ثقافة العيش المشترك لا الكراهية

> محمد علي محسن:

> من يحكم البلد بوسيلة (فرق تسد) لا يجدر بنا التعويل عليه خاصة بعد التجربة المريرة المؤكدة بغياب المشروع الوطني الوحدوي لديه. السؤال الماثل بقوة: ماهو مشروعنا المقابل الجدير بكل اليمنيين وفي مناهضة الحالة المتخلفة المعتمدة في إدارتها للدولة الموحدة على العقلية والوسيلة ذاتهما اللتين انتهجهما الأئمة في الشمال والاستعمار في الجنوب؟

الأوطان لا تبنى على مساحة جغرافيا وإنما على كاهل المجتمعات متوحدة النسيج والطموح والمواطنة والعيش المشترك، وجميع هذه الأشياء - للأسف - مازالت غائبة ولا يراد لها الحضور في المستقبل القريب.

ما وقع في الضالع سبق حدوثه في عدن وحضرموت وغيرها من المحافظات، جرائم القتل كان يمكن اعتبارها قضايا جنائية شخصية ولا تستدعي أكثر من القبض والمحاكمة العادلة للفاعلين، لكن وبما أننا في بلد لم تؤصل فيه ثقافة الوحدة الوطنية النابعة من احترام القانون والنظام والمواطنة المتساوية والشعور بوحدة الانتماء لوطن واحد، فإن ما شاهدناه من اصطفاف أو تمترس مناطقي وجهوي يعد نتيجة طبيعية لتلكم التعبئة الخاطئة من الجهتين الحاملتين راية التوحد والتجزئة.

ثقافة الكراهية والتفرقة القائمة لا تؤسس لغير التناحر والاقتتال الأهلي والضغائن.. ثقافة مثل هذه ليست بجديدة علينا، فلقد جربناها في الجنوب والشمال ومازالنا نداوي ونكتوي بآثارها حتى اليوم هذا الذي لا يوجد فيه وطن تشيد مداميكه على أساس المواطنة والتعايش. الموطن ليس بقعة أرض أو سكنا أو ثروة نفط أو سماء وماء إنما المواطن الحقيقي هو الجدير بحياة الإنسان في كنفه وتحت سمائه وفي مجتمع يسوده العدل والمحبة والتسامح والوحدة الوطنية.

ما أسطره هنا لا أظنه كلاما ثوريا ومثاليا لا مكان له من الواقع المأساوي الذي لا ينبئ بأن ثمة غدا أجمل وأفضل لنا وللأجيال القادمة ومع كل هذه الأوضاع الممزقة لأوصال المجتمع اليمني ولنسيجه ولحمته فإنه لا ينبغي اليأس والقنوط من إمكانية العيش بسلام وود وفي وطن واحد، مجتمعنا اليمني من أكثر المجتمعات قابلية للتعايش والتوحد، مشكلتنا الجوهرية أننا لا نقوم بشيء يؤهل لوحدة قادرة على العيش والاستمرارية وعلى العكس من ذلك انساق مجتمعنا خلف الشعارات والخطابات المفرقة له والنتيجة بالمحصلة ما نراه من تمترس جمهوي ومناطقي مقيت.

عقدان من الزمن لا جديد فيهما غير سياسة (فرق تسد)، بين محافظة وأخرى بين قبيلة ومنطقة بين جهة وجهة بين حزب و تنظيم.. إلخ، الوحدة المجتمعية التي ضربت في صميمها عام 1994، لا يراد لها بعد عقد ونصف المدواة والشفاء لتقوم بدورها في عملية البناء والتحديث والتغيير لمجمل الأوضاع الاقتصادية والسياسية والديمقراطية والتنموية.

المسألة أكبر من وجود سلاح في مغسلة أو بوفيه، في ماهية القاتل أو القتيل ، من مطلع أو منزل من الشمال أو الجنوب، لا ليست القضية على هكذا نحو من الابتسار، بل تتعداه إلى تفتيت ما بقي من عرى الوحدة الوطنية، وشغل الجميع بمشكلات اجتماعية لا تنتهي أو تؤدي لحالة من الاستقرار والاطمئنان لمجتمع لا يشكو من الإثنية والعرقية والطائفية مثلما هو وجعه من غياب الإرادة السياسية غير متوافر لديها النية في معالجة ما حدث وسيحدث ولو على المدى القريب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى