هل ماتت الجامعة العربية؟!

> د. عيدروس نصر ناصر:

> لم يعد هناك في الأفق ما يشير إلى إمكانية قيام النظام العربي - بوضعه الراهن - بأي دور يتعلق بالقضايا القومية المصيرية الساخنة ولا حتى الباردة، وهل هناك قضية أكثر من سخونة مما تتعرض له غزة العربية الفلسطينية من سحق وقتل وتدمير وإبادة جماعية على أيدي العصابة الصهيونية الإجرامية؟.

ومع ذلك فقد اختلف القادة العرب، ليس في الموقف الذي يمكن اتخاذه تجاه هذه الجرائم التي تمس بني جلدتهم، بل اختلفوا في ما إذا كانوا سيجتمعون أم لا.

ليست المصيبة في أن عدو الفلسطينيين وعدو العرب من المسلمين والمسيحيين قوي بما يفوق قدرتهم على مجابهته، بل المصيبة هي أننا نحن العرب والمسلمين قد أوكلنا أمورنا لقادة ليسوا مؤهلين حتى للدفاع عن أنفسهم كأفراد، فما بالنا بالدفاع عن كرامة أمة ومصير شعب!، لذلك فقد راحوا يفرطون بكل ما هو نبيل وسامٍ من أجل عدم إغضاب أعداء الأمة.

القضية - إذن - ليست قضية قوة وضعف، أو قضية اتفاق واختلاف، القضية هي قضية إرادات ومصالح أنانية ضيقة، تغلب الوقتي التافه العابر على الاستراتيجي السامي الوطني والقومي.

لقد تصرفت بلدان بعيدة لا ترتبط بالفلسطينيين إلا برابطة الإنسانية والانتماء إلى هذا العالم الكبير، منها فانزويلا وبوليفيا، تصرفتا تصرفا كان ينبغي أن يتخذه العرب منذ أمد طويل، لكن الفرق هو أن تشافيز وموراليس حران يستمدان شرعيتهما من شعوبهما، بينما حكام العرب ليسوا أحرارا وشعوبهم ليست حرة، فهم إذ يمارسون كل أشكال القمع والتنكيل ضد شعوبهم ويسومونها سوء العذاب فإنهم يخضعون لإملاءات كواندليزا رايس وتسيبي ليفني في السر والعلن، ولذلك فهم لا يأبهون لإرادة شعوبهم بقدر خضوعهم وإذعانهم للخارج الذي لا هم له إلا مصالحه ومصالح ابنه المدلل إسرائيل.

لقد أصبحت الأنظمة العربية معزولة عن شعوبها لا ترتبط بها إلا عندما تخرج فيالقها البوليسية والعسكرية لقمعها (أي لقمع الشعوب) عندما تخرج للتعبير عن قرفها من هذه الأنظمة ورفضها لسياساتها المعوجة والبائسة، وإلا كيف نفسر خروج الملايين من العرب والمسلمين للتظاهر مع الفلسطينيين في حين يختلف القادة العرب عن مكان وموعد اجتماع القمة وليس حتى على ماذا سيقررون في هذا الاجتماع.

لقد فعل تشافيز وموراليس ما عليهما بينما لم تجرؤ دول عربية ليس على قطع العلاقات الدبلوماسية مع العدو بل على إصدار بيان تنديد وشجب، وهو لن يكلف إلا قليلا من الحبر وبعض الورق.. فما بالنا ونحن نتطلع إليها بأن تتخذ موقفا من شأنه أن يحمي مقدساتنا وأعراضنا وكرامتنا ومصير أمتنا؟

أكاد أجزم أن منظومة الجامعة العريبة قد دخلت مرحلة الموت السريري، وما علينا إلا إعداد بيان النعي والدعوة لها بالغفران أو اللعنة على ما ألحقته بنا من آلام وعذابات لا تحصى.

خلاصات

- منذ زمن بعيد كنت معتقدا أن اتفاقيتي كامب ديفيد ووادي عربة لم تجلبا لشعوبنا العربية إلا الويل والثبور، وكدت أن أتراجع عن هذا الاعتقاد، أما بعد ما لاحظته من تصنم الأنظمة العربية تجاه مجازر غزة فقد ازددت يقينا بأن هذا الاعتقاد صائب 100 %.

- يستطيع الحكام العرب أن يخطبوا عشرات السنين عن عروبتهم وتعاطفهم مع الفلسطينيين، ولكنهم لن يستطيعوا أن يحدثوا بتبجحهم هذا 1 % مما أحدثه موقف كل من هوجو تشافيز، وايفوا موراليس، ورجب طيب أودوجان.

- لو أن الفلسطينيين ليسوا عربا وكانوا ينتمون إلى أحد أدغال أفريقيا أو إحدى قبائل القوقاز أو إحدى جزر الكاريبي لكان حقهم العادل قد عاد إليهم منذ عقود، لكن انتماءهم إلى العرب والعروبة هو ما جعلهم في هذه المكانة من المظلومية والإجحاف بسبب تهاون أبناء جلدتهم.

- قمة الدوحة وضعت قمة الكويت أمام المحك، وما على السادة المجتمعين في الكويت إلا أن يؤكدوا أن قمتهم أفضل من قمة الدوحة.

Aidrooos55.maktoobbLog.com

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى