل، فيصل عبد الطيف الشعبي.

والوفد البريطاني برئاسة اللورد شاكلتون ، وعضوية كل من : إ . ج . ويلتون، ار . او . مايلز ، ب . ل . كروي.

كما ضم الوفد الوطني اليمني عدة لجان فنية ومالية وعسكرية، من السادة المحترمين:

خالد عبد العزيز ، عادل خليفة ، العقيد عبدا لله صالح العولقي ، ومحمد البيشي وعبدالله صالح سبعة.

إن صور نضالات شعبنا كثيرة و لا تكفي هنا الأسطر لسردها ، ويسعدني أن أنقل صورة من صور ملحمة النضال التي خاضها شعبنا اليمني ودور المرأة اليمنية في عدن والريف إلى جانب أخيها الرجل وحتى نيل استقلالنا الوطني .

إذ كان للقطاع النسائي السري في تنظيم الجبهة القومية والتنظيمات السرية الأخرى أهمية خاصة لا تقل عن كافة القطاعات الفدائية و الشعبية والطلابية أو العمالية، ودوره فعال و الدينامو المحرك لكافة الأنشطة، إذ معظم المهمات السرية كانت توكل للقطاع النسائي للقيام بها وأبرزها نقل الأسلحة من منطقة إلى أخرى وإخفاؤها تحت (الشيادر ) والمرور بها من نقاط تفتيش القوات البريطانية بعد عمليات تمويه، وبالإضافة إلى طبع المنشورات وتوزيعها في أطر الخلايا والقواعد لتوزيعها في شوارع المدينة .

وكما وقفت المرأة إلى جانب أخيها الرجل في وقت المحن واشتداد المراقبة عليه وتضييق الحصار على الثوار حيث كانت الأخوات المتأطرات في التنظيمات السياسية المختلفة وبمساعدة أهلهن يقمن بإيواء الفدائيين المطلوبين من قبل السلطات البريطانية في منازلهن ، وهناك نماذج كثيرة لنشاط المرأة في مرحلة النضال لم تمح من ذاكرة من خضنها بحلوها ومرها ومنها على سبيل الذكر كما حدثتني إحدى عضوات الخلايا السرية للجبهة القومية وهي المناضلة سميرة قائد أغبري وعرفت حينها باسمها الحركي (مريم) قائلة :

«ذات يوم كنت أشارك مع الأخت القيادية فطوم علي أحمد (فطوم الدالي) بطباعة المنشورات في منزلها بالمعلا وضمن نشاطي السري أتذكر حدثا لا يمكن أن يمحى من ذاكرتي .

فمع اشتداد المد الثوري والكفاح المسلح في 1966م واشتداد الهجمات على القوات البريطانية كان يجب علينا في ذلك اليوم طبع المنشورات وتوزيعها في التواهي، وكنا حريصات على إخفاء أي أثر بعد طباعتها وبعد خروجنا من البيت في المعلا متوجهات إلى منطقة التواهي لتوزيع المنشورات ونحن نسير على الطريق بسيارتها الخضراء صادفنا قوات كتيبة بريطانية في جولة حجيف للطريق المؤدي إلى التواهي ولكنها بحنكتها وتصرفها المسؤول اقترحت علي الأستاذة فطوم أن أجلس فوق المنشورات وأتظاهر بالمرض وقالت أنا سوف أتصرف مع الجنود الإنجليز وهدأت من سرعة السيارة ولكونها تجيد اللغة الإنجليزية وبلباقتها قالت للقوات البريطانية بأنه معها مريضة ولابد من إسعافها إلى المستشفى بالتواهي (بجبل هيل) والحمد لله مشى الموضوع على الإنجليز إلا أنه تكرر لنا نفس المشهد حيث فوجئنا بكتيبة أخرى أمام فندق (روك هوتيل) حاليا 26 سبتمبر بالتواهي والحمد لله تصرفت نفس التصرف بالادعاء «هذه مريضة ومحتاجة لنقلها إلى المستشفى» إلى أن وصلنا هدفنا وسلمنا المنشورات للقيادة في منطقة التواهي».

والأمثلة كثيرة لنضال شعبنا اليمني وذاكرة التاريخ حبلى بالكثير لتلك المرحلة فوثائق وأدبيات الثورة اليمنية وذاكرة الكثير تختزن ملاحم بطولية لرجال ونساء قدموا المساعدة في إطار إمكانياتهم المالية أو المعنوية بالمساندة والوقوف إلى جانب الثوار الشرفاء، وعلى سبيل المثال استعدادات المواطنين بالمساعدة بالإسعافات الأولية أو وضع براميل المياه بجانب أبواب المنازل أو المحلات التجارية مع (حبات) البصل المقطعة لتقديم المساعدة لجموع المشاركين في المسيرات والاعتصامات المنددة بقوات الاحتلال، التي تعمد إلى تفريقهم بإطلاق الرصاص الحي أو القنابل المسيلة للدموع .

فلنفتخر جميعنا بتاريخ نضال شعبنا اليمني حتى تحقيق النصر وجلاء آخر مستعمر بريطاني وإعلان جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية وعاصمتها عدن في الـ 30 من نوفمبر 1967م.

كل عام والشعب اليمني في ازدهار وإبداع في ملاحم البناء والتعمير والثقافة وشتى مناحي الحياة وتعزيز اللحمة الوطنية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى