غزة وموقف القادة العرب

> د.عيدروس نصر ناصر :

> لايمكن القول بأن ما يجري في غزة لا يثير لدى العرب الشعور بالإهانة والعار ومن ثم السعي لعمل شيء ما، لكن المشكلة تكمن في أن القادة العرب لا يرغبون وليس في أنهم لايقدرون على القيام برد فعل يتناسب مع الجرائم الصهيونية التي ترتكب بحق مواطنين عرب، مسلمين ومسيحيين.

ما يجري في غزة ليس حربا بين طرفين متعاديين يمتلكان القدرات نفسها، و الإمكانات نفسها، والحقوق نفسها، والالتزامات نفسها، بل هي حرب بين طرف معتد ليس له أي حق يدعى به، وهو الغاضب والمحتل وهو من يحرق الزرع والضرع ويقتل الطفل والشيخ والمرأة، ويدمر المباني والمنشآت ويقصف المدارس والمستشفيات ودور العبادة، وطرف آخر كل ذنبه أنه يريد استعادة أرضه التي احتلت وحقه الذي سلب بقوة السلاح ومن ثم يسعى لبناء دولته على أرضه وتقرير مصيره مثل كل الشعوب في الدنيا.

الطرف الأول يملك كل أسلحة الدمار من الكلاشينكوف والآر بي جي، إلى الطائرات والبوارج، إلى القنابل النووية، والطرف الثاني لا يملك إلا الإرادة وقليلا من أسلحة فردية وصواريخ بدائية الصنع.

الطرف الآخر معتد وغاصب، ومحتل لأرض الطرف الثاني، والأخير صاحب أرض اغتصبت وتاريخ يزوّر وحقوق مصادرة وعاصمة احتلت، ومقدسات يتم تهويدها ومسحها من طبيعتها واحتواء مضمون هويتها لمنحها هوية المغتصب.

الطرف الأول يريد تدمير كل ما هو فلسطيني أرضا كان أم إنسانا أم هوية أم ثقافة أم آثارا، وهو من خلال عملية القتل الجماعي للصغار والكبار، للنساء والرجال، للشيوخ والأطفال، يريد أن يرغم من تبقى على قيد الحياة على الرحيل عن أرض الأجداد ليتسنى له السيطرة عليها، أو القبول بالشروط الإسرائيلية المذلة والمجحفة، لكن الطرف الثاني متمسك بحقه وهو مصمم على استعادة حقوقه مهما كلفه ذلك من ثمن، ومهما تطلب ذلك من تضحيات.

ليست المشكلة في ما يفعله الإسرائيليون فهذا يخصهم وهو يعبر عن طبيعتهم العدوانية القائمة على الاغتصاب والنهب والاستقواء ونزعه التدمير والإرهاب، لكن السؤال ماذا فعل العرب وماذا ينتظرون ليفعلوا إن كانوا أصلا ناوين على فعل شيء ما؟

لقد وصل الهوان بالعرب أن قادتهم يرهنون قراراتهم بما سيقوله عنهم الآخرون، ولايرغبون في إغضاب السيد الأمريكي، وهو إذ يكثرون من الحديث عن فلسطين والقضية الفلسطينية، فإنهم يستكثرون على فلسطين والفلسطينيين أن يجتمعوا ليقولوا ولو بيانا لا يعني شيئا.

إنني لست من الواثقين بأن مؤتمرات القمة العربية قادرة على صنع شيء فأقوى مايمكن أن تفعله هو بيانات التنديد والشجب وهذا يمكن تبادله بين الزعماء العرب بالإيميل إذا كانوا أصلا يتقنون التعامل معه، لكنهم يقدرون (لو أرادوا) أن يفعلوا ما هو أكثر من هذا.

نحن لا نطلب من القادة العرب أن يبعثوا الجيوش التي ينفقون عليها مئات المليارات من الدولارات ، وإن كان هذا يمكن أن يغدو مطلوبا بعد ما شاهدناه من سلوك وحشي إجرامي من قبل جيش العصابة الصهيونية.

لكن أهم ما يمكن أن يفعله القادة العرب هو إغلاق المكاتب والسفارات والقنصليات الإسرائيلية، ثم الضغط على الراعي الأول لإسرائيل وهو الراعي الأمريكي الذي كل مصالحه عند العرب ومع ذلك يتصدى لهم ولكل مواقفهم ويحتقر قياداتهم ويهينها، ولا يعيرها حتى قدرا من الاحترام الشكلي لإدراكه أنهم لايستطيعون أن يعملوا شيئا يضره بينما يعلم أن أي إغضاب لإسرائيل سيترتب عليه الضرر الكبير على المصالح الأمريكية.

قد يقول قائل (بل وقد قال البعض) نحن لانستطيع أن نحارب أمريكا، نقول إنه ليس المطلوب أن نحارب أمريكا، لكن المطلوب أن تحترم أمريكا مصالحها أو أن ننهي هذه المصالح، وكل طرف يبحث عمن يحترم مصالحه.

المطلوب من الأنظمة العربية أن تفتح باب التطوع للسفر إلى غزة للمشاركة في الدفاع عنها، وفتح أبواب التبرعات بالنقود والمواد والدم لدعم إخوتنا الفلسطينيين، المطلوب أشياء كثيرة يستيطع العرب أن يعملوها من أجل فلسطين، لكن هذا يتطلب إرادة سياسية جديدة ليست متوفرة في قادة يخشون غضب السفير الأمريكي، وليس الرئيس الأمريكي.

لقطات:

- رحم الله الملك فيصل وجيله من الزعماء، وهو الزعيم الذي سخر مع زملائه العرب النفط في حرب أكتوبر انتصارا لموقف مصر في صراعها مع العدو الصهيوني، من أين لنا زعماء من ذلك النوع؟

- ماتزال قضية شهداء المنصة، وشهداء الضالع والصبيحة، والمكلا والهاشمي، وزملائهم الجرحى، تنتظر ماذا ستفعل السلطة للاقتصاص من القتلة (هذا إذا كانت ستفعل)، أم أن السلطة ستظل تتستر على القتلة ومع ذلك تريد من أولياء الدم أن يذهبوا لانتخاب مرشحيها مقابل دماء وأرواح أبنائهم.

- الدكتور أحمد غرامة البعسي طبيب الأمراض الباطنية اختصاصي القلب والأوعية الدموية أعلن عن فتح عيادته في مدينة عدن (المنصورة) للعلاج المجاني للأدباء والكتاب اليمنيين. كنت أتمنى أن أسمع أو أرى بيانا أو حتى لقطة من قيادة الاتحاد للإشادة بهذه البادرة أو حتى للإعلان عنها.. تحية لك أيها الدكتور العظيم.

* عضو مجلس النواب

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى