«الأيام» في منطقة عزاب عزلة الأعشور بمديرية قعطبة.. عزاب منطقة خيرها في السحاب وشرها في الأحزاب والانتخاب

> «الأيام» محمد علي محسن

>
حاجز المياه كما يبدو بشكله البدائي
حاجز المياه كما يبدو بشكله البدائي
عزاب في عزلة الأعشور بمديرية قعطبة محافظة الضالع كانت وجهتنا هذه المرة، قصدنا هذه القرية المشكلة مع القُدم والمقار وجيشان والقرن وهجار أحد المراكز الثلاثة المكونة للعزلة (مركز بيت الشرجي - مركز بيت الشوكي - مركز عزاب القُدم).

التي من حسن حظنا أن زيارتنا لها جاءت بعد أسبوع فقط من فيض السماء على أرضها وزرعها وضرعها وعقب يوم من إقرار اللجنة العليا للمناقصات والمزايدات لمشروع سد وعران بكلفة قدرها 140 مليون ريال. خمسة عشر كم هي المسافة الفاصلة بين خط الإسفلت الذي يربط قعطبة بإب، فبعد نحو عشرة كم قطعناها براحة كان على السائق الانحدار بنا ثانية لطريق البغال والجمال والتعب لنبدأ رحلتنا المعتادة كما ألفها هؤلاء القاطنون قرى العزلة المتناثرة مثل حبات العقد على حافتي الخمسة عشر كم الرابطة الفاخر- في الطريق العام بقرية عزاب الواقعة يمينا وأنت تقصد محافظة إب.

رائحة الثرى بعد هطول المطر ربما خففت من عناء السفر في ظهيرة قائظة، بل ومن شدة التشاؤم في أغنية الرحلة القائلة كلماتها «هيمان حتى لو سكنت.. لا صبحت قيعانها سراب».

معدات في العراء
معدات في العراء
الأرض الخضلة عدلت من مزاج الزميل علوي سلمان الذي ارتجل بتبديل كلمة سراب بالشراب، بينما نحن نشق قاع الوادي المفضي لهضبة مرتفعة، طريقها ضيق ومحفوف بالمخاطر والمشقة قبل الوصول إلى سفح الهضبة الجاثمة فوقها منازل القرية، كنا قد توقفنا عند حاجز مائي أقيم في مجرى السيل، أغرتنا مياه الحاجز الصافية والمتلالئة تحت أعمدة الشمس في التوقف للاغتسال والصلاة والتصوير.

رؤية الماء بلا شك أيقظت فينا الفرحة والسرور، لكنها لم تستفق طويلا، فالفضول الصحفي أعادها لسباتها وكآبتها، إذ كانت إجابة الحاج مصلح ناصر سلمان وولده خالد كافية لأن تفسد فرجتنا بمشروع مثل هذا، حاضن لماء السماء في بقعة قفر، لا حياة فيها أو نبض من دون حاجز.

الحالج مصلح، الرجل الكهل، روى لنا قصته مع المشروع القائم، فقال: «تم وضع دراسة للحاجز عام 1999 في عهد المحافظ الفقيد محمد الحبيشي، بسعة 3980 مترا مكعبا، وفي عام 2001 عملت دراسة أخرى لم تكن بنفس مستوى المشروع القائم بالتراب من حيث المساحة الأكبر، ومع ذلك ذهبت تلك الكلفة المقدرة بـ 80 ألف دولار، مثلما راحت الأولى والثانية المقررة ضمن عشرة حواجز مائية ممولة من قرض الأوبك، وتم الرفع بها من المحافظ الجنيد رحمه الله بتاريخ 2000/10/30».

وأضاف الحاج مصلح (والد محمد مصلح المتوفى أثناء قيامه بتصوير مراسم تشييع جثمان الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر رحمه الله) قائلا: «ما تشاهدونه كلفنا قرابة 4 ملايين ريال، ولأن الإمكانيات محدودة فإن الحاجز ترابي ولايستطيع تحمل كمية المياه، مما اضطرنا لعمل منافذ جانبية لإخراج هذه المياه الزائدة عن قدرة الحوض الذي بات يغذي آبار المياه في الأسفل».

عزاب من ناحية أخرى
عزاب من ناحية أخرى
وعن بداية المشروع وماهية الدعم المقدم من الدولة، قال: «يوجد قبل الحاجز سد أقيم من سابق، ومايزال قائما حتى اللحظة، وبجدار ترابي، وكان بالإمكان أن يكون الحاجز المقام حديثا لمساحة أكبر، تشمل السد، لكن المتابعة الطويلة أفضت إلى لاشيء، فحتى معونة شركات هائل سعيد هناك من حال دون استلامها بعد أن كانت على وشك الصرف، وها نحن ندعو الجهات المسئولة في المحافظة والحكومة إلى دعم هذا المشروع الحيوي والهام».

في لقاءات مع مواطني عزاب، كان جل حديثهم حول الطريق والكهرباء التي وصلت أعمدتها وأسلاكها في الانتخابات الماضية دون أن تصل الإضاءة، وهناك بعض من هذه الأعمدة والأسلاك ملقاة على الأرض بعد سقوطها، كما شكا الأهالي من غياب الخدمة الصحية في منطقتهم البعيدة عن المستشفيات والمستوصفات، إذ توجد وحدة صحية مهمتها تحصين الأمهات والأطفال، إلى جانب قابلات متطوعات كلفن من منظمة اليونيسف بمتابعة وتوليد الأمهات الحوامل، عدا ذلك لاتقدم الوحدة الصحية خدمات أخرى نتيجة لافتقارها إلى الأدوية والكادر.

السدود والحواجز المائية مثلت أيضا للمتحدثين مطلبا رئيسا، حيث إن المنطقة بحاجة لهذه السدود والحواجز المؤمل منها حفظ وتغدية مياه الآبار، فرغم التضاريس المكونة للمنطقة لم ينفذ بها مشروع واحد لا في وعران أو نمرة أو عجابة أو القرن أو جيشان، والمجمع التعليمي المطلوب لقرى المركز، كان ضمن القضايا المطروحة من الأهالي، إضافة إلى توفير المعلم المتخصص في المواد العلمية، وتشغيل المختبر الممنوح للمدرسة الذي شارفت المحاليل والمواد المخبرية فيه على التلف والانتهاء.

أعمدة وأسلاك الكهرباء في الأرض منذ سقوطها
أعمدة وأسلاك الكهرباء في الأرض منذ سقوطها
حالات الرعاية الاجتماعية أخذت حيزا من شكاوى المواطنين أيضا، فقد أكدوا أنه تم مسح 200 حالة جديدة، بينما ما هو معتمد من سابق ضئيل ولايتناسب مع كثافة الحالات الفقيرة، ناهيك عن شكوى هؤلاء من عملية التوزيع للحالات، القائمة على أساس الانتماء السياسي.

الأخ منصر مسعد سلمان عضو المجلس المحلي في قعطبة عن المركز الانتخابي ومدير مدرسة الإخلاص، سألناه حول جملة من القضايا المطروحة، فأجاب قائلا: «الطريق بطول 15كم، ويربط عزاب بالفاخر.. هذا المشروع أعلنت مناقصته قبل 6 أشهر، فيما الدراسة له أجريت منذ أكثر من عامين، ويستفيد من الشق والسفلتة للطريق ثلاثة مراكز هي بيت الشرجي وبيت الشوكي والقدم وعزاب، والقرية الأخيرة يقطنها نحو 4000 نسمة، وبها مدرسة أساسية وثانوية، يدرس فيها 1000 طالب وطالبة في 12 فصلا فقط، يصل عددهم في بعض الفصول إلى 80 طالبا، ورغم كثافة الإقبال على المدرسة من الجنسين إلا أن يوجد نقصان في المعلمين للمواد العلمية، خاصة الرياضيات والفيزياء والأحياء والكيمياء، فكلما زاد الإقبال قل التوظيف للمعلم، إذ لم تحصل المدرسة على معلم واحد من إجمالي المعلمين الجدد لعام 2008، على الرغم من النقص، وكذا الرفع باحتياج المدرسة.

مشكلة الكهرباء تتمثل في عدم وجود محولات، فبعد أن ربطت الشبكة الداخلية قبل الانتخابات الرئاسية ظلت هذه المحولات حائلة دون إيصال التيار، وما نجده في عزاب ينطبق على القرى المجاورة، مثل شليل والمقاور وجيشان والقدم وبيت الشوكي، وجميعها عالقة بلا إنارة جراء الوضعية العالقة للمشروع القائم والمنفذ مركزيا من جهة لامسئولية عليها من الوحدة التنفيذية في المحافظة.

الحاج مصلح ناصر يشير إلى حاجز المياه
الحاج مصلح ناصر يشير إلى حاجز المياه
وما يخص حالات الرعاية فقد تم اعتماد 12 حالة لكل عزلة، ولا مشكلة هذا العام حول مسألة التوزيع على العزل مثلما هي مع المعونة الإماراتية، فلم تصل أكياس القمح لبعض الحالات الفقيرة.

وبالنسبة لمعامل المدرسة، فهناك إشكالية في مبنى المدرسة الذي لايوجد فيه ملحقات يمكن أن تستوعب المختبر ووسائله، المشكلة ليست فقط بتشغيل المعمل التطبيقي، ولكن بقدرة المدرسة الاستيعابية، وضرورة توسعتها وزيادة فصولها أو بإقامة مجمع تعليمي آخر للبنات.

ومن الظواهر السلبية إطلاق النار في الأعراس، وكذا المغالاة في المهور، وكثرة النزاعات الشخصية المكدسة أمام المحاكم، الأولى تم الحد منها إثر حوادث عدة في الأعراس، وهناك قلة فقط لم تلتزم، أما ارتفاع المهور فتم معالجته بتحديد 400 ألف ريال كسقف للمهور».

في نهاية لقائنا مواطني عزاب نقل لنا المعلم خالد معاناة الطفلتين رسلا محمد ناجي سلمان 14 عاما وعافية أحمد صالح سلمان 13 عاما، اللتين تعرضتا لانفجار لغم في جبل السوداء المجاور للقرى قبل مدة، ففقدت الأولى إحدى ساقيها، وهي بحاجة لرجل صناعية، وظروف أبيها لاتسمح بدفع نصف قيمتها البالغة 300 ألف ريال. فيما الأخرى سلمت يوم الانفجار ببدنها، لكنها الآن مصابة بحالة نفسية تستلزم العلاج، ولكونها يتيمة الأب فإن علاجها يستدعي من الجميع مساعدتها لتعود العافية إلى عافية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى