حكاية قُبّة الثور

> عمر محمد بن حليس:

> كثيرة هي الحكايات والقصص والأمثال منها سمعناها والأخرى لم نسمعها، إلا أن تعاقبها بين الأجيال من السلف إلى الخلف وخلف الخلف، يظل السائد، فتبقى عالقة متشبثة في الذاكرة، وإن هرمت أو أدخلت عليها بعض الجمل والعبارات، أو اختلفت في بعض مفرداتها، إلا أن المضمون لا يتغير، الأمر الذي جعل من الممكن إدخال إسقاطات عليها تكون في الغالب بمثابة رسائل معنونة!!، وعلى هذا الأساس يمكن التأكيد أن الحكايات والقصص والأمثال غزيرة، وتحمل في بطنها مدلولات ومعاني عميقة.

وحكاية (قبة الثور) أو (ضريح الثور)، كما أطلق عليه زميلنا قائد زيد في استطلاعه الموسوم: يافع مديرية بحجم محافظة، نشر في العدد 5480 بتاريخ 13 أغسطس 2008م من صحيفتنا الغراء «الأيام»، حكاية عجيبة ومعبرة، فيقال أن رجلاً كان يملك (ثوراً) يقوم بحرث وسقي أرضه، وفي إحدى المرات مارس الرجل (الذكاء) على (ثوره) إذ ظل يعمل عليه من شروق الشمس حتى مغيبها، وكلما غمزه (الثور) بنظرة تعني طلب شيء من حزمة القصب، يقول له باقي من العمل القليل.. وهكذا حتى فارق (ثوره) الحياة من شدة الإعياء وطول الانتظار وعينه على حزمة القصب!!

(الثور) فارق الحياة، والأرض أصبحت جاهزة ومستوية، وحزمة القصب في إحدى زوايا الأرض وتسمى بلهجة يافع (الدور)، فيقال (مات الثور والحزمة بالدور)، وإكراماً من الرجل (لثوره) - بعد أن مات طبعاً-عمل له القبة (الضريح) فسميت وحتى اليوم (قبة الثور) وهي في قرية رباط العبادي بلبعوس، وأعتقد أن الرجل شعر بذنب اقترفه بحق (الثور) المسكين الذي كان أكثر صدقاً ووفاء مع صاحبه، لكنه خيب ظنه في صاحبه الذي كان شديد الحرص على أن يرى الأرض مستوية وبأقل تكاليف ومن دون خسارة حزمة القصب!

هكذا كان يفكر ولم تخطر على باله تلك اللحظة الأليمة التي وقع فيها الثور أرضاً وانتقلت روحه إلى بارئها، تاركاً وراءه الأرض وحزمة القصب وصاحبه على أمل أن يراه يوم اللقاء الأكبر، فيشكوه إلى من ينصفه مما لحق به في حياته من صاحبه ذي القلب القاسي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى