عاقل في زمن الجنون

> محمد سالم قطن:

> هذا هو عنوان الكتاب الذي صدر منذ قرابة العامين عن تجربة السياسي الاستراتيجي الماليزي الشهير (مهاتير محمد). الكتاب ألفه الدكتور عبدالرحيم عبدالواحد، ونشرته دار (ميديا هب) التي تتخذ من دبي مقرا لها.

يرصد الكتاب الذي يحتوي على 470 صفحة من القطع المتوسط معظم مفردات التجربة الماليزية الشاملة، ويناقش ويحلل التجارب التي خاضتها ماليزيا وكيفية مواجهتها وتغلبها على الأزمات ويشرح في الوقت نفسه فلسفة مهاتير ورؤيته السياسية والاقتصادية طوال 22 عاما من توليه قيادة الحكم التي تركها من تلقاء نفسه في أكتوبر 2003م.

بدأ عبدالواحد بشرح وقائع المشهد الأخير من حياة مهاتير السياسية بخطاب الاستقالة الشهير الذي ألقاه مهاتير محمد في 18 أكتوبر 2003م على هامش انعقاد الدورة العاشرة لمؤتمر القمة الإسلامية في العاصمة الماليزية (كوالالمبور) وتصريحه الشهير عن سطوة اليهود وسيطرتهم على العالم في هذا العصر من خلال استغلال سلطة وقوة ونفوذ الدولة الغربية الكبرى، فقد جاء الباب الأول لهذا الكتاب تحت عنوان: الاستقالة واليهود.. مشهد الحقيقة.

بقية أبواب الكتاب زاخرة بالسرد التاريخي لمراحل النهوض الماليزي وفقا ورؤى هذا السياسي الفذ الذي وصفه الكاتب بالمفكر صاحب الرؤى والمواقف، وبالإنسان المتواضع البسيط ، وكيف حقق مهاتير لبلاده الإنجازات المتتالية بسياسته الثاقبة ونظرياته الاقتصادية الاجتماعية ورؤاه الدينية المتميزة، الأمر الذي جعل هذه الدولة الآسيوية متعددة الأعراق تتحول في سنوات من دولة تنخرها الأزمات والمؤامرات إلى دولة متقدمة صناعيا وتقنيا وتتمتع في الوقت نفسه بمؤسسات حكم وإدارة على درجة كبيرة من النضج والرسوخ.

ويشرح الكتاب ضمن أبوابه المتفرقة قصة ماليزيا مع التكنولوجيا والمعلومات، وملامح الاقتداء بالسياسية اليابانية في هذا الخصوص، وكيفية المواجهة التي خاضتها ماليزيا إبان الأزمات المالية التي جابهتها في عام 1997م، ورفضها اقتراحات البنك الدولي وشروطه، وكيف استطاعت ماليزيا بقيادة مهاتير الصمود في وجه هذا الطاغوت المالي العالمي ونجحت في تثبيت سعر صرف عملتها وعدم تعويم النقد، منبها في هذا الصدد إلى أن حكمة مهاتير ويقظته إزاء دسائس تلك المقترحات والشروط، جنبت البلاد كارثة مالية ماحقة.

وفي بابين من الكتاب كاملين يشرح المؤلف آراء مهاتير محمد بشأن واقع الأمة الإسلامية، والمخاطر التي تواجهها في عصر العولمة، والنصائح التي قدمها للخروج الجماعي من نفق التخلف المريع الذي تعانيه هذه البلدان الإسلامية، على الرغم من أن الله سبحانه وتعالى أعطاها في أرضها الثروات، إلا أنها لم تحسن الاستفادة منها للأسف.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى