متى يهل هلال التنمية على سماء (أم شرق ) الملبدة بالظلام ؟

> «الأيام» محمد العزعزي:

>
أطفال مع معلمهم ذاهبون إلى المدرسة
أطفال مع معلمهم ذاهبون إلى المدرسة
منطقة الشرق بالزريقة في المقاطرة بلحج محرومة من كل شيء وبالأخص قطرة الماء النظيفة وحينما يتجول الإنسان في شعابها ووديانها لا يجد ما يسر العين فلا مدرسة بمعناها الحقيقي ولا مستوصف ولا طريق ولا كهرباء .. عدا مدرسة بحالة يرثى لها وما عداها من المشاريع فصفر على الشمال .

لكم يتألم الإنسان حين يطالع مناظر البؤس والحرمان والفقر المدقع الماثل في وجوه أبنائها القابعين بين حناياها تحت وطأة الظلم والحرمان دون منقذ أو معين وترى الناس فيها صرعى من شدة التهميش والنسيان بوجوه مصغرة وعيون غائرة والنفوس الحالمة بالأمل الجريح ويقفز السؤال: أين دور المجالس المحلية والسلطة الرسمية؟ وأين تقع شرق الزريقة من خارطة الوطن؟ فهل بعد هذه الصرخة المشفوعة بالاستنجاد سيعي كل مسؤوليته تجاه هؤلاء البؤساء .. نأمل ذلك.

الموقع:

تقع الشّرق بين الجبال العالية وتخترقها الأودية من كل الاتجاهات وتحدها جبال الكرب من الجهة الشرقية ومرتفعات حنو من الجنوب والجنوب الغربي وجبل تملكي والمزاهد غربا.

وتتألف هذه المنطقة من قرى متناثرة على جانبي الوادي والأماكن العالية بمستوطنات بشرية ذات كثافة سكانية مرتفعة ومنازلها متواضعة بنيت من الأحجار والطين وعدد السكان أكثر من 5000 نسمة .

الماء:

لا يوجد ماء نظيف ويعتمد السكان على مياه الغيول الجارية التي يمر عليها الإنسان والحيوان، وهي ملوثة تسبب انتشار الأمراض والأوبئة وتمنى الأهالي من الجهات ذات العلاقة حفر الآبار وتزويد المنازل بالماء النظيف ويجلب الماء النساء والأطفال فوق الرؤوس وعلى ظهور الحمير برحلة عذاب يومية من مسافات بعيدة.

الطاقة:

يعتمد الناس على الفوانيس والقماقم كمصدر للإضاءة ولا توجد الكهرباء في عصر الضوء وتعدد مصادر الطاقة ويعد أهم مصدر للطاقة .

تربية النحل
تربية النحل
الزراعة:

تنتشر الأرض الزراعية في بطون الأودية وتعرضت لجرف السيول وما تبقى منها مصابة بالمرض والغسل وفقدت حيويتها وخصوبتها لانعدام الوسائل الحديثة في التخصيب وصيانة التربة في مدارب السيل وتحتاج لعمل الصيانة والتشبيك وإعادة تأهيل المدرجات الجبلية ومد المزارعين بالأسمدة والبذور ويعتمد السكان على محاصيل الحبوب الغذائية الصيفية كالغرب والدخن والبقوليات ومحصول الذرة الشامية (الهند) في فصل الشتاء.

كما يزرع النخيل، وقد تعرضت أعداد كبيرة منها لعملية الجرف وناشد الأهالي وزارة الزراعة مدهم بالفسائل المحسنة وإدخال أصناف جديدة لتعود المنطقة إلى سابق عهدها في إنتاج وتصدير التمور ذات الجودة العالية .

الثروة الحيوانية:

قال أحمد شعلان : «تربى الأبقار في منازل الفلاحين وتعيش جوار الإنسان وكذلك الأغنام والماعز والطيور الداجنة وهي مصدر رزق بعض السكان وقد تعرضت الثروة الحيوانية للتناقص بسبب نفوق أعداد كبيرة منها ويربي البعض النحل و يعتمد الزريقي على إنتاج العسل ذو الجودة العالية كمصدر دخل.

التنمية الريفية:

طالب الأهالي بالتنمية الشاملة ودعم الزراعة المطرية وإقامة المصدات والحواجز والسدود المائية وتربية الحيوان بطرق حديثة وتزويدهم بسلالات محسنة وتساءلوا متى نلقى الدعم الحكومي وإنجاز مشاريع التنمية وصيانة التربة؟.

التربية والتعليم :

صرح لـ«الأيام»عبد الله محمد غالب عضو المجلس المحلي مدير مدرسة الشرق بقوله: «تتكون المدرسة من (6) فصول وهي مختلطة من (7-1) وعدد الطلبة بنين 101 وبنات 114 والمعلمين (5) والمدير ونقل مكتب التربية أحد المعلمين فيما آخر أصيب بحالة مرضية وتم نقل 3 معلمين من مدرسة محمد الدرة ولم يأت البديل».

وقال سيف مقبل علي : «هذه المؤسسة شبه مدرسة فلا وسائل ولا معامل، وتنعدم الأنشطة وقد توقف التعليم في فصلين دراسيين، فأطفالنا لا يدرسون وقد بلغنا مدير التربية والأمين العام وكل الخيرين دون جدوى، فإلى متى هذا الإهمال؟».

طريق السيارات
طريق السيارات
الصحة:

قال الدكتور نائف الزريقي : «لا يوجد مركز صحي لتقديم أبسط المقومات الأساسية من الرعاية الصحية بالرغم من الكثافة السكانية العالية ويسعف الناس مرضاهم إلى التربة بتعز، ويموت بعضهم قبل أن يرى بوابة المستشفى »، وأضاف قائلا: «تنتشر العديد من الأمراض والأوبئة بسبب المياه المكشوفة ومن الأمراض : البلهارسيا- والتيفوئيد - والملاريا- والحميات المختلفة - والديدان وأمراض الجهاز التنفسي والكلى والمسالك البولية والأمراض الجلدية ولعدم توفر الرعاية الصحية فإن النساء يتعرضن للوفاة وانفجار الرحم وأمراض الحمل والولادة ويلجأ العديد من السكان للتداوي بالأعشاب والكي بالنار ».

وتقدم المواطنون بنداء عاجل إلى وزير الصحة إنقاذهم ببناء وحدة صحية وتزويدهم بالكوادر والأجهزة والدواء بعد الحرمان الطويل وارتفاع عدد الوفيات.

النقل والمواصلات:

قال سعيد عبده محمد : «الطرق وعرة وقد تم شقها منتصف السبعينات من القرن الماضي ولا توجد خدمة الهاتف ولانعدام الكهرباء لا يوجد التلفزيون، وهذه المنطقة معزولة عن العالم ويجد الأهالي صعوبة في التواصل والاتصال، وما زال الحمار أهم وسيلة مواصلات».

إلى ذلك قال مروان عبد العزيز أحمد سعيد: «أنه أنجز 500 متر بإزالة الأحجار الكبيرة التي أعاقت طريق حجير العبادلة والعقبة الوسطى والسفلى بطول 350 مترا بطريق الحجاج ولم يستلم من المجلس أجور العمال والكمبريشن».

وقال عضو المجلس المحلي عبد الله الزريقي :«تعرقلت طريق النبه - سوه ولم تنفذ وبئر للشرب في الشرق رغم الإعلان بالصحف الرسمية».

المرأة والطفل :

حرمت المرأة من نعمة التعليم والعيش الرغيد وتتحمل أعباء الحياة بصبر لا يلين فهي ربة بيت ومربية الأطفال وعاملة في الحقل والمنزل وتجلب الماء والحطب على الرأس وكافة الأعمال اليومية.

وقال الطفل سمير سيف :«نحن متعبون ومكتوب علينا قلة الراحة في هذه الأرض».

المهور وتعدد الزوجات :

قال نبيل أحمد محمد : «كانت المهور ميسرة ويعتبر الزواج المبكر عصمة للشباب من الانحراف والمساعدة في أعمال البيت والحقل».

وقال ياسر عبده قائد : «بالرغم من إنتشار الفقر والبطالة فإن أغلب الناس متتعددو الزوجات وعند سؤال أحدهم لماذا التعدد ؟ أجاب قائلا«امرأة واحدة لا تكفي .. فالعمر الافتراضي للزوجة لا يزيد عن(20) عاما، فالتعدد ضرورة لإنجاب الأولاد بهدف مساعدة آبائهم على أعباء الحياة».

الفقر والبطالة:

قال ياسر عبده قائد: «يزداد الفقر يومابعد يوم بين الناس, وتنتشر البطالة بين الشباب ويهاجر بعضهم إلى الداخل والخارج بهدف مساعدة الآباء ماليا، ويتركون التعليم مبكرا من أجل توفير لقمة العيش».

وقال سيف مقبل: «الغلاء والعزلة والبطالة وانعدام الخدمات أهم مشاكلنا وغالبية السكان فقراء وحالات الضمان الاجتماعي قليلة .

الوجبات الشعبية :

قال سعيد عبده محمد: «تعتبر العصيد الوجبة الشعبية الأكثر إنتشارا وسبغها الحقين والبسباس والوزف وتقوم المرأة بصنع الرهيك المكون من حبوب (الهند) الذي يطحن يدويا بواسطة حجر الرحى ويخبز بالموفى المعتمد على وقود الحطب ومن الوجبات الأخرى خبز الطاوة والفطير والكدر ويفضل الناس الفتة باللبن والسمن.

قرية تملكي
قرية تملكي
خاتمة :

لكم يحز في النفس ويدمي العين ويذبح القلب ويؤرق الإنسان المشاهد الغريبة لأبناء الشرق بالزريقة، وهذه المنطقة ما زالت تعاني الأمرين جراء انعدام أبسط الخدمات وتغييب الحركة الإنمائية فيها مع وجود الواقع الاجتماعي الهش وحبذا لو أن السلطة المحلية والرسمية تترجل عن فرسها وتذهب إلى هذه القرى التي أصبحت بحكم المنكوبة والنظر إليها بعين الاعتبار لاعتبارها الجزء الأهم من الكل المهم .

ونتمنى أن نعير أصحاب القرار أقدامنا المتعبة حتى يبادروا إلى النزول الميداني ليشاهدوا بأم أعينهم ما رأيناه .. تعيش قرى الشرق عزلة مفروضة التي لا فكاك منها وكأنها تنتمي للعصور الحجرية فمن ذا يرد لها الاعتبار ويكفكف دموعها ويخلصنا من الحياة المنهكة ويبادر للتو لنزع البؤس والحرمان عن أبنائها الطيبين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى