مركزية الموت الأكيد!

> نعمان الحكيم:

> الابتلاء من الله سبحانه وتعالى، هو امتحان للبشر، وليس لديهم قدرة أو رغبة في رد أو صد هذه الابتلاءات، التي قد يبرأ منها هذا، ويذهب فيها ذاك، والبشر كلهم إلى زوال، أكان بمرض أو حادث أو قتل أو وفاة أجل مباغتة.

فكلهم يعودون كودائع إلى الله مودعهم في هذه الدنيا.. وإنما الوقاية والتبصر له فائدة في بقاء البشر..وهذا سنة إلهية.

هذه المقدمة المتفلسفة أردت أن أبدأ بها شرح معاناة مرض (الأورام).. تلك الآفة التي تهلك عدداً كبيراً من أبناء بلادي، آباء وأخوة وأبناء وأمهات.. وهم المساكين الذين يكونون ضحية الغذاء الكيماوي، والمسرطنات وعدم الوعي الذي تهمله الدولة أساساً تجاه مواطنيها ولا تقدمه بالشكل اللائق.. فاليمن الدولة الأكثر عرضة سكانها للمرض والسفر إلى الخارج للعلاج من هذه الأمراض التي تصيب القلب والكلى والكبد والمثانة والرئة والأثداء والمستقيم... إلخ.

والأورام هو الاسم الأخف على مسمع الإنسان، بدلاً من (السرطان) الذي عند سماعه يكون المرء عرضة للخوف والهلع، ما يضاعف من المرض نفسياً وغيره.. وهو المرض الذي قد فقدنا به أعزاء كثيرين، رحمة الله عليهم.. والسبب قد لا يكون مباشراً أو مرتبطاً بشخص ما أو جهة ما.. بقدر ماهو تراكمي وتشترك فيه عدة عوامل.. بدءاً من الأسرة والغذاء والهواء والجهات الصحية والحكومية إلى عدم الدقة في التشخيص والعلاج.. وهلم جرا.. وتلك أشياء تذهب بالإنسان إلى الموت سواء في سرعة انتشار المرض لدى البعض، أو ببطئه... إلخ.

القضية هنا أهم من ذلك السرد بكثير.. فقد شكا كثيرون من المرضى أو من أقاربهم، خاصة النساء من حاملي سرطان الثدي اللاتي يكون البتر أو الاستئصال هو الحل الوحيد لهن، ما يضاعف الجانب النفسي لدى المرأة وشعورها بالنقص والضعف حتى ولو كان الزوج مقتنعاً ومحباً لزوجته ومخلصاً لها.. لكن هي النفس البشرية، والشعور بالنقص وفقدان الكياسة، ما يضاعف المرض وانتشاره في الجسم حتى الوفاة.. ونعلم أن الاستئصال إنما هو للحالة التي تكون متقدمة للغاية، ولا يفيد معها البقاء أو الكيماوي.. وأنا لست طبيباً، لكن هي كلمات أردت إيصالها عبر تأوهات الكثيرين خاصة هنا في عدن.

قال لي تربوي عريق أحيل إلى التقاعد.. تعرضت زوجته لبتر أحد ثدييها لانتشار السرطان فيه.. قال لي بحرقة: إنهم يعاملوننا بوجهين.. فأنت تطلع من عدن إلى صنعاء وتظل تتابع (الجرعة) المصروفة لمريضك وتذوق الأمرين، في حين المريض في صنعاء لا يكلفه ذلك ما يكلفنا.. ثم يضيف أن مريض السرطان في عدن يصرف له إعانة سفر للخارج (500 دولار) أما صاحب صنعاء فإنه يحصل على(1000 دولار)، وهذا إذا صح فإنه تمييز مقرف ومميت ليس للمريض بل للذي يمارسه مع أبناء وطن واحد ومحتاجين لسفر وعلاج في مرض واحد هو مرض (الموت المحقق)، إلى هذه الدرجة تصل الأمور؟!

المواطن هذا يقول: لماذا كل شيء من صنعاء ألم تعجبهم عدن التي يتعشقونها ويموتون عليها.. ولماذا لا تحول هذه العلاجات لمرضى السرطانات إلى المحافظات بحسب الكشوفات ومواقع السكن وعبر مكاتب الصحة وغيرها.. هل هذا كثير عليهم في وطنهم، ومن خيراته الوفيرة؟!

سؤال مُلح ولا يتطلب إهمال الإجابة العملية عنه.. ولمرضى السرطان نقول الله يكون في عونهم.. آمين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى