مائة ريال لكل نميمة

> عصام محمد مقبل:

> (أنزو) إيطالي الجنسية، رجل فضولي نمام (أبو الحشاشين) نظر من نافذة مطبخه إلى شرفة بيت جاره، فلاحظ أن حبل الغسيل ممتلئ بملابس متسخة، ولكون (أنزو) إذاعة فضائحية أسرع بإبلاغ جيرانه أن زوجة جاره امرأة كسولة غير نظيفة لا تغسل الملابس كما يجب، وأبلغهم واحداً واحداً.

حاولت بعض الجارات الدفاع عنها وأنها امرأة نظيفة، ولكن أنزو لا يصغي لأحد، وعند عودته إلى منزله شاهد الغسيل ناصع البياض، تعجب فشك أن أحداً أبلغ جارته فأعادت تنظيف الغسيل، طلع إلى منزله للاتصال بالجيران لمعرفة من أبلغ الجارة، فلاحظ مرة أخرى من نافذة منزله الملابس نفسها متسخة فتعجب ! اكتشف أنزو أن زجاج مطبخه هو المتسخ ويكسوه الغبار منذ أسابيع، ولذلك شاهد الملابس متسخة.

وطبعا لم يرغب أنزو بإخبار الجيران باكتشافه الجديد بل سارع لتنظيف الزجاج قبل أن يكتشف الجيران السر وينفضح أمامهم مرتين .

النميمة كما هو معروف عادة اجتماعية ذميمة وهي (نقل كلام الناس إلى بعض على وجه الإفساد) .

وقد حرّمتها كل الكتب السماوية، فـ(أنزو) لم يعلم حين تحدث بولس الرسول بالوحي المقدس لكنيسة كورنتوس محذراً: (لأني أخاف ألا أجدكم كما أريد .. أن توجد خصومات ومحاسدات وسخطات ومذمات ونميمات وتكبرات وتشويهات)

(2 كورنتوس 19/12)

أما ديننا الإسلامي الحنيف، فقد حرم النميمة. يقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: «لايدخل الجنة نمام».

أين نحن من أولئك الناس الذين أصبحوا مثل وكالات الأنباء العدائية، بل أصبحنا مثل الآفات الزراعية التي تكون الأشجار فريستها، فالحشوش والنميمة في العمل، في الباصات، في الشوارع، في المكاتب، في المصانع، في المزارع، في الجامعات، في الملاهي والملاعب، في المنازل، فذلك عميل وخائن، وذاك خائن مرتشٍ وذاك نصاب وهذا دجال وهذا، بل أحياناً يتم التعرض للأعراض من دون حياء أو خجل.

صديق طفولتي وشبابي الدكتور عبدالناصر النقيب طبيب متخصص في أمراض القلب في الأردن اقترح على زملائه في المستشفى الإسلامي الأردني إذا نم أحدهم على آخر فعليه دفع دينار كفارة عن ذنبه .

زملاؤه أطباء من جنسيات مختلفة بعضهم رفض ذلك مبرراً أنه سيخسر الكثير لأنه لا يستطيع ذلك، ليس لقلة ماله لا قدر الله بل لطول لسانه .

وأنا هنا أقترح أن نضع صندوقا في كل وزارة ومرفق، وفي كل مطعم وملهى، وكل كلية وجامعة وقسم وقاعة للدرس ، وفي أركان الشوارع، وفي داخل المنازل، بل نعلق على صدورنا صناديق خاصة بالنميمة، وعلى كل نمام دفع مائة ريال كفارة عن ذنبه، فالواحدة بمائة ريال .

صدقوني ستكون النتيجة مذهلة ومفاجئة وسنرفد ميزانية بلدنا بمبالغ خيالية ستسهم في إبعادنا من أي ركود أو عجز اقتصادي قد نواجهه بسبب الأزمة المالية التي يشهدها العالم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى