لماذا تحاكم صحيفة «الأيام»؟

> محمد فارع الشيباني:

> في ألمانيا الشرقية وأيام الحكم الشمولي فيها قدم شاب ألماني للمحاكمة بتهمة الخيانة، لأنه طالب بالحرية للشعب، وأثناء المحاكمة كلها ظل الشاب صامتا لايتكلم.

ولكنه قبل صدور الحكم عليه تحدث موجها كلامه إلى القضاة الذين كانوا يحاكمونه وقال:«أرجو أن يكون القضاة الذين سوف يحاكمونكم يوما أكثر رحمة بكم!»، وتحققت أمنية ذلك الشاب وتحرر شعبه وتوحد بعد سنوات ليست كثيرة، وهذا ما يطلق عليه فلاسفة العرب (سخرية القدر).

والآن يتساءل الناس لماذا تحاكم صحيفة «الأيام»؟.. ماذا جنت أو ماهي الجرائم التي ارتكبها ناشراها هشام وتمام؟.. هل قامت «الأيام» أو أحد العاملين فيها بالمشاركة في أعمال الفيد للأراضي والمؤسسات العامة التي جرت ومازالت تجري حتى الآن؟.. هل شاركوا في نهب وبيع أراض مملوكة لمستثمرين تعبوا وشقوا وسكبوا الدم لجمع قيمتها في المهاجر القريبة أو البعيدة؟.. هل نهبوا الأراضي في ساحل أبين وبنوا عليها فيلات للسكن، وقضوا على المتنفس الوحيد والتاريخي لمدينة عدن؟.. هل دمروا المعالم التاريخية لمدينة كريتر والشيخ عثمان والبريقة، والآن يسعون لتدمير قلعة صيرة؟.. هل حولوا مطار عدن الدولي الذي كان يقود الطيران في الشرق الأوسط إلى مطار قرية صغيرة؟.. وأخيرا هل قاموا بنشر ما يتعارض مع قانون الصحافة الذي يضيق في الأساس على الحريات؟

وأنا والناس كلهم يعرفون أن صحيفة «الأيام» لم تقم بذلك، وأن الناشرين أكثر حرصا من الوقوع في ما يخالف قانون الصحافة والدستور.. إذن، لماذا تحاكم صحيفة «الأيام»؟.. الحقيقة والواقع يقولان إن «الأيام» تحاكم لأن إعلام النظام وصحفه ومطبوعاته كلها مجتمعة لم تستطع أن تطفئ شمعة «الأيام» من أجل الحقيقة ونصرة للمظلومين في هذا الوطن.. تحاكم «الأيام» لأن لا الدبابات ولا الأطقم العسكرية استطاعت أن تمنع المظلومين من اللجوء إليها والوقوف أمام بابها إعلانا للظلم والتعسف الذي يعانونه.. تحاكم «الأيام» لأنها لم تحجب يوما صفحاتها دون صرخة مظلوم، وقامت بنشر أنات كل متألم، وأنين كل مريض لا يجد الدواء، وكل جائع لايجد ما يطعم به فلذات كبده، وكل مجروح في كرامته كإنسان، وصرخة كل مسجون من ظلمات سجنه.. لأجل هذا تحاكم «الأيام»، وتحاكم لأنها اختارت أن تكون صوتا لمن لا يستطيع أن يوصل صوته ومن ليس لديه ما يدافع به عن حقه.. وتحاكم «الأيام» لأنها رفضت أن تزيف الحقائق وأن تكون صوتا للأقوياء ضد الضعفاء.. وعبر التاريخ فقد حوكمت كلمة الحق والصدق، فقد حوكم سقراط، وحوكم جاليليو، وحوكم ابن رشد، وحوكم مصطفى أمين، والأمثلة والوقائع كثيرة في التاريخ، ولكن في النهاية وإن طال الزمن فإن الحق دائما ينتصر.

وأخيرا لقد عاتبني أخ عزيز وقال لي «أنت مفرط في عدنيتك!»، فقلت له أنا لست مفرطا، ولكن أحب مدينتي وأتمنى لها التطور والتقدم والسعادة كما يفعل ذلك أي إنسان أو ساكن في مدينة (ذمار) أو (صنعاء) أو (المكلا) أو (لودر) أو (الحديدة)، فمن منا لايريد أن تتطور مدينته وأن يعيش أهلها في رغد من العيش.. اللهم احفظ عدن، آمين يارب العالمين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى