الجنوبيون فرضت عليهم الاشتراكية قسرا

> محمد بالفخر:

> في برنامج زيارة خاصة الذي عرضت قناة الجزيرة القطرية أولى حلقاته مساء السبت 2009/4/11م كان الضيف السيد حيدر أبو بكر العطاس أحد القيادات التاريخية الجنوبية ويبدو أن الحلقات قد سجلت منذ مدة زمنية.

وعلى الرغم من أننا لا نعلم ما سيقوله في الحلقة القادمة فإن ما عرض في الحلقة الأولى أظهر لنا الكثير من الحقائق التي لاشك أنها ستكون مثار بحث وتحليل من الكتاب والصحفيين والمهتمين سواء محليا أو خارجيا وقطعا ستنكأ جراحا وتفتح ملفات قد حسبت في عداد المغلقة أو قد ضاعت في دهاليز أرشيف السياسة اليمنية، وسأقف أنا في هذا المقال عند نقطتين هما:

الأولى: هي أن السيد حيدر أبو بكر العطاس وكثيرا من أبناء الجنوب وقياداته لم يكونوا اشتراكيين وإنما كان انتماؤهم الفكري لحركة القوميين العرب وأما التوجه الاشتراكي فما كان إلا قسرا أدخل عليهم من خلال أياد خفية التي ربما لها اليد الطولى في كثير من الأحداث التي مرّت بالجنوب بدءا بإشعال فتيل الاقتتال بين جبهة التحرير والجبهة القومية ومرورا بتوقيع وثيقة الاستقلال وتغيير مسمى الجنوب العربي إلى جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية وما لحق بالبلد من حوادث جسام بدأت بالتصفيات الجسدية لكثير من قيادات ورموز الجنوب كان من أبرزهم فيصل عبد اللطيف الشعبي وقحطان محمد الشعبي وسالم ربيع علي والعديد من رموز النضال الجنوبي وتم تدمير الاقتصاد الجنوبي ورؤوس الأموال الجنوبية من خلال قانون التأميم الجائر الذي قضى على التجار الجنوبيين بعد أن كانوا من الملاك وأصحاب رؤوس الأموال ووكلاء وكالات عالمية كان بإمكانهم أن يكوّنوا الركيزة الكبيرة في بناء اقتصاد البلد بعد أن كانت عدن حينها هي العلامة المضيئة في المنطقة في ذلك الوقت لكن قدر الله وما شاء فعل. فقد دفع الجنوبيون أرضا وإنسانا ضريبة قاسية لحماقات سخيفة كانت تصنعها أياد خفية تخرج من كل صراع سالمة غانمة لا يمسّها سوء بينما أبناء الجنوب يطحن بعضهم بعضا كما حدث في 13 يناير1986 المشئوم.

أما النقطة الثانية:

فقد استوقفني كثيرا في حديث السيد حيدر العطاس ما ذكره في أول زيارة له إلى الجمهورية العربية اليمنية من أن الرئيس علي عبدالله صالح أخبره بأن اجتماعات المكتب السياسي التي تعقد في الصباح تصل إليه تقاريرها في مغرب اليوم نفسه واعترف السيد حيدر أن هناك اختراقا كبيرا لصفوف الحزب الحاكم لمصلحة الجمهورية العربية اليمنية بعد يناير 1986م وتعزز بشكل أكبر بعد اتفاق الوحدة في 22 مايو 1990م وهذه بحد ذاتها من أكبر الدلائل على المرحلة الصعبة التي وصل إليها الوضع في الجنوب بعد سلسلة الصراعات الجنوبية الجنوبية التي نتج عنها كما أسلفت تصفية القيادات والكوادر الجنوبية بأيد جنوبية مما سهل عملية الاختراق الكبير كما وصفها السيد حيدر العطاس .

هذه النقطة وتلك تؤكدان أن ما قام به الدكتور عبد الرحمن الوالي ورفاقه الأحرار في كل المحافظات الجنوبية من محاولة لإنشاء حزب للأحرار الجنوبيين هو نتيجة حتمية لمسار تاريخي كان ضرره أكبر من نفعه ولواقع أيضا لا يسر لا صديقا ولا قريبا ولكن كان يجب عليهم أن يتنبهوا لما قاله السيد حيدر أبوبكر العطاس من أن الاشتراكية أدخلت عليهم قسرا وما كان أمامهم إلا التسليم بالأمر الواقع، كما أن عليهم التنبّه أيضا إلى أن الكثير من أبناء الجنوب من مختلف الشرائح مازالت في نفوسهم ريبة من الحراك الجنوبي لأن كثيرا من القيادات تنضوي تحت مظلة الحزب الاشتراكي الذي لهم معه ذكريات غير حميدة ومازالوا يحملون عضويته.

كما أن النقطة الثانية التي أشرت إليها تدعو كل مكونات الحراك الجنوبي أن تضعها نصب عينيها إذا أرادت أن تصل بالقضية الجنوبية إلى تحقيق أهدافها، فعملية الاختراق قد تمت لحزب ودولة قائمة لها أجهزتها ومؤسساتها وحدودها فكيف هو الحال وهم مجاميع مازالت لم تتفق بعد على هدف واحد ولا وسيلة محددة ولا فعاليات موحّدة مما يجعل عملية الاختراق أسهل بكثير وخاصة إذا كثر التنازع، وقد قال الحق سبحانه وتعالى (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم).

وعليهم أن يعلموا أن قوتهم في توحدهم وضعفهم في تشرذمهم .

تأبى العصي إذا اجتمعن تكسرا

وإذا افترقن تكسرت آحادا

خاتمة:

قالت أمي مرّه

يا أولادي

عندي لغز

من منكم يكشف لي سرّه؟

(تابوت قشرته حلوى

ساكنه خشب ..

والقشره

زاد للرائح والغادي)

قالت أختي التمره

حضنتها أمي ضاحكة

لكني خنقتني العبره

قلت لها :

بل تلك بلادي ! (أحمد مطر)

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى