كثر المذلة عار

> علي حيمد:

> الأوضاع المتردية والعصيبة التي تعيشها الأمة العربية عامة والشعب الفلسطيني في قطاع غزة خاصة هي أوضاع مأساوية حقيقية لم نشهد لها مثيلا منذ بداية الصراع العربي الإسرائيلي في 1984م وعلى مر كل الحروب التي خاضتها أمتنا العربية مع العدو الإسرائيلي.

ولايمكن أن تنتمي أو تنتسب لتاريخ هذه الأمة العريقة في النضال والكفاح من أجل وحدة أراضيها والدفاع عن كرامتها وعزتها وأمنها منذ فجر التاريخ، هذه الأمة التي استطاعت أن تتجاوز محنها في بعض مراحل تاريخها وتنتصر عليها وتعود مرة أخرى قوية متماسكة موحدة القوى للخوض في معارك التقدم والحضارة، ولانستطيع أن نتناسى مراحل مضيئة من تاريخ أمتنا العربية في مقاومة الغزاة والحروب الصليبية وحروب التتار وغيرها في التاريخ القديم ومقاومة المستعمرين في عصرنا الراهن .

ولكن هذا الزمان الرديء زمن الانحسار والاستكانة والاستهانة زمن العبث واللهو لايسع المرء إلا أن يتحسر على الأيام الخوالي أيام الكرامة والعزة، الأيام التي كان فيها رأس الأمة مرفوعا، لعل ذلك الماضي يمدنا اليوم بالقدرة على مقاومة موجة الإحباط التي يتعرض لها المواطن العربي والفلسطيني على وجه الخصوص.

في هذا الزمن يجد الإنسان المتعطش إلى تخليص وطنه من كافة المآسي التي لحقت به نفسه مقيدا لايستطيع عمل شيء سوى الاحتجاج والتنديد والشجب والإدانة، فلقد أصبحت هذه الوسيلة الوحيدة للتعبير عن مواقف شعوبنا العربية في ظل أنظمة أصبحت في حكم الأعمى والأصم، أو كالذي يوحي إليك أن هذا الأمر لايعنيه. رحم الله الزعيم العربي الكبير جمال عبدالناصر، الذي كان رمز ذلك الصمود والعزة والكبرياء، ففي هذه الأيام ونحن نشاهد الصهاينة يمارسون أبشع صور الهمجية ضد شعبنا الصامد في غزة لتحرق آلتهم العسكرية الأخضر واليابس وتقتل الشيوخ والنساء والأطفال في مساكنهم ومدارسهم وفي المستشفيات وتقضي قضاء مبرما على البنية التحتية في هذا الجزء الغالي من الوطن الفلسطيني الجريح .

إنني وأنا أتابع هذه المشاهد البشعة عبر كافة الفضائيات التي أصبح جزءا من اهتماماتها إحصاء عدد أيام الهجوم الهمجي وحصر عدد الشهداء والجرحى، إنها مناظر لاتطيق النفس البشرية مشاهدتها، أسترجع في ذاكرتي صور أطفال الحجارة، أبطال الانتفاضة الأولى والثانية في الضفة الغربية والقطاع وهم يهاجمون اليهود (السنكاح) الجبناء.. أسترجع صور الخوف والهلع البادي على وجوه جنود الاحتلال كلما أصابتهم حجارة طفل من أطفال فلسطين الموحدة آنذاك عندما كانت إرادة الفلسطينيين موحدة الهدف والمبدأ.

رحم الله المجاهد الأكبر ياسر عرفات، الذي بعد وفاته تفرق الجمعان وانشقت اللحمة، وما أود قوله أن النصر لايمكن أن يتأتى إلا بوحدة كل فصائل العمل الوطني الفلسطيني، لأن في وحدتهم وحدة الكفاح والنضال والمقاومة والتصدي لعنجهية وهمجية العدو الأزلي لأمتنا العربية والإسلامية وتحقيق النصر المؤزر وقيام الدولة الفلسطينية الموحدة وعاصمتها القدس الشريف.

إنني أقول لأطفال غزة واخترت الأطفال كرمز لصمود أهالي غزة من نساء وشيوخ ورجال الذين تراق دماؤهم الطاهرة على الهواء مباشرة أقول لهم إن دماءكم ودموعكم غالية، إنكم بصمودكم البطولي ضربتم أروع الأمثلة للصمود والاستبسال والشهادة في سبيل الدفاع عن قضيتكم قضية كل العرب (المتفرجين) الذين تقدمون أرواحكم رخصية نيابة عنهم، بل وما يدعو إلى الشفقة على زعماء الأنظمة العربية أنه مع اشتداد أزمتكم اشتدت أزمة الخلافات العربية واتضح للقاصي والداني ولاؤهم لأعداء الأمة، بل جعلوا من خلافاتهم ستارا يدارون خلفه عدم قدرتهم على اتخاذ قرار صريح وشجاع من شأنه نصرة المقاومة الفلسطينية الباسلة، إلى متى ياعرب هذا التوهان والتمترس وراء الخلافات.. إلى متى سنظل نتجرع مرارة كؤوس الذل والعار والخنوع لشروط تمليها علينا دول لايروق لها أن ترى راية العرب والمسلمين خفاقة منتصرة؟! لأنهم لم ولن يرضوا عنا حتى نتبع ملتهم.

إننا يا أهلنا في غزة لانملك إلا التضرع إلى الله تعالى بالدعاء لكم بالنصر المؤزر، أما أنتم يازعماء العرب فإنني أذكركم بقول الشاعر حسين المحضار رحمه الله: (كثر المذلة عار)، فإذا كنتم خائفين على جيوشكم النظامية أطقلوا العنان لشعوبكم فإنها قادرة على الذود عن العزة والكرامة العربية .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى