لمن تقرع الأجراس ؟

> محمد فارع الشيباني:

> «لاتسأل لمن تقرع الأجراس، لأنك لن تسمعها عندما تقرع لك) هذا مثل شعبي أسباني قديم وقد اشتهر كثيرا أثناء الحرب الأهلية الأسبانية بين مؤيدي الملكية ومؤيدي الجمهورية في أسبانيا.

وأصل هذا المثل يعود إلى عادة كانت منتشرة في أسبانيا هذا البلد الجميل وخاصة في القرى الصغيرة أشهرها قرية (بيرونيكا) التي أباد فيها المؤيدون للملكية بقيادة (فرانكو) الجمهوريين من خلال مجزرة دموية أصبحت مشهورة وخلدها الفنان العبقري الكبير (بابلو بيكاسو) وقام المجتمع الدولي بتعليق هذه اللوحة على أحد جدران مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

وكانت العادة في قرى أسبانيا إذا مات أي شخص من أهالي القرية أن تقرع أجراس الكنيسة ليعرف أهل القرية أن هناك من مات، ولكن الناس وبدافع الفضول المعروف عنهم كانوا دائما ما يسألون (لمن تقرع الأجراس؟؟) لمعرفة من الذي مات، ومن هنا جاء المثل الشعبي (لا تسأل لمن تقرع الأجراس لأنك لن تسمعها عندما تقرع لك) أو بصورة أوضح أنه عندما تكون أنت الميت وتقرع الأجراس لأنك مت فلن تسمعها.

يحمل هذا المثل معاني فلسفية كثيرة لا أريد الخوض فيها، لأني لست فيلسوفا ولكن هناك معنى واضح له وهو أن الموت حق على كل إنسان، ولابد أن يأتي ذلك اليوم الذي تقرع له فيه الأجراس.

وفي تاريخنا القريب هنا في اليمن فقد قرعت الأجراس وأقول ذلك مجازا، لأننا شعب مسلم يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره من عنده تعالى، أقول قرعت الأجراس للشهيد محمد محمود الزبيري وهو يحاول الإصلاح بين الإخوة الأعداء .. وفي عدن قرعت الأجراس للكثير، ولكن أحب أن أذكر الشهيد خالد هندي من أبناء حافة حسين في كريتر ، الذي لايذكره أحد هذه الأيام مع أنه مات شهيدا وهو يقاتل من أجل حرية الوطن أثناء حرب التحرير ومع الأسف الشديد فقد تناساه رفاقه في حرب الاستقلال.

أنا لست مؤرخا ولا أسعى إلى كتابة التاريخ ولكن هناك كثيرون وكثيرون سقطوا وهم في درب التحرير، ولا يذكرهم أحد.

إن هؤلاء ماتوا ولم يسألوا يوما لمن تقرع الأجراس وهم يعلمون علم اليقين أن اليوم الذي ستقرع الأجراس لهم ليس ببعيد .

إن بلادنا تمر في هذه الأيام بظروف صعبة وخطيرة وأزمة لم تر مثلها منذ أيام حرب التحرير وحروب ثورة 26 سبتمبر. وكل ما أتمناه هو أن تسود الحكمة وأن تقرع الأجراس، فقد تعبنا ولم نعد نستطيع التحمل، واللهم احفظ عدن آمين يارب العالمين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى