كـركـر جـمـل

> عبده حسين أحمد:

> أكثر من واحد يسألني في الشارع.. وفي أي مكان.. وأي وقت.. عن معنى عنوان عمودي الأسبوعي (كركر جمل) منذ أن بدأت أكتبه وأنشره في العدد الأول من صحيفة «الأيام» بعد إعادة صدورها في نوفمبر 1990.

> وفي الحقيقة أن هذا المثل الشعبي يتداوله الناس كثيراً في عدن وبعض المحافظات الجنوبية.. وهو يعني عدم الشعور والإحساس عند أي إنسان.. تماما كما هو عند الحيوان (الجمل) مثلا.. وكلمة (كركر) بمعنى (دغدغ) أي (دغدغ جمل) لكي تجعله يضحك.. ولكن الجمل لايضحك أبداً.. وهذا أمر طبيعي.. فلو ضحك (الجمل) لضحكت الدنيا من حولنا.

> والمعنى الحقيقي أنه مهما فعلت أو حاولت أن تجد عند أحد منهم أي رد فعل إيجابي لكل ما تقوله أو تكتبه في نقدهم وتوجيههم.. أو إيقاظهم من سباتهم.. أو ردعهم عن غيهم.. أو هزهم من أعماقهم.. أو تصحيح ممارساتهم.. أو إصلاح أخطائهم.. فلن تجد منهم إلا الإهمال والتجاهل وعدم الشعور والإحساس.. وكأنك (تكركر جمل) أو كأنهم في حالة غير طبيعية.. أو أنهم في حالة طبيعية ولكنهم لايعيرون اهتماما لكل ما نقول أو نكتب.. وكأننا لا قلنا ولا كتبنا.. وفي ذلك تحد كبير لكل الناس.. لأن الذي لايرى يسمع أقوى.. والذي لايسمع يرى أوضح.. والذي لايرى ولايسمع يفكر أفضل.. ولكن عندما نجد أنهم فقدوا حواسهم كلها.. نقول (كركر جمل).

> إن أسوأ ما في الحياة مشاكلها ومتاعبها.. وكنا نعتقد أن من أهم أعمال (الكبار) أن يقبلوا على هذه المشاكل والهموم.. وأن يفهموها وأن يحلوها وأن يجعلونا نسعد بذلك.. ولكن الذي فعلوه أنهم فضلوا أن يجمعوا المشاكل ويضاعفوها ليجدوا لأنفسهم عذرا في العجز عن الحل.. وكأنهم فقدوا الإحساس بفقر الشعب الذي يعاني من الجوع والحرمان والظلم والبطالة وأصبح في حالة خوف وعدم شعور بالأمان.. وكأنه يعيش في الدنيا على هامشها.. مع أنه يرضى منها بالقليل الذي يجعله قادرا على البقاء في هذه الحياة.. ولكن لا أحد منهم عنده الإحساس- كما يبدو- بأن الشعب في حاجة إلى الطعام والشراب والملبس والعمل والتعليم والصحة والمسكن.. وهذا الإحساس- عندهم- هو الذي يقضي على كل إحساس آخر.

> ولكن هل من الضروري أن يكون عدم الإحساس عند أي إنسان كبير مثل عدم الإحساس عند الحيوان مثلا؟.. أي سيّان أن تحاول جعل المسئول يفهم فلا يفهم.. وأن (تكركر الجمل) فلا يضحك.. ممكن جدا.. أو كما قال العالم الإغريقي (أرشميدس): «أعطني مكانا خارج الأرض وأنا أحرك لك الأرض».. وأنا أقول «أعطني واحدا عنده الإحساس بالمسئولية نحو الشعب وأنا أكركر لك الجمل».. فالأرض التي كان أرشميدس يريد تحريكها هي السلطة.. والجمل الذي أريد أن أكركره هم (الكبار).. فلا تحرك الكبار.. ولا ضحك الجمل.

> أو بمعنى آخر (ما فيش فائدة).. كما قال الزعيم المصري سعد زغلول عندما حضرته الوفاة ونادى زوجته (صفية) وقال لها وفي نفسه حسرة (ما فيش فائدة ياصفية) ثم مات.. و(كركر جمل) قريب من هذا المعنى (ما فيش فائدة) أي عندما نحلم أن الحكومة سوف تحل مشاكلنا وهمومنا.. ثم لاتفعل شيئا.. نقول (ما فيش فائدة) أو (كركر جمل)!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى