كــركــر جــمــل

> عبده حسين أحمد:

> توفي أبوه.. ثم في خضم فوضى الأحداث في يناير 1986.. قتل أخوه (محمود) عبثا مثل بقية ضحايا هذه الأحداث المؤلمة.. ثم ماتت زوجته (أم البنين والبنات) فجأة.. واستطاع أن يمتص كل هذه الصدمات والآلام.

فقد كان رجلا قوي الأعصاب وعاش من أجل تربية أولاده وبناته الصغار حتى كبروا وتعلموا وتخرجوا في الجامعة.. وكانوا سعداء به.. وكان هو سعيدا بهم.. إلى أن داهمه مرض (السكري).. ولم يرحمه وكان أحق الناس بالرحمة.. وطال مرضه وتعذب كثيرا وكافح من أجل البقاء.. من أجل الحياة.. ولكن الموت خطفه من بين أعز الناس.. أبناؤه وبناته وأصدقاؤه.. وكل الطلبة والطالبات الذين أحبوه وفجعوا بوفاته.. وما أكثر الأموات الذين هم أحياء في قلوبنا وذكرياتنا وخيالنا.

> رحل عن هذه الدنيا الأستاذ الكبير والمربي القدير (علي أحمد عمر) الشهير باسم (العمراوي).. ونزل الخبر علينا كالصاعقة.. رنّ تلفون ابن عمه الأخ (طارق العمراوي) ونقل خبر الفاجعة إليه مساء السبت الماضي.. وصعقني الخبر.. وأصابني الذهول وانشغلت تماما عن الاستمتاع بكل ما أسمع وأرى في المقيل في بيت العيدروس (منصب عدن).. وكان حزني عظيما.. وحاولت أن أضغط على حزني.. أن أخفيه بين ضلوعي.. ولكن لا توقف الحزن.. وتحجّرت الدموع في عيوني.. ومن هول الصدمة تيبست أعضائي.. لم أهتز.. ولم أتحرك.. ولم أفكر ما الذي يمكن أن أفعله.

> كان الأستاذ (العمراوي) زميلا وأخا وصديقا حميما.. كنا ندرّس سويا في المدرسة المتوسطة بالتواهي عام 1958م.. وكان من زملائنا في التدريس في المدرسة نفسها الأساتذة: عبدالعزيز عبدالغني (رئيس مجلس الشورى حاليا).. وأنيس حسن يحيى.. وعبدالله محمد عوض.. وعبدالقادر باهارون.. ووهيب عبدالرحيم.. ومحمد زين حازمي.. وفيصل الكاف.. وكان مدير المدرسة حينداك الأستاذ الكبير والمربي القدير (يوسف حسن السعيدي) متعه الله بالصحة والعافية.. وكان الأستاذ (العمراوي) أصغرنا سنا..وبالرغم من صغر سنه كان شعلة من النشاط.. وذا قدرة فائقة في تدريس اللغة الإنجليزية.. وهذه القدرة هو الذي أقامها أمام أعيننا.. وأقامها بسهولة.. وربما كانت هذه السهولة هي التي جعلتنا ندرك عظمة هذا الرجل.

> ولأن الأستاذ (العمراوي) كان قامة تربوية عظيمة.. وكفاءة نادرة.. استطاع أن يتدرج بسرعة في السلم الوظيفي.. فقد ترقى إلى درجة نائب مدير المدرسة المتوسطة.. ثم أصبح مديرا للمدرسة المتوسطة في عدن (لطفي أمان حاليا).. ثم عميدا لثانوية الجلاء (ثانوية محمد عبده غانم) في خورمكسر.. ثم عميدا لثانوية باذيب في عدن.. ثم عميدا لمعهد التدريب والتأهيل.. وكان أنموذجا جيدا للعميد المثالي في الإدارة والتربية.. وسوف يبقى خالدا في ذاكرة كل الطلبة والطالبات الذين وجدوا فيه معلما فذا.. ومربيا قديرا.. وعميدا مثاليا.

> وكان الأستاذ (العمراوي) إنسانيا بمعنى الكلمة.. وهو رجل لطيف رقيق وهادئ.. وبالرغم من ذلك.. فقد تعذب كثيرا بمرض السكري وارتفاع ضغط الدم.. سافر إلى الهند للعلاج.. وقاوم المرض بكل ما أوتي من صبر وجلد وقوة.. ولكن المرض كان أقوى منه وهزمه.. وترك الحياة التي أحبها راضيا مرضيا.

> ورحم الله الأستاذ (العمراوي).. راجيا لطف الله ورحمته بواحد من أعز الناس علينا..!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى