غزة.. معركة بين الأمة العربية والصهاينة!!

> علي هيثم الغريب:

> لم يكن أمرا اعتباطيا أن يركز المستعمرون والصهاينة على أرض الأديان السماوية والأنبياء فلسطين، الذي جاء بعد تحالف العرب والغرب لطرد الدولة العثمانية المسلمة في بداية القرن العشرين.

واليوم - مثل الأمس - لم يكن اعتباطا أن يركز المحافظون في البيت الأبيض والصهاينة بتل أبيب على تفكيك الثقافة الإسلامية، وأن يبدأوا الحديث عن الإسلام بوصفه دين عنف ودين إرهاب ودين قتال يفرض نفسه على الآخرين حتى لو كذبهم التاريخ والواقع، وكذبهم أن أكبر البلدان الإسلامية (إندونيسيا) لم يدخلها جيش إسلامي.. وانتشر فيها الإسلام شأنها شأن البلدان الإسلامية المعاصرة بلا جنود ولا سيوف.

وعندما كان الإسلام بيد العرب قبل حرب أفغانستان ضد الاتحاد السوفييتي (سابقاً) كان ينتشر في معظم بلدان الغرب (بما فيها تلك البلدان التي أقامها الصهاينة) بلا جنود ولاسيوف، مما يعني أن الإسلام لايرفع سيفا إلا ضد ظالم أو غاصب أو قاتل.. وأيضا لم يكن أمرا اعتباطيا أن تكون حماس والمقاومون الفلسطينيون وبعض العرب الرافضون للاستعمار الصهيوني صورة للإرهاب والتوحش، كما صوروا - سابقا - كل زعماء الثورات العربية ضد الاستعمار في صورة المتمردين القتلة، وألبوا عليهم كل شعوب الغرب وأحيانا ألبوا عليهم شعوبهم.. وفي الوقت نفسه ظل الصهاينة يكيلون المدائح لخدامهم ووكلائهم من العرب والمسلمين، وترفعهم أمريكا إلى درجات عالية أمنيا وسياسيا وإن كانوا محتقرين في نظر شعوبهم الذين يعبرون عن احتقارهم لهم في صور متعددة، وهم يبررون تخاذلهم وهروبهم مما يجري اليوم في غزة.. وظلت الصورة المشوهة للإسلام وللجهاد في فلسطين تزداد رسوخا في الإعلام الصهيوني والغربي وخاصة بعد حرب جنوب لبنان المجيدة عام 2006م التي قطعت ذراع مؤسسة القتل الصهيونية المسماة بالجيش الذي لايقهر.. لقد عمل الصهاينة والمحافظون في أمريكا على تفكيك (الجهاد) في فلسطين وشوهوه في واقع الثقافة الإسلامية، فالجهاد كان مسموحا له في أفغانستان ضد الروس، ولكنه غير مسموح له في فلسطين المحتلة؟!. ليظل العرب بثروتهم وأمنهم تحت رحمة الغزاة الصهاينة، ويبقى نهب الموارد الاقتصادية العربية والهيمنة على المواقع الاستراتيجية العربية مسألة سهلة ومتاحة، بلا عقبات ولا أي رفض عربي.. ولا أشك لحظة أن الغرب والصهاينة كانوا من وراء بعض العمليات الإرهابية الحقيقية التي قام بها أشخاص مسلمون بالاسم ليقنعوا العالم، وخاصة بعض البلدان التي بدأ الإسلام ينتشر فيها، أن الإسلام دين إرهاب وعنف وسفك دماء.

وانتقلت الفنون الصهيونية ومنظماتها المتطرفة في الغرب إلى مؤسسات الفنون من خلال الأفلام والمسرحيات والمسلسلات التلفزيونية في تشويه صورة الإسلام والمجاهد في فلسطين، وإظهاره في صورة المتخلف السفاح الذي لايملك علما ولا ضميرا، وغايته القتل، ولاشيء غير القتل.. بل أنهم جعلوا من المجاهدين في جنوب لبنان وغزة والضفة والقدس تحريرا لأوطانهم مجرد قتلة إرهابيين ومأجورين يعملون لحساب دول أخرى.. مع أن هذا الجهاد شرعه الإسلام لطرد الغزاة ولصد المعتدين.. ولدرجة أن بعض الأنظمة تمضي على النهج الصهيوني وتعزف على نغمة البيت الأبيض. والمشكلة المباشرة اليوم ليست عند ثقافة الصهاينة ومعها الغرب، بل تكمن في ثقافة بعض الأنظمة العربية التي تستفيد من علاقتها مع الولايات المتحدة لضرب شعوبها داخليا والتخلص من المعارضين لها.. بل ويرون في الجهاد ضد الغزاة الصهاينة ضربا من الانتحار والتصرف الطفولي والانفعالي، وكثيرا مايسخرون من تضحيات القوميين العرب والإسلاميين ضد الاستعمار الأجنبي في النصف الثاني من القرن العشرين.. بل ويعتبر أي حديث عن فخر الإنسان العربي بنفسه وتاريخه وشجاعته جريمة حتى لايواصل نضاله المشروع داخليا في سبيل حريته وكرامته.. وكثيرا ماتردد بعض الأنظمة العربية أن الحديث عن مواجهة الظلم والفقر والاستبداد هو نوع من العنتريات (الفارغة) التي لاتتفق مع العصر الحديث.. فتستخدم كل آليتها العسكرية والأمنية ضد مجموعة من الشرفاء في الوقت الذي لاتلتفت فيه إلى ماتفعله طائرات وصواريخ الصهاينة في غزة بصورة شبه يومية وتنظر إلى استغاثات أمهاتنا وتوسلات أطفالنا في فلسطين بدم بارد، بل وتبرر ذلك بأنه بسبب المقاومة ومع شديد الأسف أن السؤال الذي يطرحه البعض على حماس في غزة والمقاومة في كل فلسطين: كيف تقاومون إسرائيل وأنتم ضعفاء؟.. ونقول لهؤلاء أن الله سبحانه وتعالى أمرنا بالإعداد للأعداء على قدر إمكانياتنا ومقدرتنا (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة..) (الأنفال 60).

إن بعض الأنظمة العربية تخطط لضرب مكوناتها الداخلية بصورة مقززة وتحرم شعوبها من الخبز والدواء والعلم والأمان، وتتجاهل ليفني ورايس في استهانتهما بنا واستباحتهما لدماء أمهاتنا في فلسطين.. ونسمع من قادة الجيوش العربية من يقول لليفني ورايس إننا مع السلام الإسرائيلي.. في الوقت الذي تقطع به صواريخهما (ليفني ورايس) أجساد أطفالنا في غزة؟!.. فهل يوجد كلام أقل تهاونا وتهاويا من هذا؟! .

إن فلسطين لن تتحرر إلا من داخل كل عاصمة عربية تتمسك بعروبتنا وإسلامنا وتناضل سلميا ضد الجهل والتخلف والانقسامات الداخلية التي طولت من عمر الحروب الأهلية وقادتها، فالصهاينة يعيشون الآن في حرية وديمقراطية ورفاهية بينما نحن بعيدون عنها.. إذن فالعيب فينا وليس فيهم، بل إن مواجهة العدو لاتستقيم دون مواجهة جادة وموازية لمواجهة الاستبداد السياسي والتخلف الاقتصادي والتراجع العلمي والتشرذم الاجتماعي، وهي آفات تضرب بعنف في شرايين الأمة العربية وقلبها وتعيقها الدفاع عن نفسها.. ومواجهة هذه الآفات لاتقل أهمية عن مواجهة العدو الصهيوني.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى