التصالح مع الذات ومع الآخر

> د.صالح يحيى سعيد:

> تصاب وتبتلى العديد من البلدان وخاصة النامية والمتخلفة منها بأنواع متعددة من الكوارث ومنها على سبيل المثال - لا الحصر - الصراعات الدموية والسياسية الحادة الداخلية منها ومع الغير، وذلك كما حصل في بلادنا خلال العقود الماضية.

وإذا كانت مثل تلك الكوارث عبارة عن ظاهرة طبيعية نتيجة الخصائص الموضوعية والذاتية التي تميز هذه البلدان المعنية ومنها بلادنا، إلا أنها تؤثر تأثيراً كبيراً وعميقاً في حياة الناس وفي مصالحهم، الأمر الذي يتطلب تجنب الوقوع في مثل تلك الكوارث التي تمت الإشارة إليها والعمل على معالجة نتائجها المختلفة بصورة عادلة وكاملة والحيلولة دون تكرارها على أقل تقدير.

وفي هذا الصدد فإنه لشيء إيجابي حقاً أن يصل أبناء الجنوب وبقناعة تامة الى اتفاق على ضرورة إنهاء وإلى الأبد الصراعات التي حصلت بينهم نتيجة تأثيرات وعوامل داخلية وخارجية، وذلك من خلال ابتكارهم وبمساعدة مفكريهم ومناضليهم فكرة التسامح والتصالح والتضامن التي بدأت بوادرها منذ ما بعد حرب صيف 94م الظالمة وتجلت بصورة جدية منذ مطلع 2006م من جمعيتي ردفان والعواذل في عدن، ثم بدأت تتجسد تلك الفكرة المهمة على صعيد الواقع بصورة عملية في مختلف محافظات الجنوب، وذلك من خلال تأسيس ملتقيات التسامح والتصالح والتضامن، بهدف إنهاء صراعات الماضي كافة ونتائجها التي حدثت بين الجنوبيين منذ ماقبل ثورة 14 أكتوبر وحتى الآن.

كما لعبت أيضاً حركة التسامح والتصالح والتضامن الجنوبية ممثلة في تلك الملتقيات دوراً كبيراً في النضال السلمي الجنوبي، وعليه وبالاستناد إلى المفاهيم والأهداف الحقيقية للتسامح والتصالح فإن الحقيقة تتطلب من بعض أبناء الجنوب أن يكونوا في مستوى المسؤولية الوطنية والأخلاقية الكاملة في التصالح مع أنفسهم أولا وقبل كل شيء، وذلك عبر الضغط على ذواتهم لتغليب فكرة التسامح في مواجهة التأثيرات السلبية التي مازالت سائدة في نفوسهم، وانتصارا للحقيقة القائلة بأن الإنسان يعيش في صراع ما بين القديم البالي والجديد المتطور، وعندما ينتصر الجديد نستطيع القول إن الإنسان سوي بالفعل ويتمتع بوعي ومسؤولية وفي هذه الحالة فإنه يستطيع فعلاً التسامح والتصالح مع الآخرين الذين مازالوا يعانون تأثيرات الماضي السلبية.

وبتسامح وتصالح الإنسان مع نفسه ومع الآخر يستطيع أبناء المجتمع الواحد أن يوحدوا صفوفهم ويحققوا الأهداف التي يعملون من أجلها ويناضلون في سبيلها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى