«الأيام» صحيفة المواطن الصحفي

> محمد علي محسن:

> إلى وقت قريب كنا في «الأيام» نبحث ونسعى جاهدين للحصول على المعلومة الصحافية من مصادرها المتعددة ومن أماكنها المختلفة، بمعنى آخر صناعة الخبر والتحقيق والاستطلاع والمادة الصحفية عامة، التي في المعظم تذهب لها الصحيفة والقليل جدا يأتي إليها دونما مشقة أو جهد أو تخطيط مسبق كالشكاوى والتظلمات والبيانات والمقالات، اليوم لم تعد المسألة كما كانت عليه خلال السنوات الفائتة، وعلى العكس صار المواطن البسيط هو المراسل الصحفي، وهو الناقل للخبر والصورة والمعلومة الصحافية أيا كان نوعها وحجمها بمعنى جديد أن المواطن هو من يسعى جاهدا لإيصال قضاياه ومشكلاته وتجلياته وأفعاله وبالتالي فإن الصحيفة «الأيام» باتت نتاجا جمعيا لكافة التفاعلات والقضايا المسكوت عنها والمؤرقة للمجتمع وللدولة والوحدة والتعددية والديمقراطية .

نعم الصحافة معلومة ورقابة وهنالك من يعتبرها السلطة الرابعة رغم كل الظروف المحيطة والمعيقة لسلطتها ومع ذلك نؤكد أننا كصحفيين وكتاب وناشرين ومعنيين بالسلطة الرقابية وجدنا أنفسنا بعد هذه السنوات في واقع جله في استقبال وإعادة إنتاج ونشر قضايا ومشكلات ومعلومات واصلة من المواطن ذاته ولدرجة صرنا معها لانقوم بواجبنا المفروض كالبحث عن المعلومة، والرقابة على الكثير من الممارسات والاختلالات الموجودة في المؤسسات والأجهزة والتشريعات والخدمات وغيرها من المخالفات والأفعال التي يعد كشفها ونقدها في صميم عمل الصحيفة، وبرغم هذه الأهمية وجدت الصحيفة نفسها منحازة لمعاناة وشكوى وواقع زاخر بالمعلومات والمشاهد الحية والصادقة وعلى لسان المواطن وبعينه وبرهانه .

ازرع الصدق والرصانة تحصد الثقة والأمانة، ربما في هكذا قول لأمين الريحاني أجد الصحيفة عرضة للتشهير والتخوين والإساءات والمحاكمات، فكلما زادت «الأيام» ثقة واتساعا وتأثيرا رأينا وسمعنا الشتائم والتهم والاعتداءات تطالها، مع أن الشتائم واللعنات هي حجج الذين هم على خطأ وتكون عادة كالمواكب العائدة إلى نقطة الانطلاق بحسب المثل الإيطالي، قلنا في تناولات عدة إن «الأيام» لم تعد صحيفة الناشرين هشام وتمام والمشتغلين بها، كما أن الحساسية المفرطة في التعامل معها كصحيفة جنوبية المنشأ والهوى لن يغير شيئا من حقيقة مايحدث في هذه المحافظات وعلى العكس ستكون مثل هذه الإجراءات والممارسات برهانا وحجة لإشعال فتيل أزمة ومشكلة أكبر وأعقد لبلد ليس بوسعه احتمال محاكمة صحيفة من هذا القبيل وفي ظروف كهذه، وحري بالواقفين خلف مساءلة الناشرين البحث عن وسيلة معالجة للقضايا المثارة، لا وسيلة لمضاعفة الاحتقانات والأزمات.

نعم، من صارع الحق صرعه ودولة الباطل ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة، والقولان للإمام علي كرم الله وجهه، كما أن ثمة مثلا هنديا مفاده القوة للحق وليس الحق للقوة، وعلى هذا الأساس ينبغي القول أن «الأيام» تجاوزت تلكم النظرة القاصرة التي اختزلتها بالمكان أو الجهة الصادرة والمعبرة عنها لسنوات إذ صارت في الحاضر بحجم وامتداد الوطن والإقليم، وعليه فإن أية تهديدات أو إجراءات ستطالها ستؤدي لمناخات غير مستقرة، وذلك لأسباب معروفة وذات صلة بالظروف الموضوعية والذاتية التي يجب عدم إغفالها. شخصيا لست معترضا وحائلا دون تجسيد النظام والقانون على الصحيفة، لكنني أحذر من مغبة جرجرة صحيفة باتت بمثابة الخبز والهواء اللذين هما زاد الحياة اليومية، ناهيكم عن كونها لسان كل مواطن وحزب وقضية، وجل موضوعاتها ومعلوماتها نابعة من المواطن الصحفي بدرجة رئيسة قبل الناشر والمحرر والمراسل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى