التفصيل في سر العلاقة بين أمريكا وإسرائيل

> عوض الهيج:

> هاهي إسرائيل اليوم تؤكد للعالم بأسره أنها غير معنية بوهم السلام وهاهي تمارس هوايتها المفضلة في القتل والتنكيل واستعراض آلتها العسكرية الضخمة في مواجهة شعب فلسطين الأعزل منتهكة بذلك كل القوانين والأعراف وكل ماعرفته البشرية خلال تاريخها من قيم وأخلاق.

ولكن ذلك أمر متوقع منها ولاتستطيع يوما أن تفعل سواه. ولكن الغرابة كل الغرابة في تلك المساندة والتشجيع اللذين تتلقاهما من أمريكا في سلوك يثير الكثير من الغرابة ويطرح المزيد من التساؤلات وإذا كان (ونستون تشرشل) رئيس الوزراء البريطاني الأسبق يقول قولته المأثورة:(لاتوجد في السياسة صداقات دائمة ولا عداوات دائمة ولكن توجد مصالح دائمة) فإن الناس اليوم يتساءلون عن كنه تلك المصالح التي تربط بين أمريكا وإسرائيل ذلك الرباط الكاثولوكي الوثيق؟

فقال البعض منهم لعلها مصالح اقتصادية ترتبط بالتبادل التجاري بينهما كالحصول على المواد الخام وتسويق المنتجات الصناعية والخدمية ...وغيرها.

وقال آخرون لعلها مصالح جغرافية مرتبطة بالموقع الاستراتيجي وقربه من ممرات العالم المائية وأكثرها أهمية وخطورة.

وقال آخرون لعلها مصالح استراتيجية عسكرية تسمح لأمريكا بالاحتفاظ بقواعد عسكرية للانتشار السريع في إسرائيل تدافع بها عن مصالحها الحيوية في المنطقة كلما تعرضت لسوء.

والذي يمعن النظر في تلك الأقوال يجدها غير منطقية وليست لها أدنى مصداقية لعدة أسباب :

أولها: إن التبادل التجاري لأمريكا وحصولها على المواد الخام والطاقة التي تدير بها آلتها الصناعية الضخمة , والأسواق التي تستهلك ما قيمته مليارات الدولارات من المنتجات والسلع الأمريكية هي في الدول العربية وخاصة دول الخليج وليست في إسرائيل .

ثانيها: إن الممرات المائية وطرق الملاحة العالمية والموقع الجغرافي المتميز هو لدى الدول العربية في باب المندب ومضيق هرمز وقناة السويس وغيرها وليست في إسرائيل.

ثالثها: إن المصالح الاستراتيجية وقواعد القوات الأمريكية التي تدافع بها عن مصالحها الحيوية أو تشن منها العدوان على من تشاء من البلدان والشعوب هي أيضا في الدول العربية وليست في إسرائيل واحدة منها على أي حال.

إذن ما هو السبب الذي يدفع بأمريكا إلى معاداة القوم الذين توجد مصالحها الحيوية لديهم فيما تساند بقوة غير منطقية عدوهم اللدود إسرائيل التي هي مجرد عبء سياسي واقتصادي عليها وعلى دافع الضرائب الأمريكي. وللإجابة عن هكذا تساؤل فإنه لايكفي القياس على قواعد العمل السياسي ومسلماته ولا مقولة (تشرشل) المأثورة لأن تلك العلاقة ببساطة لا تخضع لتلك القواعد ولا تعترف بتلك المقولات لأنها علاقة غير طبيعية إنما ترتكز في مجملها على العوامل المشتركه التالية:

1) أمريكا دولة قوية نعم لكنها دولة حديثة عهد لا تاريخ لها وليس لها في الزمان جذور ولا في التاريخ أصول راسخة ولا موروث ثقافي ولا تجارب حضارية متراكمة.

وكذلك إسرائيل هي الوليد غير الشرعي للأمم المتحدة والاستعمار الحديث والتي لايزيد عمرها عن ستين عاما ليس غير.

2) أمريكا تكونت من مهاجرين أوربيين مغامرين سافروا إلى العالم الجديد بعد اكتشافه بحثا عن المعدن الأصفر ورغبة في اقتناص الثروة وفرصة لتحقيق الأحلام.

وكذلك في إسرائيل لفيف من يهود العالم جاءوا من أنحاء الارض وخاصة أوروبا إلى فلسطين بحثا عن المال ورغبة في تكوين الثروات وقليل منهم من يؤمن بأسطورة أرض الميعاد.

3) أقامت أمريكا الحديثة دولتها وحضارتها السامقة على جماجم أهل الأرض الحقيقيين من الهنود الحمر وروت شجرت نهضتها من دمائهم في واحدة من أكبر جرائم التاريخ فظاعة وإبادة. وكذلك إسرائيل دويلة بنيت بالقوة على جماجم الفلسطينيين ودمائهم الزكية, بعد أن ارتكبت في حقهم أبشع المجازر وهجرت من بقي منهم عن أرضهم .

4) أمريكا اليوم لا تؤمن بقوة الحق ولكنها تؤمن بحق القوة وهاهي تزحف لإعادة عقارب الزمان إلى الوراء محاولة نفخ الروح في جثة الاستعمار الذي أفلت شمسه باحتلالها أفغانستان والعراق .

وكذلك إسرائيل تؤمن بالشيء نفسه وهي ماضية في احتلال أرض فلسطين وسوريا ولبنان وتجسد أوضح صورة لأبشع نظام فاشي عنصري في القرن الواحد والعشرين.

5) أمريكا التي تروج للديمقراطية وتدعي الدفاع عن حقوق الإنسان لا تتردد في استخدام آلتها لعسكرية الضخمة والمدمرة في مواجهة الشعوب وقتل المدنيين كما حدث في أفغانستان وفي العراق أعوام 2003-98-91 بعد أن قلبت مفاهيم السياسة وغيرت نظريات علم الاجتماع يوم أن أسمت الاحتلال تحريرا ومقاومته إرهابا ومن آمن بغير ذلك فهو إرهابي أو راع للإرهاب.

وكذلك إسرائيل تجاوزتها وبالآلة العسكرية الأمريكية نفسها وهاهي تدمر فلسطين وقبله لبنان أرضا وشعبا وترتكب في حق المدنيين من النساء والأطفال والشيوخ ما يفوق تصور كل ذي عقل, وتفاخر مع ذلك بأنها الدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة تدافع عن نفسها وتحاول تحرير فلسطين من أهلها.

6) أمريكا تكن عداء سافرا للعروبة والإسلام، تكشف ذلك عند وصول المحافظين الجدد إلى البيت الأبيض، وكذلك إسرائيل التي لاتحتاج إلى سبب للعداء لأن وجودها نفسه كسرطان في جسم الوطن العربي والإسلامي هو أصل العداء. وكلاهما يؤمنان بخرافات التلموذ وتحريفات الإنجيل.

إذن تلك هي العلاقة التي تربطهما على غير المعهود في العلاقات السياسية والاقتصادية بين الدول. ولكن ذلك شأنهم فما بالنا نحن معشر العرب عن ذلك غافلون, وما بال زعمائنا وقادتنا الذين أوكل إليهم أمر البلاد والعباد مثلهم كمثل قوم نوح ?{?يضعون أصابعهم في آذانهم?}? كي لا يسمعوا النصيحة و?{?يستغشون ثيابهم?}? حتى لا يروا الحقيقة فهل ينتظر هؤلاء إلا (الطوفان)؟!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى