أغنيتان للفـرح...

> فتحي بن لزرق:

> الإهداء إلى الوطن الذي أحبه.. ثمة شيء لا يمكن للشخص أن ينكره وثمة أمر لا يمكن لعاقلين أن الاختلاف عليه وهو أن ما يحدث في المحافظات الجنوبية من حراك شعبي سلمي حضاري سيدخل بعد أشهر قليلة عامه الثالث وهو كل يوم يزداد زخماً وقوة وقد حقق الكثير من التطلعات والآمال التي علقها عليه الكثير من المتعبين في هذه الأرض وممن دمرت أحلامهم وأمانيهم، كل من شاهد بأم عينيه ثروة وطن بأكمله تنهب وكرامة تداس وحقوق تسلب، أناس وجدوا كل شيء في هذا الوطن يذهب في غياهب الجب.

وحينما استمر مسلسل الضياع والدمار خرج أبناء الجنوب بعد أكثر من 13 عاما على الصمت ، صمت استمر طويلاً على أمل أن تتغير الأوضاع أو أن تنتهي نشوة المنتصر وجنونه وعبثه بكل شيء، ولكن هذا الجنون استمر طويلاً، وهذه النشوة تحولت إلى عربدة ظنت فيما ظنت أن النصر لا يمكن أن يتحول في يوم من الأيام إلى هزيمة وظنوا أن إرادة الأحرار قد كسرت إلى الأبد وهو ظن أثبتت الأيام أنه لم يكن في محله ، فلقد خرج من افتقد النظام والقانون وخرج من أبصر العابثين يعبثون بأرضه والناهبين ينهبون خيرات وطنه وخرج من شرد من وظيفته لا لشيء إلا لأنه كتب عليه أن يخسر الجولة الأولى، وخرج الكل يوحدهم الهم وتستحثهم أفعال الظلم والجور والدمار أن يقولوا لا عالية مجلجلة مزلزلة وهبت في كل الأجساد والأماكن الحياة والتوق إلى نور الفجر.

عامان من النضال السلمي الذي حقق الكثير وقلب معادلات كثيرة رأساً على عقب، عامان من الاتحاد وقف الجائعون المنهكون المظلومون جنباً إلى جنب يوحدهم الهم والقضية يشاركون هنا وهناك بإصرار وعزيمة لا تلين .

عامان من النضال السلمي الذي بدأ وليداً عفوياً، ولكنه اليوم تجربة ناضجة مكتملة الأركان والتقاسيم، شكلت الهيئات في كل المحافظات والمديريات وانضم إليها السياسي والمثقف والطبيب وأستاذ الجامعة وتحول الأمر كثيراً، وأصبح أكثر نضوجاً وقوة ، على مشارف اكتمال العامين يحق لنا أن نتوقف لكي نتحدث عن هذه التجربة السلمية وهي تمضي إلى الأمام ونخاف ما نخاف من أن تضل طريقها وتنحدر إلى مستوى آخر تغيب معه ويضيع الهدف ونضل الطريق وتسقط الآمال وتنتهي نشوة الإيمان بأن مبادئ العدالة أقوى من كل شيء. بعد عامين من الحراك والقضية الجنوبية يمكن أن نتوقف أمام أبرز وأهم ما استطاع الحراك السلمي الجنوبي أن يضعه كمعادلات ظن الكثيرون من أهل الحكم والسياسة ألا وجود لها على أرض الواقع، ولكن ما حدث أثبت أنها موجودة وأن لا شيء تراجع ولا شيء انتهى .

استطاع الحراك السلمي الجنوبي في عموم المحافظات الجنوبية أن يوحد كل من اختلف لسنوات طويلة، وأن يوجد حالة من التوحد بين أبناء الجنوب، استطاع أيضاً أن يرغم السلطة وأطيافاً سياسية كثيرة على أن تعترف بوجود قضية جنوبية والأكثر من ذلك الاعتراف بعدالة هذه القضية وذلك بعد سنوات من التجاهل والظلم والإجحاف.

لايمكن الإنكار أن الحراك السلمي الجنوبي خلق حالة رأي عام وأسس لمرحلة جديدة من النضال السلمي يمكن لها أن تحقق الكثير .

على الجانب الآخر لا يمكن الإنكار أن الحراك السلمي الجنوبي وبعض هيئات الحراك تعيش اليوم شبه أزمة يمكن لها أن تستفحل فيما هو قادم من الأيام ويمكن لها أن تضرب نضالات طويلة ويمكن لها في الوقت نفسه أن تسيء إلى قضية وطنية وأن تخيب آمال قطاع عريض من الشعب. تكمن المشكلة التي يعانيها الحراك السلمي الجنوبي في أن عفوية انطلاق الرفض الشعبي للواقع المعاش أدت إلى حالـة من اللانظام في تكوين الهيئات على مستوى المحافظات والمديريات إلى جانب أن الكثير من الأطياف السياسية شاركت باندفاع في الحراك السلمي .

إجمالاً إلى هذه اللحظة يحق لكل الأحرار الاحتفال والابتهاج بما حققه الحراك السلمي من نتائج طيبة، ولكن ولكي نظل محافظين على رونق هذا الحراك ولكي نتمكن من دفعه إلى الأمام يجب على المخلصين والمشاركين في إدارة دفة القضية الجنوبية السعي إلى طرح تصور موحد للأهداف والعمل بجدية لأجل خلق قيادة موحدة يمكن لها أن تكون المظلة التي يستظل بها المنضوون تحت لواء الحراك السلمي والأهم من كل ذلك الترفع والتضحية لأجل تحقيق الأهداف كاملة، وفي الأخير لا يسعنا إلا أن نقول للكل قول الله تعالى: (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين) الآية 46 سورة الأنفال.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى