إنها تدور..!

> عبدالقوي الأشول:

> هكذا تقول العرب: «ومعظم النار من مستصغر الشرر»، والشرر الواقع اليوم قد يبدو خارج ما درجنا على القول به عن أنفسنا من أننا بلد الحكمة خاصة وأن منعطفات التاريخ القريب تشير إلى عدم التزام نهج الحكمة في الكثير من المواضع التي كان يفترض تحكيم العقل والمنطق إزاءها، وهنا يبرز السؤال الأهم: هل السلطة والمعارضة تمتلكان ضمانات عدم انزلاق الأمور إلى مهاوٍ سحيقة يصعب عندئذ السيطرة عليها؟

ثم هل درجة الوعي الاجتماعي لدينا محصنة من وصول الأمور إلى الأسوأ؟

فاتجاهات السلطة وخطابها السياسي ماضية في اتجاه مجازف وربما مستصغر شأن الطرف الآخر مقللة من حجمه من منبع شعورها -أعني السلطة -بقدرتها على إظهار أكثر من بديل واللعب بأوراق كثيرة قد تكون كفيلة بلي ذراع الآخر أو تجاوزه.. وهي غاية لا تحتسب معها ما يمكن أن يتكشف جراء ذلك في حين يبدو تماسك المعارضة هشا في الكثير من جوانبه وغير متفق مع حراك الشارع في الكثير من القضايا، وعملية الخلط القائمة تضع الوضع برمته في حال يصعب التكهن بنتائجه وقابل للخروج عن السيطرة أو الحكمة المزعومة ربما من نتائج انعكاسات وضع مأزوم تجري تغذيته بروافد خطاب سياسي غير عقلاني وتصريحات مستفزة.. يغني فيها كل على ليلاه. وقراءة المشهد الراهن من جوانب عدة تبين عملية التدرج في خطأ المعالجات التي تلازمت والحراك الجنوبي من حلول ترقيعية وطرق تسويف وجس نبض لم تفض أي من نتائجها إلى حلول فعلية حتى مع ما تم تشكيله من لجان لدراسة ملفات قضايا عدة. والمؤسف أن الوضع حاليا آخذ منحى مختلفا تماما عن حدود تلك البدايات أو النيات الحسنة إلى سبل عقابية طالت بعضها رواتب عدد من العسكريين الجنوبيين، إما بوقف الراتب أو وضع أعداد منهم أمام خيار البقاء في معسكرات لا توفر لهم أدنى معايير البقاء والعيش الكريم وممارسة المهام، أن يلزموا البقاء فحسب إن هم أرادوا الحصول على رواتبهم الزهيدة، ومبرر تلك الخطوة احتساب هؤلاء على مسمى حراك الجنوب غير المعترف به من قبل السلطة.

ليس ذلك فحسب.. فهناك تحريض واعتداء مباشر على ممتلكات بعض من هم مناصرون لرموز الحراك الجنوبي وشتائم مستفزة وأوصاف غير لائقة كوصف الصوت الجنوبي بنباح الكلاب ونحوها من مفردات يفترض أن لا تكون لو التزمنا العقلانية في التعاطي مع الأوضاع القائمة التي تبدو مفصليتها أشد تعقيدا عند محطة الانتخابات والمقاطعة، وهي بمجموعها قضايا حساسة نتاج وضع تراكمي لازمته أخطاء عميقة لا يمتلك أي من أطراف اللعبة السياسية القدرة على تجميدها عن حدود ما على سطح الواقع من تداعيات مشحونة بخطابات تحريضية.. لا أحد يتحكم بقدر تأثيراتها عند الشارع بمختلف طبقاته وولاءاته.

فحبذا ياهؤلاء لو أن القافلة تسير والكلاب تنبح على ما في الكلاب من وفاء، إلا أن الطامة الكبرى أن القافلة أيضاً لا تسير، إنها تدور حول نفسها وفق صيحة جاليلو أمام رجال الكنيسة في العهود الظلامية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى