قضية على طاولة وزيري الداخلية والأشغال وبين يدي الرأي العام.. طريق المسيميرالرابط لقرى ومناطق المديرية المطلة على وادي تبن ومنعطفات تفترس البشر وتحصد الأرواح منذ السبعينات

> «الأيام» محمد مرشد عقابي

>
وسط مشاهد مأساوية دامية تبرز الطريق الترابية القديمة الرابطة عاصمة مديرية المسيمير في محافظة لحج ببقية القرى والمناطق الواقعة في نطاق المديرية والمطلة على الشريط المائي بمجرى وادي تبن لتحصد الضحايا واحدا تلو الآخر.

عائلات وأطفال وشباب قضوا نحبهم على هذه الطريق وهم في أوج التمني للعيش والحياة.

طريق شهدت حكايات مأساوية رهيبة يقشعر منها البدن، لكونها تحوي مفارقة العديد من المارين عليها للحياة، نظير كثرة الحوادث المرورية التي حولت أفراح العديد من الأسر إلى أتراح وأحزان ودموع وصيحات وعويل لاينتهي، ونتيجة للإهمال والصمت المطبق الذي تبديه السلطات المحلية بالمديرية تجاه الكوارث التي يتحمل نتائجها وتبعاتها المأساوية المواطن المسكين.

كان ذلك هو الدافع للكتابة عنها، على الرغم من عدم توفر الإحصائيات الدقيقة لنتائج كوارث الطريق منذ إنشائها في بداية سبعينات القرن الماضي، بسب عدم وجود المصادر المزودة بالمعلومات، لكنني أبيت إلا أن أكتب كل ما أملك من معلومات وإحصائيات عن هذه المسماة طريقا، ستجدونها أعزائي القراء في تفاصيل التحقيق الآتي.

إلى متى يظل حال الطريق هكذا؟.. كلمات تقاذفتها ألسنة عدد من السائقين والعابرين فوق هذه الطريق.. أحبيت أن أبدأ بها سطور التحقيق لكونها أسئلة عفوية نابعة من صحيح المعاناة لديهم، حيث قال السائق علي السلطان: «بين المسيمير وجاودون وبقية قرى ومناطق وادي تبن يقع خطر الموت، لكون هذه الطريق ومنذ إنشائها على إطارات سيارات الآباء والأجداد لم تشهد أي عملية إصلاح أو سفلتة أو حتى تعبيدا، ونحن كسائقين نستشعر خطورة هذه الطريق، وعند العبور يوميا عليها ذهابا وإيابا نحس وكأننا قاب قوسين أو أدنى من الوقوع في الحوادث والموت فيها بسبب كثرة وجود الانحدارات والنتوءات والالتواءات وعدم وجود حواجز أو إشارات تساعد على تقليل نسبة الحوادث».

وأضاف: «عندما نصعد بالسيارة أو ننزل بها من على عقبة حارة اليابس بعاصمة المديرية (أخطر عقبة مائلة في هذه الطريق) نشعر هنا بالمغامرة والمخاطرة، لكون هذه العقبة شهدت ومنذ السبعينات عددا كبيرا من الحوادث راح ضحيتها العشرات من المواطنين، ونتيجة هذه الحوادث فقدت أسر عديدة عائلها أو من تحب».

وأشار إلى أن الطريق أنشئت بجهود الأهالي قديما، وتفتقر لأبسط المعايير والتصاميم الهندسية الحديثة، والسلطة ومنذ تاريخ إنشاء الطريق لم تتحرك لمساعدة المواطنين، وإكمال جهدهم بإصلاحها وإحاطتها بالحواجز وسفلتتها وإزالة العوائق البارزة في معظم مساحاتها».

وتحدث السائق طارق سالم أحمد قائلا: «هذه الطريق نذير شؤم وشر على كل العابرين عليها، لكونها تحولت إلى مقبرة للأبرياء من دون ذنب أو جرم سوى أنهم كلفوا أنفسهم السير عليها، وسقط فيها مئات الضحايا، ومن سلم من الموت لم يسلم من العاهة والإصابة والإعاقة».

وطالب الجهات الرسمية بالمديرية والمحافظة ووزارة الداخلية بضرورة لفت النظر ومراجعة الحسابات إزاء حصد الأرواح البريئة وافتراس البشر الأبرياء من قبل هذه الطريق، والعمل على وقف إزهاق أرواح السائرين عليها من خلال سرعة تعبيدها وسفلتتها ووضع الحواجز وإصلاح وتسوية كافة المنعطفات والمنحدرات وغيرها من العوائق المسببة لحوادث السير على هذه الطريق التي تمثل شريان الحياة لأكثر من 20 ألف نسمة، يستعملونها يوميا ذهابا وإيابا عند السفر إلى عاصمة المديرية لجلب حاجياتهم ومتطلباتهم المعيشية وغيرها من ضروريات الحياة.

ودعا السائق طارق سالم جميع السائقين والمستفيدين من هذه الطريق إلى تشكيل لجنة منهم لرفع تقارير عن طبيعة ووعورة وقساوة الطريق، وإحصائية عن عدد الضحايا ما بين وفاة وإعاقة وإصابة تسببت بها الطريق، وإيصالها للجهات المسئولة لطلب النجدة منها، ومن ثم اتخاذ الطرق المناسبة لإلزام الجهات المعنية بالنظر إلى ما يعانيه المواطنون من خطر يداهم حياتهم وهم يعبرون على هذه الطريق.

وقفات مهمة
لعل من المهم أن نشير إلى موقف أهالي حارة اليابس وما جاورها من سكان عاصمة المديرية الذين سرعان ما يهرعون عند سماعهم بوقوع حوادث على منعطف عقبة اليابس، حيث إنهم يتابعون حركة السير في الطريق، نظرا لعدم وجود رجال مرور، فهم يقومون بهذه المهام بدلا عن رجال الأمن والمرور، ويقومون بإسعاف ضحايا الحوادث ويتكفلون بكل تكاليف الإنقاذ وإسعاف من تضعهم الأقدار في مصيدة حوادث هذه الطريق.

أهالي الحارة أكدوا لـ«الأيام» أنهم يقومون بهذا العمل الإنساني بعدما تنصلت أجهزة الأمن والمرور عن تأدية واجباتها، وبعد الوصول إلى قناعة تامة بعدم شعور هذه الجهات الرسمية بحجم المسئولية الملقاة عليها، وحتى عدم استشعارها الحياء والإحراج مما نقوم به نيابة عنها في إسعاف المصابين على الطريق.

همسات أخيرة

هكذا تطوى صفحات المآسي وتتوالى الجراح ويسقط الضحايا الأبرياء على ذمة سيرهم على طريق تنبعث وتفوح منها رائحة الموت، وتنتشر منها لغة الدموع التي فرقت بين الأحباب والأقارب وطحنت قلوب الكثيرين بالحزن على فراق الأعزاء، إنها الطريق التي كبدت الكثير من الفقراء خسائر هي أضعاف مضاعفة لخسائر مشاريع المديرية التي يتم تنفيذها على طريقة (يالله طلبناك).

إنها الطريق التي احتوى ملفها على أرقام هائلة وإحصائيات مذهلة، توزعت بين وفيات وإصابات بليغة وعاهات مستديمة وإعاقات مختلفة، إنها الطريق التي خلفت الفاجعة لدى كل أسرة منكوبة ابتلاها الله بهذا القدر.

ومع كل ذلك تبقى الفاجعة أكبر وأعمق من الوصف، ومن يرى ليس كمن يسمع أو يقرأ، ونحن في «الأيام» نضع كل هذه المعاناة على طاولة وزيري الداخلية والأشغال وبين يدي الرأي العام، لعل وعسى أن تسرع هذه الجهات لوضع حلول ومعالجات لإنهاء مآسي الطريق المتكررة ووضع حد نهائي لمعاناة الجميع منها مستقبلا وللتقليل من نسب الضحايا فيها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى