30 نوفمبر ..الاستقلال والاستغلال

> نبيل السعدي:

> بعيدا عن العزف على أوتار الوطنية والدينية والعربية نستطيع أن نقول إن يوم الـ30 من نوفمبر 1967 لم يكن يوم الاستقلال الوطني المجيد الحقيقي والمأمول، وذلك لأسباب عديدة، منها أولا أن الاستعمار البريطاني قد خرج من الوطن وحل بديله الاستعمار السوفيتي الذي هو أسوأ بالطبع، وثانيا عانى الوطن والشعب من الركود والجمود والظلم والقهر منذ الاستقلال وحتى تحقيق الوحدة اليمنية التي كانت تعتبر بمثابة طوق النجاة للجميع، فإذا هي تضيق الخناق على رقابهم، وخصوصا في الجنوب الموروث هما وظلما وألما، وبدلا من الإنقاذ ومعالجة ذلك بأولوية وواقعية وإنسانية زادوا واكتملوا معاناة ومآسي بما لم يعانوه ويقاسوه سابقا من باقي السيئات من قبل كل الحكومات السابقة، وبرزت أقبح وأسوأ صور وأشكال الفساد والاستغلال السلطوي والإنساني المقيت مثل النهب والسلب والعبث والفوضى والإقصاء والتهميش والقهر والفقر والإذلال.

إن الاستقلال الحقيقي على المستوى الشعبي هو التحرر من كل القيود والضغوط المعيقة لنهضته وتطوره وبنائه الفكري والنفسي والبدني والعلمي والعملي والإحساس بالوطن والمواطنة المتساوية وصون وحماية الحقوق المادية والروحية، وعلى المستوى الرسمي والحكومي هو الاستقلال بالرأي والقرار واتخاذهما بما يحقق ويخدم مصالح وأهداف الشعب والوطن على المدى القريب والبعيد وعلى المستويين الإقليمي والدولي.

وإن الاستقلال الحقيقي هو الذي يعود فيه أبناء الوطن المهجرون والمهاجرون والمغتربون إلى وطنهم الأم، لا أن تستمر الهجرة والاغتراب إلى ما لا نهاية، وإلى كل أصقاع العالم، فالوطن الحقيقي هو الذي يحتضن أبناءه بدفء وحنان، لا أن يتنكر لهم أو يقسو عليهم، وهو الذي يوحد ويؤلف بين الناس بالمحبة والخير وليس بـالآلام والمعاناة فقط كما هم متوحدون الآن كذلك، وهو الذي يرفع من مستوى حياة ومعيشة الشعب في كل مناحي الحياة ويدفعهم إلى التطور والتقدم، ويأتي دوما بالأفضل وليس العكس وفقا للقيم والأخلاق والضوابط والقوانين.

ختاما نقول وبكل وضوح إن الكثير من الذين عايشوا زمن الاستعمار البريطاني لايزالون يتذكرونه بكل خير (معيشة ونظاما).. وحتى لا نتهم الجيل السابق بالحنين للأيام الخوالي أو بالعمالة نقول أيضا وبوضوح أكثر إن الكثير من جيل وأبناء الثورة والوحدة لا يتمنون صدى تلك الأيام وحسب، بل وأن يعيشوا في قلب أو أطراف بريطانيا نفسها أو حتى في أية دولة من دول العالم، ورغم أن فقر الإنسان في الوطن غربة وغناه في الغربة وطن كما يقال إلا أن الوطن يظل دوما وأبدا عزيزا وغاليا وفي قلوب وعقول أبنائه أينما حلوا ورحلوا، وكما قال الشاعر المحضار - رحمه الله: «واويح نفسي لا ذكرت أوطانها حنت/ ولاهي في مطرح الخير رغبانه» مهما أراد الفاسدون والمتسلطون غير ذلك إلا أنهم زائلون كغيرهم، وحتما - بإذن الله تعالى وبإرادة وعزم ونضال الشعب - سيأتي يوم الاستقلال الحقيقي المجيد والمنشود حقا، قولا وفعلا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى