موسى الحلاقة ومخيمات منى

> بلال غلام حسين:

> يتجلى الحق تبارك وتعالى على حجيج بيته في مخيمات منى وعرفات وفي كل من أركان المشاعر المقدسة، بينما حجيج بيت الله من اليمن السعيد من جميع مناطق اليمن وغيرهم من حجاج بيت الله الحرام يرجون رحمة الله ويخشون عذابه.

وبينما نحن نرسم أسمى معاني المحبة فيما بيننا دون النظر من أية محافظة نحن أو من أين ذاك أو ذاك.. نعم وبينما نحن كذلك وإذا بدموعي تنسل على وجنتي من ذلك المنظر البديع الذي رأيته والذي زرع فينا أسمى آيات الحب لهذا الوطن الحبيب على قلوب هؤلاء الحجيج رأيتهم يزرعون البسمة فيما بينهم يتقاسمون الطعام والشراب والابتسامات والسؤال عن الآخر.

نعم.. رأيت موسى الحلاقة يوم عرفة لا يعرف التفرقة بين أبناء الوطن الواحد، ترى ذلك الشاب من أبناء عدن يحلق لواحد من أبناء صنعاء أو العكس، وكذلك كان يحصل الشيء نفسه بين أبناء المحافظات الأخرى، أي حب هذا الذي ظهر بيننا فجأة من دون سابق إنذار ومن غير أية مصلحة شخصية، كيف لا يحصل ذلك وقلوب هذه العباد إنما هي بيد رب العباد يقلبها كيف يشاء.. أنا لست بسياسي ولست من أهل النفاق السياسي ولا أعرف التشدق بكلمات السياسيين، ولكنني ابن من أبناء هذا الوطن الحبيب من دون أي انتماء سياسي ولا أعرف المجاملة لهذا أو ذاك.. هذه الكلمات تخرج من قلب إنسان محب لهذا الوطن الكبير الذي قسم على مر الزمان ولايزال كذلك رغم أنه قيل لي أنه توحد في العام 1990.

حب الوطن والتشدق بالانتماء له لا يكون بالشعارات الكاذبة الطنانة، ولا بالتفرقة بين الناس، ولا بالنهب المنظم إنما يكون بحب صادق يخرج من صميم القلب ليزرع المحبة بين الناس ككل من دون أي تفرقة عمياء.. حب الوطن ما شاهدته أنا في مخيمات منى وعرفات ومزدلفة.. حب الوطن رأيته من خلال موسى الحلاقة الذي تقاسمناه فيما بيننا.. حب الوطن هو الذي رأيته ونحن نتقاسم علبه التونة و(دسوت) الزربيان فيما بيننا.. حب الوطن رأيته ونحن نأخذ بيد آبائنا وأمهاتنا الذين لم نخرج من بطونهم، ولكنهم كانوا لنا مثل أمهاتنا وآبائنا وأكثر.. حب الوطن رأيته ونحن - أعزكم الله - يقدم كل منا أخاه في حمامات منى.. حب الوطن رأيته ونحن نتسلق الجبال الشاهقة وكل منا يأخذ بيد الآخر كي يصل الجميع إلى خيمهم.

أنا لا أعرف حبا غير هذا ولم أر أناسا يحبون وطنهم غير في مخيمات منى.. أما الذين يدعون حب الوطن وهم ألد أعداء الوطن أراهم يتشدقون بالوحدة بالاسم فقط وهم كل يوم يطعنون هذا الوطن بخناجرهم المسمومة، ولا يهمهم سوى مصالحهم الشخصية من منصب وجاه، أعداء الوطن أراهم وهم يطبلون لهذا وذاك لأجل مصلحة يريد قضاءها، أعداء الوطن هم من يبيعون أصواتهم بحبة قات أو ألف ريال من دون الاعتبار إن كان الذي سوف يرشح نفسه يستحق أن ينتخب أم لا.

لن أتفلسف كثيرا.. ولكن هي كلمات شخص رأى حبا حقيقيا لهذا الوطن من خلال المعاشرة الصادقة البعيدة عن أية مصلحة ذاتية، كان فينا الغني والفقير والمحتاج، ولكن كنا نتعامل فيما بيننا كأبناء بلد واحد.. وكيف لا يكون ذلك ووطننا هي اليمن التي قال رسولنا عليه الصلاة والسلام فيها: «أتاكم أهل اليمن هم أرق قلوبا وألين أفئدة».. نعم كذلك كانت قلوبنا قلوب اليمنيين واحدة، وأنا أرجو من الله، ونحن نمر في أحلك الظروف بأن تكون قلوبنا واحدة قبل أفعالنا، نريد قلوبا تحب هذا الوطن، ولكن ليس حبا من أجل مصلحة ذاتية أو نفاق سياسي على ظهر الثكالى والمساكين من أبناء هذا الوطن، نريد حبا صادقا خاليا من أطماع خاليا من أن يرى الأخ أخاه ليس سوى ملكية خاصة.

وفي الأخير رسالتان أوجهما الأولى إلى فخامة الرئيس علي عبدالله صالح مشفعة برجاء وأقول لفخامته نريد من سيادتكم قرارا بنقل حجاج يمننا الحبيب الذين فيهم كبار السن من العجزة والأطفال والمعوقين من مخيماتهم في أعالي الجبال إلى مخيمات تحت الجبال إلى جانب بشر يعاملون كبشر في مخيماتهم.. والله يا فخامة الرئيس إذا كان علينا نحن الشباب لو طلبتم منا أن نخوض معكم جبال تهامة لخضناها معكم ولا نبالي، ولكن رافة بآبائنا وأمهاتنا والمعوقين فينا.. نرجو أن ينال طلبي هذا اهتمامكم للتسهيل على حجاجنا اليمنيين ولكم مني كل التقدير والاحترام.

أما رسالتي الثانية فأبعثها إلى خادم الحرمين الشريفين عبر سفير المملكة العربية السعودية وأقول له فيها جزاكم عنا وعن حجاج بيت الله خير الجزاء لكل لما تقدمونه لنا من تسهيلات، ولكن أرجو منكم الانتباه لوقت النفرة من عرفة إلى مزدلفة، وتأمين الحجاج في ذلك المكان، لأنه لولا عناية الله لكانت حدثت كارثة حقيقية ودهست أمهاتنا وآباؤنا وأطفالنا من الحجيج، لأنني لم أر أي شرطي ينظم هذه الجموع في ذلك الوقت..وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال.

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى