إلى المبهورين بالنعمة الحاجبين معاناة غيرهم..!!

> عبدالله أحمد الحوتري:

> بمجرد بدء الاستعدادات من قبل الحزب الحاكم للانتخابات النيابية بدأت عروض تقديم الولاء والطاعة تتزاحم وكل بطريقته، فمنهم من يعتقد أن الحاكم يفضل من بين العروض (شتم وتخوين المعارضين في الداخل والخارج والمنابر الإعلامية المناصرة لقضيتهم).

فأجهدوا أنفسهم وبحثوا عن ما يعتقدونه جديدا لم يسبقهم إليه أحد، فتشوا في قواميس اللغة، واختاروا منها أحط الأفعال والصفات.. أما البعض الآخر فقرر أن نيل الرضا سيأتي عن طريق اختيار أعظم الأفعال التي لم يأت بها من سبق وأنبل الصفات التي لم يتصف بها أحد وينسبها إلى من يطلب رضاه وكرمه. وفريق ثالث لم يكتف بإظهار الولاء والطاعة العمياء، بل تجاوز ذلك ليؤكد أن ما يقوله لا يعبر عن رأيه وحده، بل يعبر عن قناعة وسطه الاجتماعي كله، وقد استطاع التأثير في هذا الوسط بفضل جهده ووعظه وتقديم ما لم يقدمه من سبقه حتى أصبح بمثابة المرجعية الاجتماعية لا يخرج أحد عن طاعته بفضل تأثيره (المفقود) في هذا الوسط الذي ينتمي إليه.. واتجه آخرون إلى منحى آخر لكسب الرضا هو تعداد الإنجازات العظيمة التي تحققت على مختلف المستويات، وأدت إلى رفع مستوى المعيشة التي وصلت إلى الرفاهية والأمن والأمان ..إلخ.. وآخرون صبوا جهدهم حول الديمقراطية، وكيف أصبح شعبنا ينعم بها، وتخلص من عهد الشمولية والحكم المطلق للفرد ..إلخ.

حَسَنٌ.. هذه وجهات نظر كلها حسن ظن بالنظام القائم، وهي صادرة عن قناعة ورد للجميل، لمن لم يجدوا الرخاء إلا في ظله ومن حقهم أن يعبروا عن امتنانهم لولي نعمتهم لينالوا المزيد!!.. مأخذنا عليهم أن لا يعمموا وضعهم على غيرهم، وربنا يزيدهم من فضله، ويديم رضا ولي النعمة عليهم.

ونقول ألا تحسون بالندم عندما تحولون سهامكم إلى صدور الغلابا وأهلكم وإخوتكم.. أنكم تستفزونهم عندما تصفون نعمتكم وتنكرون أو تتجاهلون معاناة غيركم.. إن من تسمونهم بالمعارضين هم من تلك الأعداد الكبيرة الذين فقدوا وظائفهم بعد حرب 1994 من مختلف مؤسسات وأجهزة الدولة المدنية والعسكرية، وكلهم جنوبيون ولم يكن لهم يد في الصراع السياسي الذي أدى إلى الحرب سوى أنهم من بقايا مؤسسات وأجهزة دولة دخلت في وحدة طوعية وبعد (حرب تدمير الوحدة) قرر الطرف المنتصر اجتثاث كل ما يمت بصلة للطرف المهزوم.

إن من تصفونهم بأقبح الأوصاف هم أولئك الذين تقبلوا الباطل وصمتوا عليه فترة طويلة أملا في رفعه، ثم انفجروا بعد أن يأسوا من رفع الباطل من قبل من فرضه عليهم.

إنهم من إخوانكم العسكريين الذين ألغيت وحداتهم العسكرية بالكامل بعد حرب 1994، وفرض عليهم التقاعد الإجباري أو قبول الإذلال كعائدين تابعين لوحدات الطرف المنتصر عليهم يتعرضون للإهانات اليومية من قبل أصغر الرتب في تلك الوحداتومن موظفي مؤسسات القطاع العام التي جرى تدميرها وتقاسم المتنفذون أصولها ورمي بهم إلى الشارع تحت مبرر الخصخصة التي لم تطبق إلا على تلك المؤسسات في المحافظات الجنوبية رغم وجود مؤسسات كانت ناجحة وترفد ميزانية الدولة بالملايين وحساباتها الختامية شاهدة على ذلك.

إنهم حتى يومنا هذا يتابعون مستحقاتهم من الإستراتيجية للمرحلة الأولى والثانية بواقع %50 دون الحصول عليها لعدم إدخالها ضمن معاشاتهم من حين استحقاقها إلى يومنا هذا.. إنه إذلال ما بعده إذلال.

أما البعض الآخر فقد فرض عليه تقاعد من نوع جديد أسقط من خدماتهم الفعلية بين 4-3 سنوات ليحرموهم من الزيادات التي كانوا يتسلمونها خلال عملهم لتلك السنوات التي أسقطت من خدماتهم وهم من أشرف وأنظف الناس، ويمتلكون أعلى المؤهلات التي يمكن الاستفادة منها، ولم تشفع لهم نظافتهم ومؤهلاتهم، ومنهم سفراء ماتوا مقهورين من إجراءات خارج القانون لا لشيء إلا لأنهم من بقايا دولة تم اجتثاثها من الجذور!.

والبعض الآخر أيضا من العاطلين عن العمل بعد أن أفنوا زهرة شبابهم في التحصيل العلمي الرفيع بغية الحصول على الوظيفة المحترمة، لكن آمالهم تبخرت بعد أن وصل الأمر إلى أنه حتى الوظائف المعتمدة في إطار محافظاتهم التي لا تستوعبهم تذهب إلى أقارب ومعارف المتنفذين في تلك المحافظات وأغلبهم من محافظات أخرى تحت مبرر الوحدة، والبعض الآخر من الوظائف يخضع لمن يدفع أكثر.. فمن أين يدفع العاطلون عن العمل الباحثون عن الوظائف ليعيلوا أسرهم التي لا مصدر لها إلا معاش الوظيفة التي يبحثون عنها.

أما من يعتقد أنه يمثل شرائح اجتماعية كبيرة، وهو يدافع عن الباطل ويقول إن الدنيا مفروشة بالورد، فإما أنه لا يعيش بين تلك الشرائح التي يدعي تمثليها أو أنه يستخدم هذه الصفة لينال مزيدا من المزايا على حساب من يدعي تمثيلهم، ويزعجه تبرمهم الذي قد يؤدي إلى حرمانه مما يرغب في استمراره. ومن لا يخاف لقاء الخالق وحسابه على أعماله غير السوية لا يعطي بالاً لأنّات المخلوق الناتجة عن القهر والحرمان والإذلال!. أما الإنجازات المتمثلة في مشاريع التنمية، فقد وجد المتنفذون ضالتهم فيها، حيث يتقاسمون أكثر من نصف اعتماداتها، ولا يهم أن تنفذ خارج المواصفات، وتظهر عيوبها قبل إكمال تنفيذها، فهم في مأمن من المساءلة.

ومن يشيد بالرفاهية التي بلغناها يتجاهل أو لا يعلم ولا يرى من يحملون الأكياس والجواني على ظهورهم ويبحثون في أكوام القمامة عن مبتغاهم..أما الأمن والأمان فلقد فقدناه في عدن وغيرها، حيث يتعرض المسالمون للقتل وسط شوارع عدن وفي بيوتها بالرشاشات التي كان محرما دخولها عدن، وأما انتشار الثارات فحدث ولا حرج!.

والمتباهون بالديمقراطية التي بلغناها من خلال الاحتكام لصناديق الاقتراع وحرية التعبير وتأسيس الأحزاب السياسية يعتقدون أنه لا علم للآخرين بالضغوطات التي تمارسها السلطات التنفيذية والعسكرية من أعلى إلى أدنى على منتسبيهم، وشراء الذمم من أموال الخزينة العامة أو التقاسم الذي يتم إقراره قبل بدء الانتخابات، وتقييم حرية التعبير يتم من خلال العودة إلى عدد القضايا المرفوعة إلى القضاء ضد الصحافة والصحفيين من غير التهديدات والاعتداءات والسجن لكثير من الكتاب والصحفيين، وتعتبر صحيفة «الأيام» أكثر المنابر الصحفية استهدافا. أما الأحزاب السياسية فلا يوجد حزب لم يتعرض للتفريخ إلا تلك الموالية للسلطة علنا أو في السر. وفيما يخص النهب والمتاجرة بالأراضي من قبل المنتفذين فنكتفي بما أعلن عنه في تقرير باصرة وهلال عن أراضي عدن التي تقاسمها المتنفذون وحرموا أهلها واستطاعوا تجميد مقترحات باصرة وهلال. وأخيرا.. لمصلحة من تتحول عدن (درة الشرق الأوسط) إلى قرية.. لقد غاب نجمها، وهدأ مطارها وميناؤها من الزحمة وعمت البطالة أبناءها وتدنى مستوى معيشة أهلها .. ومع كل هذا لن يتحول أبناء عدن إلى متسولين.. اللهم احفظ عدن وارفق بأهلها.. آمين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى