الأصمعي والرواة المعاصرون

> «الأيام» مازن سالم صالح:

> فترة النصف الأخير من قرب الألفية الثانية، كانت فترة مثالية ومزدهرة، نما فيها وطغى زخم الامتداد الثوري في شعر المقاومة إلى الأوار المشتعل.

فاستقرت في الوجدان والحقب أسماء لمختلف القامات الشعرية التي عمقت الإيمان بجدارة شعر المقاومة انطلاقاً من الهدف الأسمى بأحقية وجودها الفعلي والمتناهي، طالما وهي تنطلق من أرضية صلبة ومصير لايجب الحياد عنه إلى سبيل مفترق أو مقترن.

فلم يكن محمود درويش لوحده في «الزنزانة» ولم «يقاوم» هنالك سميح القاسم لوحدة أيضاً، بل كانت إلى جانبه عديد من تلك الأسماء والهامات كإبراهيم وفدوى طوقان وسلمى الخضراء الجيوسي وغيرهم.

واليوم وقد تغير واقع الحال فعلياً على الأرض وكثير في المناهج الدراسية العربية، حتى كادت القضية أن تغيب، لم يبق إلا شعر الرواية الشفهية، كما هو منقول عن «لافتات» أحمد مطر التي يستجد معها الخطر كما تراها الغالب الأعم من الحكومات العربية.

وبقدر ما كانت الرصانة والأمانة العملية وروح الاجتهاد هي ميزة الرواة الأوائل، أيام الأصمعي وأقرانه من خلف و حمَّاد والمفضل، وإن لم تعد اليوم هذه المزية سمة بارزة كما كانت في السابق، بعد أن ضل «المنهج» وأغفل البعض جدوى الاجتهاد، فلم يعد في الساحة إلا الدعاء والتبرعات مع أمور كثيرة نحلت، فيما أتى «اللحن» و«التصحيف» على الباقي، فأضحت الصورة مشوهة مثخنة وتهادى الصوت في زحمة الأنقاض الخانقة والصارخة.. وإن لم تفقد المقاومة هناك روحها الصامدة.. ولا كرامتها الثائرة.. لكن عزتها عند غيرها بحاجة إلى رواة معاصرين على غرار الأصمعى وأمثاله، ينقون الشعر من هجينه ومستنسخه ويدققون في نسبته وأسانيده، طالما والحديث يظهر على خجل عن «همام في امستردام» و«عندليب الدقي» و«رأفت الهجان»، لكن كل ذلك نثر والفصاحة في الشعر، وريثما يتسنى لنا موروث على غرار/سأقاوم/ ياعدو الشمس/ لكن لن أساوم في الأرض/والنخلة/ لكن من غير (النحلة) التي يعرفها هؤلاء الرواة جيدا في اللكنة المعاصرة المحدثة، وحتى يكون كذلك، يبقى السبيل إلى إحياء وإعادة رواية العقود الماضية للأجيل الحالية، أنقى و أشرف وأطهر من كل مركون ملحون متواتر في الرف.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى