الأستاذ عمر عوض بامطرف وتاريخ المسرح اليمني

> «الأيام» أحمد عبدالله سعد :

> في العام 1978م عندما تعرفت بأستاذي أحمد سعيد الريدي - رحمه الله - وعندما كلفني الأستاذ علي الرخم - رحمه الله - لعمل أرشيف صور ودراسة ترصد تاريخ المسرح اليمني منذ العام 1977م حتى عام الثقافة آنذاك - 1981م وجهنا صوب الأستاذ القدير عمر عوض بامطرف.

وقد استفدنا كثيراً من دراسته المنشورة في الصحف المحلية إلى جانب اتصالاتنا عبر الهاتف معه وفي العام 2001م عندما نشر الأستاذ الريدي أولى حلقات كتابه المهم والقيم (قراءة نقدية معاصرة لتاريخ المسرح اليمني) التي نشر أكثر من أربع عشرة حلقة منها في صفحة واحة الدراما في صحيفة 14أكتوبر، والتي كان لي شرف الإعداد والإشراف لها، فوجئت بالأستاذ الريدي يذيل مقدمته بالشكر والعرفان للأستاذ عمر عوض بامطرف باعتباره المؤرخ الأول الذي أمده بالمعلومات والوثائق لأهم تاريخ المسرح اليمني، كما أشير إلى تنويه أستاذنا سعيد عولقي - أمد الله في عمره- بالإفادة الكبيرة التي قدمها إليه الأستاذ بامطرف في كتابه القيم (سبعون عاماً من المسرح اليمني)، كما لا يسعني سوى الشكر والامتنان لما أبداه الأستاذ بامطرف لصفحة واحة الدراما، التي كنت أعدها وأيضاً تنويهه بالبرنامج الإذاعي الذي قدمته عام 2008م في إذاعة عدن باعتبار أن الحديث عن المسرح اليمني قد ارتكز في مجمل معلوماته التاريخية على ما كتبه الـ(بامطرف)، والأستاذ عمر عوض بامطرف لكل ما تقدم وتأخر هو المرجعية التاريخية لتأريخ الحركة المسرحية منذ العام 1904م حتى ولوجنا الألفية الثالثة، ويكفي أن نذكر مساهماته ودراسته المهمة التي نشرها في منتصف الخمسينيات وظل يساهم في هذه الدراسات والمعلومات بعد استقلال الشطر الجنوبي من الوطن حتى آخر دراسة رحل بنا فيها إلى عصر الإغريق وبدايات المسرح إلى العصر الروماني إلى عصور الظلام - العصور الوسطى لأوروبا - وبداية عصر النهضة وبروز جيل عمالقة المسرح من أمثال وليم شكسبير وراسين وجوته وصولاً بنا في هذه الرحلة لقدوم أول فرقة هندية زائرة وعرضها مسرحية (جملة شاه) التي أرخت كبداية أولى لميلاد المسرح في اليمن في العام 1904م ثم ولوجه إلى العام 1910م باعتباره التأريخ الحقيقي لميلاد المسرح بعرض أول مسرحية يمنية واستمراره في الكتابة والتغطية لمجمل تجارب المسرح اليمني في القرن العشرين وبداية العقد الأول للألفية الثالثة.

والأستاذ عمر عوض بامطرف كان شغوفاً بهذا التأريخ وفياً له على الرغم من مرضه في الفترة الأخيرة وحتى عندما أقعده المرض عن الحركة، فإنه على الرغم من أزمته الصحية لم يحدث أن أرجع سائلاً أو باحثاً يريد المعلومة ويستفسر منه عن الوثيقة التاريخية، بل إنه راح أيضاً إلى جانب عطائه الغزير في الكتابة يرحب بكل الدراسات والأبحاث التي تصدر من هنا وهناك وترصد تاريخ المسرح وبعض محطاته المهمة. وأعود إلى كتاب الأستاذ أحمد سعيد الريدي ، الذي لم ينشر سوى حلقات منه (قراءة نقدية معاصرة لتاريخ المسرح اليمني)، وأشير بهذا الصدد كيف كانت فرحة الأستاذ بامطرف بهذا الإصدار وبداية نشره، وكيف كان أيضاً حزنه وأسفه الشديد لتوقف نشر الحلقات بتوقف صفحة الواحة وعندما عبر ذلك فسرنا له أنا والأستاذ الريدي أن التوقف أتى من الصحيفة ولم يكن من قبلنا فزاد من المطالبة بنشر الكتاب لأهميته الأكاديمية العلمية وتوثيقه الصادق الذي استدعى من الباحث المراجعة والبحث وصولاً إلى تصنيف البحث بمصادر علمية معترف بها، وذلك ما فعله الريدي في بحثه الدؤوب عن المعلومة والوثيقة يمنياً وعربياً وعالمياً.. كما حمل البحث بروز أولى المعلومات الموثقة التي ترصد أسبقية اليمنيين في التاريخ المعاصر لبعض الأحداث المسرحية المعاصرة، مثل ريادة وأسبقية الأستاذ حمود بن حسن الهاشمي - صاحب ومؤسس سينما هريكن- بترجمته مسرحية يوليوس قيصر للعربية قبل أن يترجمها أي مترجم عربي إلى جانب الدعوة لاعتبار يوم 27مارس يوم المسرح العالمي يوماً يمنياً للمسرح اليمني بارتباطه بأحداث المدرسة الأهلية - البادري - في عدن وتلك الحادثة التي ارتبطت بالاحتفاء بالذكرى الأولى لقيام جامعة الدول العربية وكيف منعت سلطات الاحتلال البريطاني الفرقة من تقديم العمل المسرحي وكيف تكهرب الجو وتدخل الأهالي والأعيان بعد أن لاحت نذر توتر قد تؤدي إلى أحداث لاتحمد عقباها نتيجة تعنت سلطات الاحتلال ومنع الطلبة من تقديم المسرحية وإصرار الطلبة وأساتذتهم على تقديمها وتم الاتفاق حينها أن يؤجل العرض من 24 مارس 1946م على أن تعرض المسرحية داخل حرم المدرسة يوم 27مارس 1946 مرة واحدة فقط وبالفعل عرضت المسرحية بعد ثلاثة أيام من المنع.. ليصادف هذا التاريخ بعد عام تقريباً أي في العام 1947م وفي المركز الدولي بباريس للفنون بإقرار المجتمعين بأن يكون يوم 27 مارس 1947م يوماً عالمياً للمسرح يحتفل به في كل أرجاء العالم وصار منذ العام 1949م بعد أن أقرته منظمة الثقافة والعلوم - اليونسكو- التابعة للأمم المتحدة يوماً رسمياً تحتفل فيه شعوب العالم بيوم المسرح العالمي 27 مارس من كل عام، تلك المعلومات الوثيقة المهمة التي فاجأت الأستاذ عمر عوض بامطرف وفاجأتنا جميعنا عندما قدمها الأستاذ الريدي وارتكز فيها على معلومة الـ«بامطرف» التاريخية ورجعوعه أيضاً لدائرة المعارف البريطانية وأرشيف يوميات الاحتلال البريطاني لمدينة عدن في العام 1946م وإن كان ما أثلج صدر الـ«بامطرف» حينها على الرغم من معرفته وتوثيقه لتلك الحادثة فإن سعادته وارتياحه يعود لذلك البحث القيم والأكاديمي الذي ظل الـ«بامطرف» ينشده ويدعو الآخرين للمساهمة فيه وحتى عتبه على الأستاذ المؤرخ العربي د. علي الراعي، لعدم إشارته وذكره لتاريخ المسرح اليمني في كتابه المنشور عام 1981م تاريخ المسرح العربي في عالم المعرفة التي تصدرها دولة الكويت فإن الريدي أرجع ذلك لإهمال الباحث والمتخصصين الرسميين في وزارة الثقافة لعدم إعطائهم أرشيف وتاريخ المسرح أي عناية ولا رصدا لأرشفة حقيقية يعود لها الباحثون وظل الـ«بامطرف» حتى وهو في أوج أزمته الصحية يدعو وزارة الثقافة لإعطاء هذا الجانب عناية لما له من أهمية في تاريخنا اليمني.

وأرشيف الـ«بامطرف» أنا أعرف كما عرفت منه ومن المقربين منه ما يزال يحفل بالمفاجآت، فهل نصحو أخيراً ونعيد اكـتـشافها؟ سؤال لايزال قائما حتى اللحظة!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى