دعوة الرئيس والأزمة .. ورؤية هدران

> أحمد السيد صالح عيدروس:

> نالت رؤية الحكم المحلي كامل الصلاحيات المقدمة من الأستاذ محمد صالح هدران وكيل أول محافظة أبين عضو اللجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي العام، التي أعدها في فبراير العام الجاري ونشرتها صحيفة «الأيام» يوم الأحد الماضي 7/12/2008م في عددها (5576) قبولا لدى الكثيرين من السياسيين بمختلف أطيافهم السياسية وتجاذبت وتقاربت حولها الآراء بالتأييد والاعتراض والرفض والتحفظ، فتناولها ومناقشتها أثناء إجازة العيد وتحولها إلى حديث الساعة كشف عن أهميتها والبعد السياسي الذي احتوته كحل للخروج من الأزمة السياسية الراهنة .

وتتميز الرؤية بخصوصية مختلفة عن غيرها من الرؤى لصدورها من شخصية سياسية تنتمي للحزب الحاكم وأحد مؤسسيه في المحافظات الجنوبية (أبين) إلى جانب أنها عكست شجاعة كاتبها في طرح تلك الأفكار لإصلاح نظام الحكم برمته وتعبير واضح عن رفض سلبيات النظام الحالي وما أفرزه في الواقع السياسي وتعامله مع كثير من القضايا السياسية الوطنية المهمة سواء أكانت سياسية أو اجتماعية أو الحقوقية، التي لم يكن أحد يتوقع أن تصدر من أي سياسي ينتمي للحاكم (المؤتمر الشعبي العام) خصوصا (الشركاء من المحافظات الجنوبية والمدافعين عن الوحدة في 1994م) قد تفسر من البعض تفسيرات مختلفة ومتفاوتة لكن هناك تفسير واحد يظل قاسما مشتركا للآراء وهو الحرص السياسي الذي أبداه من خلالها الأخ هدران على الوطن اليمني ككل وتعزيز الوحدة اليمنية وبما يضمن إقامة دولة النظام والقانون والمؤسسات للحد من الأزمات السياسية المتكررة في بلادنا .

وهنا لابد لي من الإشارة حول تقارب خطوط الرؤية مع إشارة فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية للحوار في خطابه الذي ألقاه في ملعب 22 مايو في 29 نوفمبر بمناسبة الذكرى الـ41 للاستقلال الوطني وكذا ما ردده فخامته في خطابه يوم الثلاثاء 2/12/2008م أثناء زيارته لمحافظة أبين قائلا:«أهنئ أبناء المحافظة بانتخاب المحافظين من خلال المجالس المحلية في اتجاه الحكم المحلي الكامل الصلاحيات فنحن قادمون على حكم محلي كامل الصلاحيات إن شاء الله في كل أنحاء الوطن وأعتقد أنه الحل الأفضل».

فالأمور تكاد تكون واضحة بمعاني المفردات والمسميات فاستنتاجات الواقع السياسي في ضوء ما أفرزته الأزمة القائمة بين السلطة والمعارضة تؤكد فشل حلحلة الأزمة التي تزداد تعقيدا حول الانتخابات النيابية القادمة ووصول أحزاب اللقاء المشترك إلى المربع الأشد خطورة وهو تحريك الشارع اليمني كورقة ضغط قوية جعل السلطة تفقد صوابها في التعامل مع الأزمة بل استشعرت بالخطر لاسيما مع ازدياد تأثير الحراك الجنوبي وتحريك مشاعر المواطن في المحافظات الجنوبية ومشكلة صعدة التي يمكن القول أنها في مرحلة استراحة مقاتل، كل هذه المعطيات تضع السلطة أمام خيار إعادة النظر في تعاملها مع الأزمة والابتعاد عن سلوك المكابرة والاعتراف بالأزمة لوضع المعالجات الصائبة لها، وما يلوح به خطاب السلطة والتحول الجذري فيه يجعل الكثير منا يربط ما ورد في خطاب فخامة الرئيس في أبين وعدن والرؤية المقدمة من الأستاذ هدران التي لاشك في أنها فكرة طيبة ومباردة شجاعة تصب في معالجة وحلحلة الأزمة جذريا رغم النواقص لكنها تحمل في طياتها إشارات إنذار مبكر عن استفحال الأزمة يستوجب النظر لها بعقلانية، فقد تركزت إجمالا على ضرورة قيام حكم محلي كامل الصلاحيات في شكل أقرب ما يكون إلى الفيدرالية المقنعة بمسميات الحكم المحلي وغيرها وهذا ما يقودنا بالضرورة للتفريق بين مفهومي الحكم المحلي الواسع الصلاحيات والكامل الصلاحيات الذي يعطي مفهوما واضحا بتقليص الصلاحيات المركزية عكس الواسع الذي يتيح للمركز الاحتفاظ بصلاحيات أكثر، ومن المفيد أن الرؤية قد شددت على جانب الرقابة والتخطيط كهيئتين يمنع الانفراد بهما من قبل السلطة أو المجالس المحلية في الإقليم وكذلك القضاء المستقل وعملية إدارة الانتخابات .

ومن قراءة الرؤية تبين بشكل جلي أنها نتاج حقيقي مستمد من التجربة العملية للأستاذ محمد صالح هدران من خلال عمله في المجالس المحلية ووكيل محافظة أبين وإن كانت تحتاج إلى تدعيم وإثراء لكنها تعد ثمرة جهود لإيجاد الأساس المتين وحرص كاتبها بتركها مفتوحة للإضافة أو التعديل لمشاركة العلماء وأصحاب الرأي والعقول النيرة لإخراجها إلى حيز الوجود وبما يلبي إقامة دولة مقنوننة يقف فيها الجميع سواسية أمام القانون ويشترك كل أبنائها في التنمية بروح وطنية صادقة تتوافق مع متطلبات المواطن وخاضعة للرقابة الشديدة كي لا تتحول السلطة فيها إلى أداة لتفشي الفساد ولهدم المجتمع بل لتكون أداة فاعلة للتخطيط والتنمية وإقامة العدالة المجتمعية لتصبح فيه الديمقراطية وسيلة ناجحة للبناء والحكم وللتداول السلمي للسلطة عبر أداة الانتخابات الحرة والعادلة التي تضمن تجسيد هذا المبدأ، ومع ذلك «فالكمال لله سبحانه وتعالى» كما قال كاتبها لكن ثمة محطات مرتبطة بالرؤية يجب التوقف عندها وتحديد ما إذا كانت الظروف مهيئة للأخذ بها لاسيما وأنها أعدت وقدمت في فبراير 2008م وفي واقع سياسي مختلف عن ماهو عليه اليوم سواء للحزب الحاكم أو لأحزاب المعارضة أو للحراك الجنوبي أو مشكلة صعدة.. فهل الواقع السياسي اليوم لتلك الاتجاهات السياسية والمجتمعية لايزال يستوعب هذه الرؤية كحل أمثل للمعضلة الراهنة؟.

* عضو المجلس المحلي م/أبين

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى