الفقيد فرج عبدالغفار شخصية تربوية متميزة في حضرموت لم يكرم في حياته ولا بعد مماته

> «الأيام» عمر فرج عبد:

> نتحدث عن إنسان تربوي كبير أخلص لعمله وأعطى وقته في سبيل التربية والتعليم وتطويرها فهو الغيور على عمله، ولهذا كانت بصماته واضحة في محافظة حضرموت وكافح من أجل إيصال خارطة الطريق في تعليم وتربية الإنسان بشكلها الصحيح وتتلمذ على يده الكثير.

تقول مجلة «العربي» العدد 79 صفر 1385 يونيو 1965 في استطلاع (اعرف وطنك أيها العربي) عن المكلا إنها «عاصمة حضرموت ومفتاح الجزيرة العربية» وقد قام بهذا الاستطلاع سليم زبال وصوره اوسكار، وفي أحد مقتطفات هذا الاستطلاع الرائع الذي أخذ حيزا كبيرا جاء: «المدن في حضرموت جيوب صغيرة متفرقة وسط البادية الواسعة.. وكان أبناء البادية يعيشون منفردين منعزلين حتى فتحت أول مدرسة لتعليم أبنائهم في المكلا، وترى هنا السيد فرج أحمد عبدالغفار ناظر هذه المدرسة يستلم في الصورة الأولى اثنين من أبناء البادية من والدهما الذي جاء بهما على ظهر الجمل من مسافة تبعد 300 ميل عن المدرسة، وما يكاد الطفل يدخل بوابة المدرسة حتى يقص شعره وتخلع ثيابه ويأخذ حماما ويلبس ثيابا جديدة نظيفة، ونظام المدرسة داخلي مجاني، أي أن التلميذ يأكل ويشرب ويتعلم وينام مجانا».

نحن هنا بصدد الحديث الأستاذ القدير والمربي الفاضل المرحوم بإذن الله تعالى السيد فرج أحمد أبوبكر عبدالغفار الذي أشارت إليه مجلة «العربي» الغراء، فالفقيد أحد الشخصيات التربوية بمحافظة حضرموت، ساهم خلال فترة عمله بالتربية والتعليم في إحداث تطورات إيجابية في مختلف المواقع التي احتلها إلى جانب تمتعه بالذكاء واللباقة في الحوار مما يجعله مقنعا للآخر إلى جانب قوة الذاكرة.

فهو من مواليد مدينة غيل باوزير مدينة العلم والثقافة في الثامن من مارس 1932 من أسرة فقيرة، لم ير أباه يوما، حيث غادر مسقط رأسه مهاجرا إلى الحبشة وهو جنين في بطن أمه، ثم توفي هناك، وتلقى فرج عبدالغفار تعليمه الابتدائي في ظروف أسرية قاهرة في مدينة غيل باوزير، التحق بالمدرسة الوسطى عام 48-47 وفي أبريل 1948، ونتيجة للظروف الصعبة التي تعيشها أسرته بفقدان عائلها بالمهجر. دفع به صهره السيد علي بن محمد العطاس للعمل بسلك التدريس، فعمل مدرسا بالمدرسة الغربية بالمكلا لعامين ثم إلى غيل باوزير لثلاثة أعوام، وعقب ذلك تنقل بين كل من قصيعر والقطن مديرا، ثم تحمل إدارة مدرسة أولاد البادية بالقرية (موقع ثانوية بن شهاب حاليا) وفي 66-65 التحق بالدراسة في معهد بخت الرضا بالسودان ليعود ويعمل مساعدا لمشرف مدارس المكلا بموجب المنشور الإداري 66/22/17 المحرر في 1967/8/28 ثم عمل قائما بأعمال المشرف الأستاذ محمد سعيد مذيحج عند ذهابه في دورة إلى بيروت.

المدرسة الوسطى بغيل باوزير أيام زمان
المدرسة الوسطى بغيل باوزير أيام زمان
والفقيد فرج أحمد عبدالغفار افتتح أول مكتب للتربية والتعليم بالمديرية الوسطى (القطن) حسب الأمر رقم 66/22/37 المحرر في 1968/9/1، وفي ظل قيادته توسعت رقعة التعليم بمديرية القطن لينقل إلى أقصى وادي رخية وسر والمناطق البعيدة من القطن، وشهد بموجبه تعليم الفتاة تطورا كبيرا، حيث عمل على إقناع العديد من المعلمات بالمديرية ومن بينهن تربوية الغيل الأولى الأستاذة الفاضلة قدرية محمد عبدالصادق باوزير التي عملت في إدراة مدرسة قعوضة.

انتقل الفقيد عبدالغفار التربوي القدير بعد ذلك إلى العمل كمشرف تعليم لمدارس المديرية الشمالية (سيئون) حسب الأمر رقم 2/4/50/خ/70 المحرر في 1970/11/24، ورشح للعمل في إعادة تنظيم العمل بالإدارة العامة للتربية والتعليم بالمحافظة وعين ضابطا للتعليم بالمدارس الابتدائية للبنين والبنات بالمحافظة حسب الأمر الإداري رقم 2/4/120/خ/70 المحرر في 1972/1/31، ثم أسندت إليه مسؤولية المدراس الإعدادية للبنين والبنات بحضرموت بالإضافة إلى عمله كمسؤول للمدارس الابتدائية حسب الأمر الإداري رقم 3/411/خ/72 المحرر في 1972/2/15 وبموجب اللائحة الداخلية لتنظيم العمل بالإدارة وفروعها بالمديريات المحررة في 1972/7/3 ثم عين ضابطا للمرحلتين (الابتدائية والإعدادية) للبنين والبنات بالمحافظة (التعليم الموحد لاحقا), وخلال قيادة الفقيد فرج أحمد عبدالغفار لهذا القسم الحيوي في مفاصل العملية التعليمية والتربوية شهدت المحافظة استقرارا مشهود من خلال الضوابط التي طبقت على تنقلات المعلمين التي ترأس لجانها لسنوات لكثيرة، وقد واجه الفقيد عبدالغفار يرحمه الله صعوبات جمة في حياته المتميزة ومنها التدخلات في عمله وبموجبها فضل الرجوع إلى مسقط رأسه مدينة غيل باوزير عام 1981، وفي حياته العملية تتلمذ على يديه العديد من القيادات التربوية، وفي يونيو 1985 أحيل للتقاعد، وفي عام 1987 عانى من مرض السكر الذي أخذ ينخر في جسده حتى انتقاله إلى جوار ربه في 17 أغسطس 1991.

الفقيد فرج أحمد أبوبكر عبدالغفار له من الأبناء عشرة، خمسة من الذكور ومثلهم من الإناث، والأعمال التي قدمها خلال فترة عمله كبيرة وجليلة إلا أنه لم يحظ بأي تكريم، ومثلما عمل بكل إخلاص وتفان..

وبصمت أحيل إلى التقاعد بصمت وغادر بصمت، وهو من القلائل الذين لم تشر إليهم أصابع الوفاء من قبل المعنيين والمسؤولين بالمحافظة، فأصبح من المنسيين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى