سعودي أحمد صالح الفنان والإنسان .. إنَّا لك أوفياء

> «الأيام» علي محمد يحيى:

> من فيض أنغامك رياض الفن تزدهر ** وفي غناك طاب الأنسُ والسمرُ ** وافترَّ ثغر لحونك عن شدا عبقٍ **يكاد يورق من أنفاسه الحجرُ

هكذا أحييك أيها الفنان الكبير سعودي أحمد صالح، يامن بقي من حماة الأغنية اللحجية الأصيلة التي طالما عشقناها وعشنا معها وتذوقناها منذ اليفوعة والشباب ..أطال الله في عمرك ومتعك بالصحة والعافية، أحييك بهذه الأبيات التي أزعم أنها شعر وماهي بشعر إن هي إلا فيض مشاعر تراصّت كلماتها فانساقت في سجع خُيِّل إليَّ أنها شعر، ومابرحت إلا أن أراك تحتضن بين ذراعيك وفؤادك فنك الأصيل مبتعداً به عن الإسفاف محافظاً على قيمك التي تربيت عليها وتأصلت بها منذ زمن الروَّاد ممن أردكتهم ومن لم تدركهم .

أحييك أيها المبدع الجميل صاحب الخلق الجميل والفن الأصيل ذو الصوت العذب والنغم الشجي اللذين تتمايل لهما الأفنان في خمائل الفل والكاذي وسحر الجمال، كما هي قلوبنا وأفئدتنا حين تملأ أسماعنا الصاغية الصافية شدواً آسراً أخاذاً فترحل بنا عبر الأثير بشدوك وشجوك في جنّات ودُنى تسكنها البلابل المغردة وتطير من حولها فراشات الحب والوجد وتحط على أزهارها الندية المضمخة بأريج العشق .

وكما عرفناك علماً مبدعاً صوتاً ونغماً، عرفناك كاتباً في الأدب والفن خاصة حين تتناول في مقالاتك الإنسانية هموم من حولك ومعاناتهم وتنسى فيها نفسك وحالك، وتطلب الإنصاف لهم والالتفات إليهم، وأنت أشد من يحتاج إلى من يُنصف ويلتفت إليه.. هكذا هي روحك - روح الفنان الأصيل - الصادق في ظاهره وفي باطنه. منذ الشباب ومازالت في ذاكرتنا أغانيك التي كلها طرب، فهل يمكن أن ننسى «ياسين يازين ياسين» و «كيف أفعل بقلبي» و«يقلوا لي الهوى قسمة» وغيرها من أغانيك الساكنة في الأفئدة المستقرة في الوجدان؟ وفي عدد «الأيام» الغراء المرقوم بـ5647 الصادر يوم الإثنين 23 فبراير 2009م قرأت مقالاً للأديب الأستاذ عياش علي محمد في صفحة (الفن والفنانون) موسوم بعنوان «سعودي أحمد صالح .. الفنان الذي أبكى عبدالله هادي سبيت» وبقدر ما استمتعت بقراءة ذلك المقال الجميل وبما حمل بين سطوره من بعض تاريخك الإنساني المبهج بقدر ما آلمني حديثه الصادق عنك في فاتحة مقاله حين أشار إلى ماكان من لقائه بك وما رآه على محياك من ملامح وآثار الهموم والضنك .. متساءلاً (ماذا أصاب الفنان سعودي.. وجعله على هذه الشاكلة؟؟ هل هو من المستوى المعيشي البائس الذي يعيشه !! أم من (كتل) الأمراض المتراكمة عليه منذ زمن ولم يحس أن هناك من يحن عليه ويتلمس همومه ؟؟).

الأمر المضحك المبكي اليوم أيها العزيز سعودي أننا نمارس كبائر الخطايا بحق أعلامنا الكبار من المبدعين وفي كل ضروب الإبداع حين جعلناهم يشعرون بالمذلة واليأس والقنوط في وقت حاجتهم لنا كي نرد لهم وفاءهم بوفاء (ما جزاء الإحسان إلا الإحسان) وهذا لعمري إنما لضعف أمرنا وفساد ضمائرنا .

في أيامه الأخيرة توافدت على دار الراحل الكبير عطر الذكر الفنان حسن عطا - طيب الله ثراه - جهات مختلفة .. وكأنهم لم يكونوا من قبل ذلك على اطلاع بحاله ومرضه وهو الذي ظل طويلاً يشكو ألمه لمولاه رب العزة أرحم الراحمين، توافدوا مكرهين كي يحفظوا ماتبقى من ماء الوجه بعد أن أعلن أحد رجال الخير تولي مهمة علاجه وتكاليفها، فانبروا يتخذون القرارات والإجراءات الفورية لسرعة تسفيره للعلاج .. وماهي إلا أيام معدودات بعدد أصابع اليد الواحدة حتى كانت مشيئة الله تعالى بأن يقضي نحبه ومابدل تبديلاً،ولم يكن آخر من كتب عنه مناشداً جهات الاختصاص الإسراع في نجدته إلا رفيق مشواره سعودي أحمد صالح، وعلى صفحات «الأيام» .

كوكبة من هؤلاء العظماء المبدعين، كنا قد واريناهم الثرى قبل (عطا) رحمه الله، ولو كنا أدركنا استغاثاتهم قبل أن يستفحل بهم الداء ربما استطعنا وقت ذلك أن نخفف من بعض آلآمهم ومحنهم .. وإن فارقونا إلى دار البقاء، وتلك إرادة الله نكون قد أدينا واجبنا نحوهم وأوفيناهم ولو بعض حقوقهم التي علينا.

صحة وحال سعودي اليوم يا أهل الحل والعقد وياحماة ورعاة الثقافة والإبداع، ويا أصحاب الضمائر الحية أمانة في أعناقنا جميعاً، فهل لنا ولكم أن نخفف عنه بعض معاناته ونعيد الابتـسامة إلى شـفتيه ومحياه، بأن نبحث عن مبادرات سريعة وممكنة في علاجه من أدوائه ولتحسين ظروف معيشته كي يستعيد حيويته التي عهدناها فيه في زمن جميل مضى؟

em:[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى