ولماذا الاعتداء على كرامة الشهداء؟!

> د.عبيد البري:

> جاء إعلان الوحدة في 22 مايو 1990م بعد مراحل من الأزمات التي تعرض لها النظام في الجنوب نتيجة سيطرة طرف واحد على تفاعلاته مع المبادئ الأساسية التي قام عليها عند إعلان الاستقلال.

تلك الأزمات الخطيرة أفقدت النظام شرعيته، وبالتالي ضعف الرضاء العام عنه، فازداد ضعفا حتى كاد أن يصل- قبل الوحدة- إلى مرحلة التحلل.. كانت الأزمات أزمات نظام أخذت بزمامه عناصر ارتبطت بأنظمة وربطته بها تحت شعارات براقة لم يدرك الشعب الذي قدم قوافل من الشهداء مغزاها على الصعيدين الإقليمي والدولي، اللذين كان لهما تأثير مباشر في مسيرة ثورة 14 أكتوبر عام 1963م.

تلك «الوحدة الحزبية» تبنتها عناصر قيادية في الحزب الاشتراكي وفقا لمفهومها الحزبي على الساحة اليمنية، ودفعت بها مستفيدة من حماس الوحدة لدى الجماهير، ومن مواقعها المهمة التي تحتلها في مركز صنع القرار في الحزب الاشتراكي الذي تأسس عام 1978م بتوحيد التنظيم السياسي الموحد، الجبهة القومية مع التنظيمات السرية العاملة في (الشطر الشمالي من الوطن آنذاك).

إن عملا وحدويا تاريخيا عظيما وثابتا كان ينبغي أن يستند إلى إرادة الجماهير صانعة التاريخ وبانية الأوطان وحاميتها، وليس بقرار يتخذه حزب نيابة عنها.. ذلك الحزب الذي انقطع - بقرار الوحدة- عن الماضي وتجاربه، وعن تاريخ الشعوب وحضاراتها كان قد فشل في الحفاظ على أحلام الوحدة وقيمها، ففقد ثقة الجماهير به قبل الحرب وبعدها.. تلك الحرب في صيف 1994م التي أعقبتها محاولات لجعل عدن كناحية من النواحي في المحافظات النائية، ولجعل شعب الجنوب الميال إلى الحياة المدنية كقبائل تابعة لقبائل في شمال الوطن، وكذلك لجعل بعض من شيوخ الجنوب تابعين لمشايخ هناك!! لازالت مضاعفاتها تتفاقم إلى اليوم!.

فإذا كانت الحرب تثبيتا للوحدة، فلماذا الاعتداء على كرامة شهداء ثورة 14 أكتوبر وبالذات شهداء الكفاح المسلح ضد الاستعمار؟.. ولماذا تجرى المحاولات لضياع وإخفاء ما يدل على الثورة ومكتسباتها؟.. أليس نزع أسماء أولئك الشهداء من على واجهات المدارس والشوارع وغيرها دليل على محاولات إضاعة تلك الثورة المجيدة؟!.. فحسب معرفتي أن أقيمت حملة بعد الحرب لإزالة تلك الأسماء التي ترمز إلى الثورة في عموم المحافظات الجنوبية، ولنذكر بعضها في محافظة عدن على سبيل المثال: استبدال اسم مدرسة الشهيد (العبيدي) باسم مدرسة 7 يوليو، ومدرسة الشهيد (علي سالم يافعي) باسم مدرسة حمزة بن عبدالمطلب، ومدرسة الشهيد (بدر) بخالد بن الوليد، والشهيد (عبود) بالأوائل، والشهيد (مدرم) بعقبة بن نافع، والشهيد (الدلالي) بابن الهيثم، والشهيد (علي جاحص) بزيد الموشكي.. ولم أر اسم (الجلاء) على مدرسة الجلاء في خورمكسر.

ألم يكن ذلك اعتداء على تاريخ الثورة ومنجزاتها وأهدافها وقيمها وتطلعات الجماهير إلى وحدة الثورتين اليمنيتين، وطمسا لنضال شعب الجنوب.

فهل يستطيع من تبقى من الحزب الاشتراكي أن يزايد على (قضية الجنوب) بعد تلك الممارسات الخاطئة، وكل ماجرى للجنوب؟!.. وهل تستطيع قياداته أن تدعي بأي دور يذكر في العمل السياسي السلمي الجنوبي- بحركته ومفرداته- الذي يهدف إلى إزالة نتائج الحرب واستعادة الاعتبار للشعب والثورة التي استبدلت أهدافها بـ (الأهداف الستة لثورة سبتمبر) التي نقرؤها يوميا على رأس أية صحيفة حكومية؟!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى