حسبنا الله ونعم الوكيل

> علي صالح محمد:

> لأكثر من ثلاثة أسابيع ونحن نعيش الصدمة والحسرة والألم إزاء ما نراه وتنقله القنوات الفضائية العربية والعالمية من صور للمجازر الوحشية والهمجية ضد شعب غزة الأعزل المقاوم ببسالة أسطورية.

والمحاصر منذ أشهر في عملية غير متكافئة من كل النواحي وخالية من كل الاعتبارات والقيم الأخلاقية لحقوق الإنسان ومبادئ الحروب المنصوص عليها في اتفاقية جنيف، وفي عملية رفض مستهترة بقرارات مجلس الأمن والمجتمع الدولي، الذي مورست تحت مظلته الكثير من الجرائم ضد الشعوب، وهاهو المجتمع يقف متفرجاً على ما يجري غير قادر على الدفاع عن مقرراته الكثيرة ضد إسرائيل، لماذا؟ لأنها إسرائيل المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا والمستمدة قرارتها من قوة تضامنها الداخلية ضد الغير، وإسرائيل حسب قول السيدة ليفني في يوم الخميس الموافق 2009/1/15م إنما تقوم بهذه المذابح في غزة حماية لأمنها ووجودها الأمر الذي يجعلها غير معنية بأي قرار من أي جهة دولية كانت ومن حقها هي فقط - كي تحافظ على أمن مواطنيها -أن تستخدم آخر ما أنتجته المصانع الحربية الأمريكية من أسلحة دمار لم تستخدم من قبل قط، لتجعل من غزة وأهلها ساحة تجارب لهذه الأنواع من الأسلحة المحرمة والمدمرة في عملية تعد واضحة للجميع، بهدف رفع معنوية الجندي الإسرائيلي وثقة المواطن بها، وفي حال نجاحها في غزة لايستبعد استخدامها في حرب قادمة مع حزب الله اللبناني لتثأر لهزيمتها الكبرى في حرب تموز من عام 2006، كل ذلك يجري في ظل صمت مخجل وتواطؤ معيب من قبل بعض الأنظمة العربية، كما هو متوقع ومتفق عليه لأن حماس أصبحت مصدر قلق للجميع على غير ماكان متفقا عليه. ومن غرائب الأمور أن الأنظمة العربية تعيش حالة خوف ورعب من إسرائيل وجيشها الذي لايقهر منذ عام 1948، كما تعيش الذل والهوان والتبعية منذ عام 1967، في حين أن إسرائيل تعاني الرعب والخوف من منظمات المقاومة الإسلامية في لبنان وفلسطين التي تشكلت كنتاج للهزيمة وممارسات الاستبداد والقهر والاحتلال منذ مابعد الهزيمة في 1967، وهنا تتأكد حقيقتان الأولى أن إرادة الشعوب لايمكن قهرها حين تمتلك القيادة الواعية المنظمة والنزيهة المؤمنة بعدالة قضيتها والمستعدة للتضحية، وثانياً تؤكد مقولة أنه في ظل الدولة الاستبدادية وفي إطار عملية تبادل الأدوار تتحول القوى المستضعفة إلى مشروع قوة قادم. وفي ظل هذا الهوان والتواطؤ العربي الرسمي مع العدو فإن السؤال الذي يبرز إلى الأذهان هو لماذا وضد من تتسلح الأنظمة العربية وبموازنات تفوق كثيرا ميزانياتها المرصودة من أجل التعليم والتنمية والخدمات ؟

إسرائيل ترصد ألف دولار لتعليم كل طالب سنويا وفي أفضل دول عربية يتم رصد مئة دولار لكل طالب، إسرائيل تبرر تسلحها وتستخدمه بصلافة أيضا وعلى مرأى ومسمع الجميع وبلا خوف من أحد، لكن ما الذي يبرر التسلح العربي بالمليارات وضد من يوجه ؟

الشيء الذي نعرفه أن هذه الأنظمة لم تطلق رصاصة واحدة ضد العدو الإسرائيلي منذ 1973، والشواهد الكثيرة تقول إن أجهزة أمن وجيوش هذه الأنظمة توجه وتستخدم السلاح ضد شعوبها مثل ماحصل مؤخرا في عدن، حيث استنكرت أجهزة الأمن على الناس أن يلتقوا ليعلنوا عن تضامنهم مع غزة أو تسامحهم وتصالحهم بمناسبة ذكرى 13 يناير لتواجه تجمعهم بمسيلات الدموع والرصاص الحي لتصيب العشرات منهم وتزج بالمئات في السجون في عملية عبثية خالية من أي منطق أمني أو سياسي من حيث توقيتها أو مدلولاتها. كنت أتمنى مثل غيري أن يكون هذا الاستئساد وهذا الرصاص - ونحن نشاهد جرائم الجيش الإسرائيلي ضد أهلنا وإخوتنا في غزة - موجها بطريقة ما إلى العدوان الإسرائيلي الغاشم الذي يعيث في أرض فلسطين فساداً مابعده فساد، لا أن توجه ومنذ سنوات إلى صدور أبناء الوطن في تناقض شنيع مع مسمى الوحدة الوطنية وتضاد فاضح مع قوله تعالى: (إنما المؤمنون أخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون) الحجرات 10 .

إسرائيل تتباهى بالديمقراطية لشعبها وبذبح من يهدد أمنها، وأنظمتنا تتباهى بالذل أمامها والتباهي في ممارسة الاستبداد والقمع لشعوبها كأنها بذلك تمارس الدور نيابة عنها، ألا يبرر هذا القمع وهذا الاستبداد الداخلي العدوان الإسرائيلي ضد لبنان وفلسطين والعراق بحيث لا يجرؤ حاكم عربي أن يستنكر أو ينتقد لأن حجة إسرائيل عليه ضد شعبه أكثر بكثير من حجته عليها؟.. حسبنا الله ونعم الوكيل .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى