الذكرى الثانية لرحيل أرملة عميد «الأيام» الحاجة سعيدة محمد عمر الشيبة (جرجرة)

> لبنى الخطيب

> في الحادي عشر من ديسمبر 2006 يوم الإثنين المبارك وفي الساعة السابعة والنصف مساء وبعد إقامتها لصلاة العشاء ذهبت لترتاح على سريرها وكانت تلك اللحظات الأخيرة من حياتها، حيث توقف عن الخفقان قلبها.

الذي حمل الحب والحنان للجميع، وهي المرأة الفاضلة و الأم والزوجة والأستاذة والمحبة للخير طول عمرها.. إنها الحاجة سعيدة محمد عمر الشيبة (جرجرة) ألف رحمة عليها، و كلنا يعرف أن لكل إنسان أجل، وقد وافتها يد المنون وهي طاهرة راضية مرضية وأسلمت روحها للخالق البارئ - لا اعتراض على حكم الله - إنه القدر المحتوم والأجل المكتوب.. إنا لله وإنا إليه راجعون، وقد ناهزت الثانية والثمانين عاماً قضت معظم حياتها في عدن الطيبة والولادة بالطيبين.

عرف عن السيدة الفاضلة أم هشام الكثير من الصفات الطيبة ووجهها السمح الذي حمل ملامح كثيرة من المعرفة والثقافة وسعة الاطلاع لما تختزنه من خبرة ومعرفة بالحياة ومن الحياة وجميع من عرفها لمس ذلك فيها .

الخالة سعيدة - رحمها الله - أحبت الحياة وأجادت التعايش معها في كل مرحلة و حقبة زمنية بسعة قلبها الكبير المعطاء والدائم بالخير, ومن حبها لله وكرمها للآخرين مما أكرمها الله لم تكن تبخل في مساعدة الآخرين ومد يد العون للمحتاجين في كل الأوقات، وقد قيل كثيراً من المراثي والتعازي في وفاتها، ومهما قيل نظل منقصين في حق هذه الأم والمناضلة والزوجة وصاحبة الأيادي البيضاء، وهي نعم الزوجة الوفية لزوجها عميد «الأيام» في وقت الشدة ووقت الرخاء. وكما عُرف عن الحاجة سعيدة إجادتها خياطة الملابس في شبابها وكانت تسعد كثيراً في تقديم المساعدة للأسر المحتاجة و بناتهن المقبلات على الزواج، وتجهز فستان للعروس ومن ماكياج و حتى تسريحة الشعر وتخرج العروس بكامل أناقتها من منزل (أبو هشام) لتزف إلى عريسها، وساهمت كثيرا في إدخال الفرح في قلوب الجميع.

إن ما قدمتيه من خير وإحسان على مدى حياتك يا حاجة سعيدة هو في ميزان حسناتك إن شاء الله في اليوم الموعود، وكما تميزت في طبخ البخور العدني المميز والعطر المجموع، وهو من الموروث الثقافي للمرأة العدنية ومكملاً لزينتها التي تميزها عن سائر النساء في اليمن أو على مستوى دول الجوار والعالم. ومن صورك الطيبة العطرة كنت تحبين تمضية الأوقات مع صديقاتك، ومن طرائفك الجميلة آنذاك تغييرك لتوقيت ساعة الحائط في منزلك وتأخيرها ساعة زمن للخلف لكي لا تشعر صديقاتك بمضي الوقت سريعاً لسعة صدرك، ورغم أن بيوت زمان كانت صغيرة المساحة، ولكن قلبك الكبير اتسع للجميع.

وكما عرف عنك يا حاجة سعيدة كنت نعم الزوجة المساندة لشريك حياتك الأستاذ المغفور له- بإذن الله تعالى- محمد علي باشراحيل عميد صحيفة «الأيام» أعرق وأرقى مدرسة ومؤسسة صحافية على مستوى الجزيرة والخليج العربي، الذي أوجد في عدن مدرسة صحافية جديدة، فكانت مشعلاً تنويرياً يضيء سماء اليمن بالثقافة الحرة التي حملت إلى القراء المعلومات الصحفية المفيدة ، كما كانت هناك إصدارات أخرى للعميد قبل«الأيام» ومنها «الرقيب» باللغة العربية وإصدار باللغة الإنجليزية «ريكوردر».. وواصل هشام وتمام باشراحيل السير على خطى والدهم وإلى جانبهم بعد ذلك الجيل الثالث من «الأيام» و هم حفدة(العميد) و جميعهم واثقو الخطى على هدي الطريق الذي رسمه مؤسس «الأيام»، و تكللت نجاحاتهم الدائمة بإصدار «الأيام الرياضي» ولمعت إلى جانب «الأيام»، لكونهما من أهم الإصدارت الصحفية في اليمن و أكثر تداولاً، ويحرص القراء في الداخل والخارج على متابعتهما.

خالة سعيدة - يرحمك الله - وكم أشتاق لك وللاستماع لحديثك الجميل.. كنتِ تحرصين على التواصل هاتفيا مع صديقات عمرك في ذلك الزمن الجميل والبسيط ومنهن خالتي خولة.. كنتُ أسعد بالحديث معك و كلامك المطعم بالحكم والأمثال العدنية القديمة، و أقول لك فيك الخير ياخالة سعيدة لازلت تذكرين صديقات زمان وترددين قائلة: «ثوب أول ما يتبدل» بما معناه أن الإنسان الأصيل لا تغيره الأعوام، ويظل محافظا على علاقته مع الآخرين.

وكما أتذكر زياراتي المتباعدة لك وبجانبك أعداد من صحيفة «الأيام» و ليس غريبا على قراءتك لها، فأنت من أسرة معروفة ورائدة في عدن أتقنت فهم الحياة والمعرفة والتنوير، وكما أجدتِ القراءة والكتابة كنتِ خير مدرسة لأبنائك..قال شاعر النيل حافظ إبراهيم :

الأُم مـدرســةٌ إِذَا أَعددتــهـا أَعددت شعبـاً طَيـب الأَعراقِ

الأُم روض إِن تعهده الحـيا بِـالـري أَورق أَيـما إِيـــــراقِ

الأُم أُسـتاذ الأَسـاتذَة الأُلَـى شغَلَـت مـآثرهم مدى الآفَـاقِ

الحاجة سعيدة حملت كثيراً من الحب والاهتمام للآخرين وبادلتِ الجميع الحب نفسه، و حرص الأهل و صديقات عمرها والجارات على زيارتها لقضاء أوقات طيبة معها، يتذكرون الماضي الجميل والأحاديث عن زمن الجيل الجديد، و كانت جلساتها لا تخلو من وجود الخالة آسيا و الأستاذة شفيقة خليل -يرحمها الله - هي الأخرى.

ويوم تشييع جثمانك الطاهر ياحاجة سعيدة بعد الصلاة عليه في مسجد العسقلاني بكريتر في موكب مهيب قل أن تجد له نظيراً تدفق المعزون والمشيعون من مختلف مديريات عدن والمحافظات الأخرى لأداء واجب العزاء لروحك الطيبة وللمكانة التي يحتلها الأستاذان هشام وتمام باشراحيل، و نزلت على روحك الطيبة الطاهرة العديد من كلمات الترحم والدعاء..

نامي قريرة العين ياحاجة سعيدة وأسكنك الله فسيح جناته في الفردوس الأعلى ويجمعنا معك يوم النشور بإذن الله الواحد الأحد.

11/12/2006 أحبها الله وحببها عند خلقه

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى