الكتابة رسالة

> عمر محمد بن حليس:

> يقال أن من يمتهن الكتابة ويدخل بلاط صاحبة الجلالة أو السلطة الرابعة (الصحافة) قد اختار لنفسه مهنة المتاعب، وهي فعلا كذلك ، لأن فيها «رضاء الناس غاية لا تدرك» بحكم تعدد الأمزجة واختلاف الثقافات فضلا عن تفاوت مستويات الفهم والمعرفة.

وهذه الأمور هي التي تنطلق من خلالها الأحكام على هذا الكاتب أو ذاك، فيقع في زاوية معينة تحيطه علامات الاستفهام، وليس هذا فحسب، بل وقد يناصبه البعض العداء ممن لا يقرؤون ولا يستقرئون بتأنٍ وعمق. وربما لا يسبرون أغوار معاني الألفاظ ولا يميزون بين مفرداتها، ولو استطاعوا لصلبوه على جذوع الأشجار وقطعوا يديه ورجليه من خلاف دونما مراعاة لحقوقه كإنسان وكصاحب حق مشروع في الرأي والتعبير.

وقد عبر عن حرية التعبير والبعد التوعوي فيها منذ عام 1960م وحتى اليوم عميد «الأيام» وعميد الصحافة - إن جاز القول- الأستاذ محمد علي باشراحيل - رحمة الله عليه - بأن «تجارب الحياة علمتنا أن الصحافة أداة إرشاد وتوجيه، أداة توعية وتبصير إنها مدرسة الملايين التي نشعر فيها أننا تلاميذ لا أساتذة وأن ما ننشره يجب أن يكون لخدمة الحقيقة ولتوعية شعبنا وتبصيره بواقعه ومصيره، وتوثيق عرى القارئ بالكلمة المطبوعة التي يجب أن تكون لها قداستها وكرامتها وشرفها».

وفي تقديري أن الكاتب الحق هو الذي يفكر قبل الكتابة مادامت الفكرة تأتي قبل الكلام، ومن ثم الكتابة بعقل وموضوعية ومصداقية ومراعاة حقوق الآخرين وعدم الوقوع في محاذير المديح المفرط أو النقد الذي يهدم، ناهيك عن عدم اللجوء إلى دغدغة المشاعر والعواطف لأغراض نفعية وآنية. ومن هذا المنطلق وجدت نفسي أقف أمام المقولة الشهيرة التي أطلقها ذات يوم المفكر الفرنسي (فولتير) حينما قال «لا بأس ألا يكون لي تاج، مادام لي قلم».

لاحظ عزيزي القارئ أهمية الكتابة، وأعني ذات المضمون والمعنى المفهومين، ويبقى الأمر الأهم هو فهم الآخرين لذلك بعيداً عن إطلاق الصفات والنعوت والألقاب بحق من يقرؤون له، فضلاً عن تصيدهم وبحثهم عن بعض الأخطاء التي قد لايجدونها البتة فيذهبوا إلى أبعد من ذلك من خلال البحث والتصيد عن الأخطاء اللغوية أو النحوية مستنجدين بآخرين ممن يفوقونهم معرفة.

إن الكتابة رسالة إنسانية ونبيلة، وتعد ثمرة جهد، كما أنها قبل هذا وذاك موهبة وهبها الخالق سبحانه وتعالى لمن يمتهنها. والحق جل في علاه يقول:?{?وجعلنا بعضكم فوق بعض درجات?}? صدق الله العظيم.

والمثل يقول:(لو أن كل من جاء نجر ما بقي في الوادي حجر)، وأتمنى أن تكون الرسالة وصلت.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى