الحراك الشعبي في الجنوب أبرز إيجابيات عام 2008

> محمد قاسم نعمان:

> أبرز ما قدمه عام 2008م تواصلاً مع 2007م لليمن مجتمعا ونظاما ومستقبلا هو ظهور المستور الذي كان لبقائه مخفيا خطر يتصاعد ويتسع في الخفاء كالنار تحت الرماد.

إنها هموم الناس ومشاكلهم ومعاناتهم الناجمة عن السياسات الخاطئة والممارسات الخاطئة التي أضرت بالسلم الاجتماعي وأضرت بحقوق الناس وأضرت بثروات المجتمع وأضرت بمكونات المجتمع وأضرت بالحياة العامة وبالمستقبل، وعمقت من الشرخ الاجتماعي الذي أفرزته حرب 1994م التي بدلا من الحرص على معالجتها تم توسيعها وتعميقها بسياسات وممارسات خاطئة.. بروز الحراك الجنوبي هو أفضل ما حمله لنا عاما 2008-2007م، وأقصد بذلك أن الخطورة تكمن في بقاء الأسباب التي دفعت بالحراك إلى الظهور والتعبير العلني عنه مخفية تتفاعل في أسفل سطح المجتمع وفي الغرف المظلمة في لقاءات وجلسات الغرف المغلقة وفي تعبيرات الناس المخنوقة التي تتجسد بالنكتة والانتقادات والملاحظات العامة.

لكن أهمية الحراك وفائدته أنه جاء ليكشف عورات الأخطاء والسلبيات، وليعلن بوضوح ماهي هموم الناس ومشاكلهم.. ماهي الأخطار، وماهي السياسات والممارسات الخاطئة وماهي عواقبها ما ظهر منها وما بطن.. القائمة منها والمحتملة.

قد تقلق أسرة المريض حينما تعرف بحالة مريضها ومخاطر أمراضه.. لكنها في حقيقة الأمر المتعمق يجب أن ترتاح وتسعد لأن إظهار وتحديد حالة مريضها سوف يسهل عليها علاجه والتخفيف من آلامه وآثاره المرضية.. وبدلاً من أن يظل يعاني المرض من دون الكشف عنه وتحديد أسباب مرضه حتى يحصل على العلاج ويتعافى بدلا من إهماله الذي قد يؤدي إلى وفاته.. لذلك نقول إن تحديد المرض وأسبابه ونوع الفيروس أو البكتيريا هو بداية العلاج.

وهذا ما قدمه نشطاء الحراك.. قد يكون هناك ما تداخل وسبب اللغط وحرف الأمور عن أوضاعها وأهدافها الحقيقية، لكن ذلك أمر مرده إلى الظروف الموضوعية والذاتية لدى المكون والناتج العام لهذه المشكلات والصعوبات والأخطاء والأخطار.

لكن الأهم من كل ذلك هي النتائج أو لنقل واقع ما نحن فيه، حيث إن تلك التنبيهات التي قدمت من خلال ذلك الحراك لم تجد آذانا صاغية وعقولا راجحة.. وكان أن عادت الأمور إلى أسوأ مما كانت عليه.

وبدلا من تشجيع التعبيرات الديمقراطية لتبقى في السطح وتتفاعل مع أنشطة المجتمع عبر الحوارات والجدال الباحث عن حلول للمشكلات والصعوبات والأخطاء تم ممارسة الضغط والخنق والتضييق وهو ما أدى ليس إلى إنهاء تعبيرات الغضب والنقد من خلال الاعتراف بالأخطاء والسلبيات والسياسات الخاطئة ومواجهة الفساد والمتسببين بالمشكلات ومعاناة الناس والمنتهكين لحقوق الناس والمجتمع وأهدافه، ولكن إلى استمرارها وبأكثر ضيق وشدة، ولكن تحت الأرض وتحت الرماد، ولهذا لم تطفأ النيران ولم يتوقف الخطر، ولكنه غاب عن الأنظار إلى حد ما!! لكن معاودة ظهوره قد تكون انفجارا يجسد أكثر أشكال التعبيرات قوة وخطورة.

صحيح أنه لم يكن كل ما أفرزه الحراك الشعبي صوابا، لكنه من دون أدنى شك يوجد فيه الكثير مما هو صواب ولا يمكن نكرانه، قد يكون من أسباب عدم التعامل الإيجابي مع قضايا ومطالب الحراك يعود إلى خلافات السلطة مع أحزاب المعارضة - اللقاء المشترك- لكن ذلك سيكون عذرا أقبح من ذنب، لأن المجتمع وهموم ومشاكل ومعاناة الناس لا يمكن إدراجها في الصراعات والخلافات الحزبية وبالذات ذات الأفق الضيق، فالمجتمع والسكان ليسوا هم الأحزاب.. كما أن الأخ الرئيس ليس رئيسا لحزب ولكنه قبل كل ذلك هو رئيس لكل المجتمع ومسؤول عن كل السكان باختلاف منابعهم ومذاهبهم ومعتقداتهم وانتماءاتهم الحزبية والفكرية.

فهل يمكن للعقل أن يسمو ويرتفع تأثيره وفعله وهل للحكمة اليمانية أن تفعل فعلها الحكيم لتعود الأمور إلى نصابها خلال عامنا 2009م ويظل أملنا - بعد الله - بالأخ الرئيس والخيرين في اليمن؟

وكل عام وأملنا يتجدد بكل الخير.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى