الدواء شر مستطير على رؤوس الفقراء ومحرقة جماعية.. فهل من منقذ؟!

> «الأيام» محمد العزعزي :

>
تعد قضية الاستشفاء، سواء بالدواء المصنع كيميائيا أم بالأعشاب، من أبرز القضايا التي تهم مجتمعنا اليوم.

تعددت الأمراض وتدفقت الأدوية في خزانات العيادات، فالجميع يحتاجه على مدار الشهر، وأصبح الطريق إليه إدمانا ومرضا جديدا رغم خطورة بعض الأدوية.

ديننا الإسلامي ورسولنا الكريم حثا على التداوي، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «ما أنزل الله من داء إلا وله دواء».

وحتى نضع القارئ والجهات المختصة، بالتحديد وزارة الصحة وأجهزتها الرقابية، في الصورة للحد من استشراء الأدواء الناجمة عن تعاطي بعض الأدوية التي تسبب الكثير من الأمراض القاتلة، وأهمها (الإدمان) بالإضافة إلى تبني إستراتيجية (دوائية - طبية) وتأسيس منهجية سليمة تخدم المواطن- تطرقنا اليوم لهذه القضية، والتقينا بعض من يعملون في هذا الحقل، وبدأنا بالأخ عزمي عز الدين (مندوب مبيعات) الذي قال: «لاتوجد ضوابط لعملية بيع الأدوية، وأكثرها مبيعا المهربة والمقلدة، وحسب طلب المخازن نوفر الأدوية، ويفضل البعض الأدوية الرخيصة».

وأضاف قائلا: »الأصناف الشعبية من الأدوية والمنشطات والمسكنات هي الأكثر مبيعا، ولاتنحصر على مخازن الأدوية بل تجدها حتى في البقالات».

المريض ضحية الابتزاز

وائل عبدالله إسماعيل (ماجستير مختبرات)، قال: «تدني التحليل المختبري يجعل الطبيب يركز على المسكنات والفيتامينات والمضادات الحيوية، وإن كانت غير مناسبة، وهدفهم العمولة (20% لكل حقنة)، حتى وإن كانت قريبة انتهاء الصلاحية، ولايقبل الشراء إلا من المكان المحدد، فيرتفع سعر الحقنة إلى 1000 ريال والكرس (10 حقن)، فيكون نصيب الطبيب 2000 ريال عن كل مريض، ويتحول المريض إلى ضحية الابتزاز والتجريب.. فمن يحاسب هؤلاء؟!».

الداء في الدواء

ناصر أحمد عبدالغفور (تربوي) قال: «المريض يتعلق بالرجاء، ولانعدام الثقافة الصحية لدى عامة المجتمع يشتري المواطن أدوية المسكنات من بقالات القرى، وعندما ذهبت إلى المستشفى صرف لي الطبيب حقن بنسلين أثرت سلبا على صحتي، وأصبت بغيبوبة وكدت أفقد حياتي.. فلم يقم الممرض بفحص الحساسية، فتحول الدواء إلى داء».

الطب أمانة ولابد من خضوع الأدوية للرقابة

هل الأطباء مسئولون أيضأ؟. سؤال حملناه إلى طبيب الأطفال عبد الجليل محمد فارع الرباصي فقال: «بعد الكشف على المريض نحدد له الدواء، فإن عاد المريض يمكن التأكد من مطابقة الدواء، وتعتمد الوصفة الطبية على ضمير الذي صرفها ودرجة وعي المستهلك».

وأضاف: «لا بد أن تخضع الأدوية لمعايير الهيئة العامة للأدوية والرقابة والتفتيش ومطابقتها للمواصفات والوزن، وهذا يعود للهيئات الرسمية بوزارة الصحة ومكاتب المحافظات والمديريات»، وأضاف : «لاتصنع في اليمن أدوية الفهم، وإلا سأكون أول المستفيدين».

بائعو الأدوية في المخازن يتسابقون

توفيق عبده الحاج الشيباني (بائع أدوية) قال: «يتسابق بائعو الأدوية في المخازن الواقعة أمام مستشفى خليفة بالتربة على أوراق معاينة المرضى، وهذه ظاهرة غير طبيعية وغير حضارية، نظرا لأن العاملين بهذه المخازن غير متخصصين بالعلوم الصيدلانية ومعظمهم من حرف أخرى وأطفال، فالبعض يتصرف بأساليب معيبة ولو كانوا أطباء بتغيرت تصرفاتهم وفقا للمستوى العلمي وشرف المهنة».

يطلبون نصف الكمية

وقال أنور أحمد منصور المقرمي (بائع أدوية) :«عند بيع الأدوية يجب اتباع الدقة والحذر بحسب معاينة الطبيب ونحرص أكثر عند بيع أدوية العيون, وتضخم البروستاتا , وضغط الدم, وعلى المريض اتباع التعليمات كما وكيفا, لأن بعض الناس يطلب نصف الكمية المحددة لأسباب اقتصادية.

وأردف قائلا: «في هذه المديرية لا يوجد طبيب صيدلي وكل محال الأدوية عبارة عن مخازن وتنعدم الصيدليات بمعنى الكلمة ولا يستطيع أحد هنا إعداد المستحضرات الطبية».

لارقيب ولاحسيب والكل يبحث عن المكسب

بائع يدعى(م.أ) : «تصرف بعض الأدوية بالبيع المباشر دون الرجوع إلى الطبيب مثل (الاسبورت) الذي يستعمل لدى البعض كمشروب يؤدي إلى الإدمان والعمى وكذلك الديزبام والأفيل وبعض المنشطات وتتعاطاها الفئات العمرية بين (20- 30) عاما ويبدو عليهم علامة القلق النفسي والإدمان» وأرجع السبب إلى( أزمة المجتمع وتحول الأدوية إلى سموم قاتلة فلا رقيب ولا حسيب والكل يبحث عن مكاسب)».

الكثرة لا تعني الدقة

الدكتور محمد أحمد المجاهد(طب عام وجراحة) قال : «بعد التشخيص الطبي يتم صرف الدواء ويعود تحديده إلى مدى معرفته بالحالة المرضية بحيث يصنع الدواء السليم في المكان المناسب والكم الكبير من الأدوية لا يفيد في شيء وتتحول المسألة إلى تجارة يذهب المريض ضحية(البونص) وتزداد مشاكله وعلينا أن نراعي الدقة الطبية قدر المستطاع».

- عدنان خالد أحمد صالح الاصبحي قال:«لم أستفد من الأدوية خلال 5 أعوام وأشك بوجود هيئة لمراقبة الجودة وما نصل من أدوية للأسواق اليمنية غير مطابقة للمقاييس العالمية».

شخصت حالتي خطأ

الأستاذ عدنان محمد عبد الوهاب قال: «شعرت بألم في الخصية فراجعت عيادة المسالك البولية بمستشفى خليفة بالتربة وبعد الرقود (3) أيام قرر الطبيب أني مصاب بالتهاب البروستاتا وفقدت الحركة وبعد أن أسعفت إلى تعز اتضح التشخيص في التربة أنه كان خطأ ولا أزال أعاني الآلام في المفاصل والمعدة والسبب تداخل الدواء وعدم دقة التشخيص».

مسكنات في البقالات

طالبات الثالث الثانوي بمدرسة الغافقي أجمعن أنهن يشترين الأدوية المسكنة من البقالات في القرى المنتشرة قرب منازلهن، فيما الطالبة مادلين الأصبحي قالت: «لا أثق بالأدوية الكيميائية وأتناول الأعشاب الطبية كعلاج بديل» وقالت الأخت لميس المسني :«لا يجوز استخدام الدواء وتقليد الآخرين لأن ذلك يعد كارثة».

متعاطي ديزبام:أشعر بالعداء نحو الآخرين

«الأيام» سألت متعاطي ديزبام رفض الكشف عن اسمه وقال :«بدأت تناول الديزبام لغرض النوم لأشعر بالراحة حتى تحولت إلى كيف ويزداد الطلب مع القات وعند انتهاء المفعول أشعر بالضعف والعداء نحو الآخرين».

وأضاف :«سهولة الحصول على الديزبام من مخازن الأدوية شجع الشباب على الإدمان».

قال الدكتور نبيل علي محمد هاشم (عدن): «يوجد أكثر من (20) صنفا تنتمي لهذا النوع وتصرف بإشراف طبيب مختص لحالات محددة مثل : الأمراض النفسية والقلق ,الأعصاب ,قلة النوم , الاكتئاب وعند إساءة الاستخدام تؤدي إلى الادمان وتزداد خطرا عند تناولها مع القات فيشعر المتعاطي بنشوة كاذبة».

وزاد بقوله: «إن تعاطي الديزبام بإفراط دون الحاجة إليه يؤدي ارتفاع الجريمة ويؤثر على القدرات العقلية والفكرية ويسبب الهلوسة والوهم وسبب تناول الشباب لهذا العقار شعورهم بالضياع والفراغ والبطالة وعدم مراقبة الأسر لهم وصعوبة الحياة وارتفاع معدلات الفقر وسهولة الحصول عليه وغياب الرقابة الحكومية ».

- من جهة أخرى قالت التربوية أسماء عبد العزيز صالح :«مررت بتجربة طبية قاسية كادت أن تفقدني حياتي وعند إجراء عملية ندفع رسوم أكثر من مرة لتوفير المخدر والنتيجة بيع المخدر خارج المستشفى وفي السوق السوداء عند استبدال قطرة طبية ذات تكلفة مالية عالية تستبدل بأنبوبة بلاستيكية رديئة وهذا ما حدث لي فمن يحاسب هؤلاء؟».

وفي سياق منفصل قال الدكتور النويهي: «الأخطاء الطبية يحددها المجلس الطبي ويرفع النتائج إلى القضاء لتحديد العقوبة بالاستناد إلى قرار المجلس وللأسف هذا غير مفعل في بلادنا ».

مخازن الأدوية

لا يوجد في الشمايتين طبيب صيدلي لصرف الأدوية وتحولت هذه المهنة إلى تجارة وقال دكتور في مستشفى خليفة : «أخطاء كارثية يمارسها هؤلاء الباعة والبعض يمارس مهنة الصيدلة بدون تأهيل وتدريب وتخصص علمي .. عمال المخازن لا يعرفون الأضرار الجانبية عند اختلاف الدواء وهل دبلوم المعلمين ينفع صيدلي؟؟».

أضرار الأدوية المهربة والمقلدة

قال نبيل هاشم (دكتور صيدلي) : «الأدوية المهربة والمقلدة قليلة الجودة والفاعلية ولا يستفيد منها المريض وفق النتائج المرجوة ولا ننصح مرضى السرطان - السكر - القلب باستخدامها».

وأضاف :«الأدوية المهربة أشد خطرا على المرضى، وهي تتأثر بالحرارة والعوامل المناخية الأخرى فيتلف الدواء وينتهي صلاحية الاستخدام بتعرضها لأشعة الشمس أكثر من ساعتين ».

الصحة والدواء

أشرف أحمد سلطان يقول: «الصحة ليست مجرد انعدام المرض بل شعور الإنسان بالأمن الصحي والسعادة، أما الدواء فهو مركب يستعمل للاستطباب من مرض أو عرض والوقاية خير من العلاج، ولن يتم هذا إلا بالغذاء الذي يحتاج إلى استقرار الوضع الاقتصادي والمعيشي لكل الناس بالعدل والإحسان بدل الفقر والاعتلال».

لابد من الحرص على التنوير

الوالدة رقية عبد الفتاح المسني : «إن ما تقوم به «الأيام» من تنوير وتثقيف يعطينا انطباع حرص القائمين عليها بمسؤولية وطنية ومهنية عالية، كما عودتنا دائما وهذا مايجب».

وأضافت : «عيب وخطأ كبير بيع الأدوية على قارعة الطريق، أما القائمين على مخازن الأدوية فإن هدفهم الربح غير مبالين أن الدواء قد يتحول إلى سم، ومهنة الصيدلة تخصصية وعلم قائم بذاته فمتى نفهم؟! ».

وأخيرا من الأهمية بمكان ضرورة إخراج المجتمع من بوتقة الفوضوية والعشوائية إلى رحاب التغيير بدءا من رقابة الذات , وردع المخالفات , ووقف صرف الأدوية لأي كان إلا بأمر الطبيب المعالج - حتى لا تتحول بلادنا إلى أتون محرقة جماعية تقضي على مستقبل أجيالنا وبالأخص في هذا الزمن الأرعن.. والخوف من المخدرات أياكانت , وما يندرج في إطارها , كما يحز في النفس شراء المريض المادة المخدرة من مخازن الأدوية دون رقابة عليها بالمخالفة للقانون لإجراء عملية جراحية بمرفق حكومي عام، وعلينا أن نضع نصب أعيننا محاربة الأدوية المهربة التي تتحول إلى سموم قاتلة، ويجب على كل الأطياف المسارعة بجدية إعلان الحرب على السلبيات التي تضر بالصحة العامة باعتبارها الداء الوبيل والشر المستطير .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى