> «الأيام» مطيع عبدالعزيز البوكري :

الفانوس شعار كل فرد بفرع العدين
ليس لأن هناك قصصا وقضايا مأساوية يرويها أبناء المديرية عن مشكلة هذا المشروع الذي أصبح فاشلا تماما، ولكن لأن الظلام القاتم اكتسح المديرية بأكملها، ومعدات المشروع قد تم العبث بها، والأمل في أن ينعم السكان بهذه الخدمة لا وجود له في مخيلة أي مواطن خصوصا بعد مرور سنوات عجاف لم يظهر فيها سوى إهمال ليبقى الفانوس شعار كل صغير وكبير من أبناء المديرية في زمن يحتفل العالم على مرور عقود من الزمن دون انقطاع الكهرباء.. هذا الظلام وضع في قلوب المواطنين عبوات ناسفة من الغضب واليأس وفقدان الأمل ترجمت في هذه السطور.
وعود مضت وأحلام لم تر النور
في بداية استطلاعنا وفي أولى محطاتنا أخذتنا هذه الومضة المأساوية مع محمود طاهر العمري من منطقة الأشراف، الذي تحدث قائلا: «لم أعرف أين ذهب المتشدقون بإنجاز هذا المشروع في غضون ستة أشهر منذ أربع سنوات، أم كانت تلك الوعود لها مغزى وأهداف في نفوسهم حققوها ونسوا كل ما وعدوا به وهم يعلمون أن كل ما عملوه من علامات المنافقين، ولذلك وإن تحدثت إليكم بالكثير فإنني لا أستطيع أن أعبر عن كل ما بداخلي وفي نفس كل مواطن منذ سنوات متهالكة، خضنا فيها مغامرات مع رواد وصناع الافتراء المصطنع؟!».

محول كهربائي مرمي في أحد الأسواق منذ سنوات
واستطرد: «كل صغير وكبير في المديرية يشعر بالظلم والإجحاف من قبل مسؤوليهم خصوصا وهم تقلدوا تلك المناصب على ظهورهم ثم قابلوهم بالجحود والإهمال باستثناء الأستاذ عبدالرحمن مطلق شاجع، الأمين العام للمجالس المحلية الذي قدم استقالته وكان أحد أسباب استقالته فشل هذا المشروع، والجميع يكن له كل الاحترام والتقدير أما البقية بشكل عام لايستحقون الذكر لأن كل أهدافهم مصلحتهم الشخصية فقط، وهذه حقيقة أقولها من على منبر «الأيام» دون الخوف من أحد أو مجاملة أحد ولايستطيع أي شخص إنكار ما قلته لكم، فالصح صح والخطأ خطأ».
واختتم حديثه قائلا: «أشكر رائدة الصحف صحيفة «الأيام» على المبادرة المستمرة لنقل ما يحدث في المديرية من معاناة وكوارث وإهمال، وإننا نستنكر ما تتعرض له من محاكمة ومضايقات وقرصنة ونقف معها قلبا وقالبا ونحن بصدد تشكيل هيئة لمناصرتها بالمديرية حتى نرد لها شيئا من الجميل».
فقدان التكاتف والانسجام بين المسؤولين من أسباب فشل المشروع
تلك سطور تنضح بالمأساة وتروي تفاصيل كدر الحياة في مديرية الفرع وكيف للإهمال أن يولد العديد من المشاكل المستوطنة، وحتى ندخل في عمق المعاناة وفي صميم هذه المشكلة حاولنا أن نأخذ هذه الكلمات الساخنة من الشخصية الوحيدة المقبولة في المديرية الأخ عبدالرحمن مطلق شاجع، الأمين العام للمجالس المحلية، فأوضح بالقول: «المجلس المحلي بالمحافظة تجاهل مشكلة تعطل العمل في المشروع ولم نلاحظ أي تجاوب، وبقية المسؤولين في المديرية هم من يقفون ضدي وضد نجاح هذا المشروع ولم نجد منهم إلا الرضا بالواقع المزري، فكيف لي أن أبقى بين هذه الشخصيات المتوحشة، وأنتم تعرفون أن نجاح أي مشروع لايتم إلا بتكاتف الجميع وبمفردي لا أستطيع عمل كل شيء إذا لم ألمس المساندة من البقية».

أخشاب تم ضبطها بحوزة أحد الأشخاص
واستطرد: «أين الانسجام المطلوب بيننا؟! وكيف للمشروع أن يلاقي النجاح ونحن نمضي بهذه الطريقة المرفوضة تماما في رحلة جافة من جميع المشاريع ومملة أيضا، ولهذا أشعر وكأننا نسير عكس تيار النجاح، فنسقط في كل مرة في مستنقع الفشل الذريع وهذه حقيقة أمرنا».
أيادٍ عابثة وتماطل في التنفيذ
ولماذا تحولت الآمال إلى كوابيس وأصبح المواطنون يندبون حظهم العاثر ويتلقون التعازي والمواساة لما وصل إليه الوضع هنا، كان معنا الأخ رشاد عبدالله مفرح، أحد أعضاء المجالس المحلية بالمديرية الذي أوضح باختصار جميل: «ليس كل ما يتمناه المرء يدركه.
نحن ككتلة في المجلس المحلي سعينا جادين إلى توفير خدمة مشروع الكهرباء بأسرع وقت ممكن ولم نكن نتوقع أن يتم التماطل في تنفيذ المشروع إلى هذه الدرجة». واستطرد: «لكن مايزال الأمل يحدونا والتفاؤل يدفعنا في المضي قدما لإيصال هذه الخدمة للمواطن المسكين مع أن أيادي عابثة كانت وراء فشل المشروع». واختتم: «كنا نتوقع وصول بقية الأخشاب في الشهر الماضي وللأسف لا أعلم ما الذي يحدث بالضبط».
أخشاب الكهرباء تتعرض للسرقة
يا لهذه الحادثة في منطقة الثلث ببني أحمد، أخشاب الكهرباء تتعرض للسرقة كحادثة تحكي وتترجم كيف وصل حال الواقع التعيس في مشروع كهرباء المديرية إلى محاولة سرقة الأخشاب لعل وعسى أن يستفاد من المشروع بطريقة أو بأخرى ويتخلصون من كثرة الحديث عنه.
في هذا الإطار تحدث لـ«الأيام» العدل محمد حميد قائد العمري بالقول: «ما حدث هنا شيء لايتصوره أحد ولم يكن أحد يتوقع حدوثه إطلاقا.. بعد مرور سنوات على رمي أخشاب الكهرباء على قارعة الطرقات دون الحديث عنها حاولت مجموعة مسلحة ذات ليل حالك الظلام أخذ الأخشاب على سيارات، لولا انتباهنا لذلك ونزلنا في جموع غفيرة إلى موقع الحدث واستعدنا ما تم أخذه، وهذا إن دل فإنما يدل على إهمال السلطة لأخشاب رمت بها ثم لم تسأل عنها ولم تولها أدنى المتابعة».

حلقة قرآنية على ضوء الفانوس
فلاشات
أحلام وردية تبخرت تحت تأثير حرارة الافتراء وليس الكذب فقط، وآمال هوت بعدما مل المواطنون الانتظار، وبعدما عجز الصبر عن صبرهم، لتهب رياح الغضب المشتعلة من أفواه كل أبناء الفرع تعبر عن مدى ما بداخلهم من آهات محترقة ونظرة شؤم للمستقبل المظلم بظلام المشاريع، فحاولنا من خلال استطلاعنا أن نأخذ فلاشات قصيرة لتسعنا المساحة لأخذ كل الآراء من كافة الشرائح، فتحدث عبدالباقي سعيد المنبري من منطقة المنبر: «فشل مشروع الكهرباء لم يترك في نفوسنا إلا يأسا متراكما، ولم يعد هناك بصيص من الأمل، لأن الواقع يقول ذلك، ولايمكن لنا أن نتطور ونحن نمشي على هذا المنوال، لأن آمالنا بنيت على رمال المسؤولية الغائبة.
وهل بسكوتهم الغريب يمكن أن يحققوا شيئا؟! حتى ربطه لم يتم بالشكل المطلوب، فالأسلاك لم يتجاوز امتدادها ارتفاع الرأس، والأخشاب المنصوبة آيلة للسقوط، ولانعرف لماذا لم يتم محاسبة المقاول المنفذ؟!».
بليغ نائف دماج، من قرية الرمد بالوزيرة العليا، قال بكلامه الساخر: «أتذكر ذات يوم قبل أربعة أعوام أنهم قالوا لنا خلاص بيعوا القماقم والفوانيس اليوم، لاداعي لبقائها، فالكهرباء ستنجز خلال أيام معدودة، فنحن في عصر التكنولوجيا والتقدم، وكنا سنكون في ورطة لايحسد عليها لو أننا صدقناهم وبعناهم في مزاد!».
الحاج محمد بن محمد سيف، من الثلث قال: «ياولدي لاتصدق هذه الخبابير حقهم مدري الكلام الفاضي.. من زمان وهم يمكنوننا واجي لكم مشروع طريق واجي لكم مشروع مياه واجي لكم مشروع كهرباء، وفي الأخير ولا صلحوا شيء، أما أنا وقد احدودب ظهري وأصبحت أمشي على عكازي لا أعتقد أن ينقلب الوضع إلى الأفضل، وأنا مازلت أعيش على هذه الحياة، وإن حدثت ستكون معجزة خارقة لدينا، أما في جيل الأبناء والحفدة ممكن أن تتغير الأوضاع ويحدث تغيير، ولعل الصبح يخرج من جوف الليل والظلام».

أسلاك كهربائية تم ربطها إلى جذع شجرة
المواطن صادق أنعم، من الأهمول قال: «كنا نسمع كلاما عن مواصلة العمل في مشروع الكهرباء نظرا لقرب الانتخابات أما الآن وقد تأجل موعدها إلى سنتين، فلا نسمع إلا همسا وركودا في كل شيء».
خاتمة
ذلك هو حال أبناء مديرية فرع العدين، وتلك صرخاتهم وأناتهم المكلومة على مرارتها، ترجمتها «الأيام» في تلك السطور، نتمنى أن تكون قد أوصلت رسالتهم كاملة إلى الجهات المختصة وإلى القراء الأعزاء، ونقلت صورة واقعهم بكل حيادية وأمانة.