قبحاً على هاماتكم عرب!

> د. عبده يحيى الدباني:

> لا نريد عويلاً ولا نحيباً ولا ذرف دموع التماسيح، كلا ولا نريد مسيرات ومظاهرات تنظمها الأنظمة العربية المتصدعة التي أذلت الأمة وباتت من أخطر أعدائها عليها.. يكفي شجباً وتنديداً وتصريحاً وحسبنا قمم عربية- هي إلى القاع أقرب- تحلل المذابح وتدين المقاومة.

نريد فعلاً عربياً ينفع الناس ويمكث في الأرض، ولكن كيف للزبد أن يغدو ماء ينفع الناس ويمكث في الأرض؟ أليست الأمة نفسها اليوم غثاء كغثاء السيل كما أنبأ بذلك خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم:

ومكلف الأيام غير طباعها متطلب في الماء جذوة

نار

رحم الله تعالى عمر بن الخطاب حين قال قولته المشهورة وهو في رحاب القدس الشريفة فاتحاً:«نحن قوم كنا أذلة فأعزنا الله بالإسلام، فلو ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله»، فما أبعد الأمة اليوم رعاة ورعية..قادة وجيوشاً عن روح الإسلام وعن نهجه القويم المتوازن، فماذا تنتظر غير الخسف والذل وظهور أعدائنا علينا وهزائم متكررة وجراح مثخنة حتى فقدت الإحساس بالألم عند الكثير «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم»..

كم يستغيث بنا المستضعفون وهم أسرى وقتلى فما يهتز إنسان؟

ألا نــفـــوس أبيـــات لـهــا نـــــقــم أما على الحق أنصار وأعوان

نلوم القادة والرؤساء وهم أهل للوم، بل للإدانة والمحاكمة لخذلانهم وتواطئهم ولتورط بعضهم فيما يحدث، ولكن الشعوب نفسها بما فيها من علماء ومثقفين وقادة جيوش وأحزاب ومنظمات وغيرها قد ضلت طريقها وأضاعت رسالتها وربطت مصيرها بعدوها واستسلمت لجلاديها، فمثلما تكونوا يولى عليكم.

قال الإمام علي بن أبي طالب خطيباً - فكأنما يخاطب العرب- وقادتهم اليوم - : «فيا عجباً والله، يميت القلب ويجلب الهم اجتماع هؤلاء القوم على باطلهم وتفرقكم عن حقكم، فقبحاً لكم حين صرتم غرضاً يرمى، يغار عليكم ولا تغيرون، وتغزون ولا تغزون، ويعصى الله وترضون».

فلم تمر الأمة من قبل بما تمر به اليوم من المهانة والتفكك والضعف والخذلان والارتهان للأعداء.

نريد فعلاً عربياً إسلامياً إيجابياً يرتقي إلى مستوى ما يجري من مذابح وجرائم وحصار في ظل تواطؤ وتورط حكومات عربية، فهل نأمل في ذلك أم أن العقم قد أصاب هذه الأمة في مقتل؟ بيد أن أسطورة حزب الله في لبنان ليست عنا ببعيد، فما تزال تتقدم نحو أهدافها بثبات، فالعقم إذن ليس مطلقاً، ولكن الأمور بأسبابها وبمقوماتها روحياً وميدانياً ذاتياً وموضوعياً.

تفحمت الجثث في غزة وتراكم بعضها فوق بعض وتطايرت الأشلاء وتدفقت الدماء في مذبحة تاريخية وجريمة كبرى بحق الإنسانية بعد حصار خسيس وجبان من العدو ورويبضته أمام مرأى ومسمع العرب والمسلمين والعالم أجمع.

يارب طفل وأم حيل بينهمــا كـــمــا تفرق أرواح وأبــــدان

لمثل هذا يذوب القلب من كمد إن كان في القلب إسلام وإيمان

فلتبق القضية حية في نفوس الأجيال الطالعة، فلعل جيلاً حاضراً أو قادماً ستشرئب إليه الأعناق وستقر به العيون ينتزع النصر ويعيد للتاريخ الإسلامي وهجه ومجده وللأمة كرامتها وشرفها.

سحائب الغزو تشوينا وتحجبنا يوماً ستحيل من إرعادنا السحب

ألا تــــرى يــا أبـا تـمـام بـارقـنـا إن السـمـــاء ترجى حين تحتجب

سيدي البردوني لقد طال انتظارنا هذا اليوم، ولكننا لن نكذب رؤياك فإنه قادم لا محالة بإذن الله، فهو أعلم تعالى أين يجعل رسالته ونصره وتأييده وهو القائل:«ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس وباءوا بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون»آل عمران112

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى