«الأيام» تستطلع منطقة الحضن بشبوة .. طالبات يبحثن عن نور العلم وتوجيهات الحكومة حبر على ورق

> «الأيام» جمال شنيتر:

>
طالبات يأملن مواصلة تعليمهن
طالبات يأملن مواصلة تعليمهن
تقع منطقة الحضن في مديرية ميفعة محافظة شبوة على ضفاف وادي (عماقين) أحد الأودية الرئيسة الرافدة لوادي ميفعة الشهير الذي قامت عليه دولة حضرموت القديمة.. وتبعد منطقة الحضن عن مدينة عزان (مركز المديرية الاقتصادي والتجاري) بمسافة تسعة كيلومترات فقط.

وهي منطقة جميلة تتميز ببساتينها الجميلة الخضراء وعماراتها الطينية المتميزة، ويسكنها أفراد قبيلة آل باديان النعمانية المتميزة بأصالتها وثقافتها ونبذها للعادات والتقاليد البالية التي عفى عنها الزمن. «الأيام» زارت المنطقة التي تعاني حرمانها من عدد من مشاريع التنمية، وتطالب بحقها في هذه التنمية الزائفة التي يتحدث عنها الإعلام الرسمي ليلا ونهارا.

التعليم

الأخ ماهر باديان مدير مدرسة الحضن للتعليم الأساسي (بنين) يتحدث عن وضعية المدرسة وهمومها قائلا: «المدرسة تتكون من 9 فصول دراسية مع ملحقاتها، ويوجد بها 35 طالبا يدرسون من الصف الأول إلى الصف التاسع، والحمدلله الدراسة تسير بشكل جيد والمواد الدارسية رغم النقص في عدد المعلمين وخاصة التخصصات، حتى أنني ومعي وكيل المدرسة نقوم بالتدريس لتغطية العجز، وهناك ازدحام في الصفوف الدراسية وخاصة الصفوف (الرابع والخامس والسابع)، وتفتقر المدرسة إلى وجود المختبر، لذا فإن الطلاب يدرسون المواد العلمية بشكل نظري فقط».

وعن الدراسة في مدرسة البنات يقول الأخ عبدالعزيز باديان مدير مدرسة البنات: «لاشك أن تعليم الفتاة أصبح أمرا حتميا وضروريا، تكمن فيه فائدة عظيمة للبنت والأسرة، ومن هذا المنطلق هناك حرص من قبل أبناء الحضن على تشجيع بناتهم على الدراسة رغم الصعوبات والهموم التي تواجه تعلم البنات، ففي مدرسة البنات يبلغ عدد الطالبات 153 طالبة يدرسن إلى الصف السادس فقط، وبعد ذلك ينقطعن عن الدراسة، وذلك بسبب عدم توفر المعلمات وعدم وجود الحجرات الدراسية الكافية».

الحضن
الحضن
ويضيف: «للأسف المعلمات غير متواجدات، فمثلا لدينا معلمات موزعات لدينا، ولكن إلى الآن لم تصل المدرسة إلا معلمة واحدة فقط من خمس معلمات وبعض المواد الدراسية موقفة مثل مادة الرياضيات، وقد طالبنا مرارا وتكرارا مكتب التربية بحل هذه المشكلة ولكن دون جدوى».

هناك الرغبة الجامحة في مواصلة البنات للتعليم أكدته لنا طالبات الصف السادس عند زيارة «الأيام» للصف، حيث قالت إحدى الطالبات: «نحن سنواصل التعليم لكن يجب توفير لنا معلمات».. وقالت أخرى: «نحن لم ندرس مادة الرياضيات إلى الآن، سجلوا في «الأيام» هذا الكلام».

لقد أكد لنا أهالي المنطقة أن تعليم الفتاة بالنسبة لهم شيء استراتيجي، حيث لديهم من الوعي الكافي بهذا الأمر، ولهذا ورغم التسرب والانقطاع للبنات بعد الصف السادس أنشأ الأهالي وبدعم من أهل الخير مدرسة أهلية لتحفيظ القرآن الكريم ومحو أمية النساء، حيث يصل عدد الدارسات إلى 300 دارسة، بينهم عدد لابأس به من ربات البيوت، وهذه خطوة الهدف منها محو أمية النساء وإعطاء قدر كاف من المعارف الدينية والدنيوية للمرأة في الحضن.

الأطلال

الشيخ أحمد عوض عبدالله باديان عاقل قبيلة آل باديان يقول: «قبيلة آل باديان جزء من قبائل لبحور التي تنتمي إلى قبائل نعمان، وهي من القبائل القلائل التي لاتوجد فيها مشاكل قبلية أو ثأرات أو دم، ويتركز آل باديان في الحضن، قلقل و محصن، وتسود بينهم علاقات الأخوة والمحبة والتآزر، وهي قبيلة عريقة ولها تاريخ مشرف وغنية عن التعريف، وتدور فيها المشيخة أو المعقلة بطريقة سلسة وبتوافق الجميع، وقبل أن أتولى المشيخة كان عاقل وشيخ القبيلة الشيخ محسن بن عبدالله باديان رحمه الله.. وكانت الحضن زمان عبارة عن منازل قليلة ومعدودة، ولكن تكاثرت حتى أصبحت الآن منطقة كبيرة يصل تعداد سكانها إلى مايزيد عن خمسة الآف نسمة».

تجولت ومعي العاقل باديان في أنحاء الحضن بين منازلها وأزقتها المتلاصقة والأطلال التي تأسر النفس ووقفت متأملا تلك المنازل.. فهنا نوارس الروح تنوح بين ضفتي الماضي والحاضر بصبغة الموج الطيني، وفي غمرة ارتجال الضوء والمواعيد المثقلة بأريج الترقب.. ليت شعري ترى كل هذه الوجوه وكل هذه السنين والحقب مرت من هنا وتركتنا حيارى نبحث عن المجهول.. لقد غادروا وتركونا نلهت على أرصفة الزمن الرديء أو هكذا يبدو.. هنا فقط ينسى المرء كلام القواميس والروايات والأشعار، وتضيع التفاصيل، فالصمت الرهيب يلم المكان، لكنها الأرض الجوادة والتي لولاها لما سرنا أمام وجه الشمس.

الطريق

في منتصف الطريق بين مدينتي عزان والحوطة يواجهك طريق فرعي ترابي غير معبد يتجه إلى منطقة الحضن لاتتسع إلا لسيارة واحدة فقط، وتمتد هذه الطريق حتى تصل إلى منطقة الحضن بمسافة كيلو ونصف الكيلو، ويطالب الأهالي الذين التقتهم «الأيام» بضرورة الإسراع في سفلتة هذه الطريق لتخفيف العبء على المارة.

الحضن من الجبل إلى الجبل
الحضن من الجبل إلى الجبل
الزراعة

توجد بعض البساتين الزراعية الواقعة على مشارف وادي عماقين، وتزرع هنا عدد من المحاصيل الزراعية كالذرة والدخن والقصب والأعلاف، وتعتمد الزراعة على مياه السيول أحيانا والآبار أحيانا أخرى.

إلا أن المنطقة بحاجة إلى دفاعات عن الأراضي الزراعية وعن المنطقة كاملا، خاصة إذا علمنا أن المنطقة تعرضت لتهديد السيول والفيضانات أكثر من مرة ومنها فيضانات عالم 1996م التي راح ضحيتها ثلاثون شخصا من أبناء قرية باصفاء القريبة القريبة من الحضن والتي تقع على الوادي نفسه.

معاناة الكهرباء

وحول الكهرباء يقول الشيخ أحمد باديان: «منطقتنا يصل إليها التيار الكهربائي من مشروع كهرباء الحوطة، وهو مشروع قديم للحوطة والحضن وضواحيهما، إلا أن المشكلة التي نعانيها هو الانقطاعات والانطفاءات المتكررة، وقبل أيام انقطعت الكهرباء عن المنطقة لعدة أيام بسبب عدم توفر قطع الغيار، ورغم الجهد الذي تقوم به إدارة كهرباء الحوطة إلا أن المشروع يتعرض لعدد من المشاكل، لذا نطالب عبر «الأيام» بتوفير مواطير (مولدات كهربائية) إضافية لكهرباء الحوطة.

وللمياه شجون

مشروع مياه الحضن هو أحد المشاريع الأهلية التي أقامها الأهالي في المنطقة منذ السبعينيات، إلا أنه للأسف الشديد يشتكي أبناء المنطقة من أن الدولة لم تدعم هذا المشرع بشيء، وهو أبسط الاحتياجات الضرورية للإنسان ولاتوجد سوى توجيهات عبارة عن حبر على ورق، ومنها توجيه من رئيس الوزراء السابق عبدالقادر باجمال بصرف مضخة وشبكة مياه للمشروع قبل نحو أربع سنوات وحتى اللحظة لم تنفذ تلك التوجيهات!.

من وحي الزيارة

- بنيت وحدة صحية صغيرة في المنطقة إلا أنها مغلقة نظرا لعدم وجود الآثاث والتجهيزات الطبية وعدم وجود الكادر الطبي.

- تفتقر الحضن إلى مشروع للصرف الصحي، مما أدى إلى انتشار المستنقعات الآسنة في بعض الأماكن، وقد أخبرنا الأهالي أن هناك وعودا بتنفيذ مشروع للصرف الصحي تستفيذ منه الحوطة والحضن إلا أن ذلك المشروع لايزال غائبا.

- يعيش جزء من سكان الحضن في فقر مدقع، ومع هذا تجد هؤلاء محرومين من الاستفادة من شبكة الأمان الاجتماعي، ويفيد أحد المواطنين أنه رغم نزول لجان لمسح الحالات الفقيرة أكثر من مرة إلا أنه لم يتم اعتماد حالات كافية لأبناء المنطقة المحتاجين من صندوق الرعاية الاجتماعية.

يحلمون بالنور!

هذه إذن الحضن الوجه الممتلئ بالنضارة وفي عينيها جمال هادئ وديع، كأنها فتاة تضع في عنقها عقدا من الخرز يضيء بشرتها.. هنا حيث ولدت الشمس أشعتها وارتأت المروج الخضراء أن تبتسم وتعزف عصافير السلام ألحانها الرومانسية وترقص خلايا النحل على رقصات الصبابة لتعانق النسيم..

هكذا وجدتها وهكذا وجدت أبناءها الطيبين، حيث ترحل بهم الذاكرة إلى موانئ الشوق وتضمهم نسمات الهواء الباردة وهي تلفحهم في هذا اليوم الكانوني، فتجدهم يحلمون بالخير والسلام والماء والأمان، وقبل هذا يحلمون بالنور.. نور العلم ونور القلوب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى