رجال في ذاكرة التاريخ

> «الأيام» نجيب محمد يابلي:

> الولادة والنشأة:قد يخفت وهج مدينة عدن لبعض الوقت، لكنها سرعان ما تستعيد وهجها وتتجاوز من أراد تجريدها من وظيفتها وطبيعتها وتاريخها ومعالمها وإنسانها، وهذا هو قدرها التاريخي والجغرافي، ذلك أنه ورد ذكرها في التوراة قبل ثلاثة آلاف عام.

تتجلى عظمة عدن في كونها وعاءً ذابت فيه الناس من مختلف الأعراق والأديان، واستأنس لها من أقام فيها وانقطع عن جذوره وتراكم ارتباطه بالمدنية، ومارس حقوقه وواجباته وتعايش الناس فيها.

وكانت ترى المسجد والكنيسة والكنيس والمعبد الهندوكي والفارسي وأماكن عبادة الفرق المسيحية والشيعية.

هناك عدة عائلات عدنية عرفت باسم «الهمداني» في كريتر والشيخ عثمان (عدن) على مدى عقود طويلة من الزمن، وترسخت مكانة أفرادها في الأوساط الاجتماعية والتجارية والتربوية والإبداعية والإدارية والمصرفية، ومنها أسرة- المغفور له بإذن الله تعالى- علي حمود الهمداني من ساكني شارع الشيخ عبدالله (بجوار مسجد البهرة) بكريتر، وكان- رحمه الله- يدير مكتبة يغلب على معروضها من الكتب الطابع الديني، وكانت مكتبته مجاورة لمكتبة -المغفور له بإذن الله- أحمد هبة الله.

أنجب علي حمود الهمداني ثمانية أولاد، الذكور منهم خمسة من ضمنهم- المترجم له- الدكتور أحمد والدكتور محسن (الرئيس السابق لهيئة حماية البيئة) وحسين (كادر سابق في وزارة الاقتصاد).

الدكتور أحمد علي حمود الهمداني من مواليد شارع الشيخ عبدالله الكريتري العريق بمدينة عدن في 25 أكتوبر 1938م، وتلقى دراسته الابتدائية والمتوسطة في المدارس الحكومية بعدن.

فيما تلقى دراسته الثانوية في مدرسة القديس يوسف العالية (البادري) بكريتر، وحصل على منحة جامعية من حكومة عدن (في ظل الإدارة البريطانية لعدن) للدراسة في الهند، وحصل على البكالوريوس في العلوم الاقتصادية، ونال بعد ذلك درجة الماجستير في العلوم الاقتصادية، ثم نال درجة الماجستير مرة أخرى في الإدارة العامة، وتوج دراساته العليا في علوم التخطيط والتطوير الاقتصادي من الولايات المتحدة الأمريكية.

الهمداني وأول خطوة في رحلة الألف ميل مع شركة (البس)

التحق الدكتور أحمد الهمداني فور عودته من الهند بعد تخرجه بشركة أ.بس (A.BESS) الشهيرة آنذاك في جنوب الجزيرة العربية وشرق أفريقيا، وعمل في قطاع الأدوية ووصل إلى وظيفة مدير المبيعات، وبعد أن عمل الهمداني مع شركة البس خلال الفترة (63-65م) شغل منصب نائب رئيس ومديرا تنفيذيا لمجلس التطوير الصناعي في عدن خلال الفترة (65-67م)، وقد تأسس المجلس بموجب قرار أصدره- المغفور له بإذن الله تعالى- عبدالقوي مكاوي رئيس وزراء ولاية عدن.

الهمداني والنزعة الإنسانية المبكرة

تحمل أحمد الهمداني مسؤولية مصلحة الضرائب بعدن خلال الفترة (67-1969م)، والوصول إلى هذا المركز لم يكن وراءه اعتبارات سياسية أو قبلية وإنما تحقق له الوصول باعتباره تكنوقراطيا، إلا أن اللافت أن النزعة الإنسانية برزت عند الهمداني في وقت مبكر، ذلك أنه كان رئيس مجلس إدارة جمعية الصليب الأحمر البريطانية في عدن خلال الفترة (65-1967م) وكان رئيس مجلس إدارة جمعية الهلال الأحمر خلال الفترة (67-1969م).

الهمداني يشد الرحال إلى الولايات المتحدة الأمريكية

شد الدكتور أحمد علي الهمداني الرحال إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1969م ليضرب عدة عصافير بحجر واحد، فمنها ما كان لغرض الدراسة العليا ومنها ماكان لغرض العمل في عدد من مدن ولاية ميتشيجان في وظائف عدة منها محلل اقتصادي في مجال التوظيف والعمالة وذلك خلال الفترة 69 - 1976م

بعد عودة الدكتور الهمداني من الولايات المتحدة الأمريكية شغل منصب رئيس مجلس إدارة بنك اليمن والكويت خلال الفترة 76 - 1977م وكان الدكتور الهمداني أول من شغل ذلك المنصب صدر في 22 سبتمبر 1977م قرار في صنعاء بتأسيس الشركة اليمنية الكويتية للتنمية العقارية.

وهي أول شركة يمنية كويتية في هذ الشأن التي كان من ثمارها المجمع الوظيفي الحكومي بحدة وصالتي عرض سينمائية وفندق رمادة حدة، وقد شغل الدكتور الهمداني في العام 1977م منصب المدير العام وعضو مجلس إدارة الشركة.

الهمداني يحمل حقيبة وزارية

حظي الدكتور أحمد علي الهمداني بثقة نوعية في العام 1977م عندما تحمل في زمن قياسي منصب وزير الاقتصاد والصناعة ولم يكن الأمر هينا لأن يتحمل مثل هذا المنصب شخص محسوب على المدينة (عدن) سيما وأنه لم يكن رقما في عالم السياسة أو المصالح الضيقة.

شغل الدكتور الهمداني خلال الفترة 78 - 1980م منصب رئيس مجلس إدارة الشركة الوطنية للتبغ والكبريت وواصل عطاءه في تلك المؤسسة الاقتصادية وترك وراءه لمسات وبصمات تشهد على علو كعبه في مجال الاقتصاد.

الهمداني والعودة لكرسي الوزارة والعود أحمد

يلاحظ من مشوار الدكتور أحمد الهمداني في مجال الوظيفة القيادية في الجمهورية العربية اليمنية أنه طاف وشاف عددا كبيرا من المرافق الاقتصادية والمالية، وكان بقاؤه في كل مرفق من تلك المرافق لفترة قصيرة إلا أن أطولها كانت الحقيبة الوزارية التي حملها خلال الفترة 80 - 1985م عندما عين وزيرا للزراعة والثروة السمكية، كما تبوأ مناصب وزارية عدة منها قيامه بأعمال وزير الخارجية والتخطيط والاقتصاد.

شغل الدكتور الهمداني خلال الفترة 86 - 1989م منصب رئيس مجلس إدارة المؤسسات التموينية العامة في اليمن، وتمت إحالته في العام 1989م إلى وزارة التجارة والتموين،حيث شغل فيها منصب المستشار الاقتصادي للوزير وشغل ذلك المنصب حتى عام 1993م

الهمداني بين التأسيس والرئاسة

يلاحظ من خلال رصد المشوار الوظيفي والنشاط الاجتماعي للدكتور أحمد علي همداني أن قدره كان أن يكون في مواضع قيادية، ويلاحظ أنه بعد تركه لوظيفته الاستشارية في التجارة والتموين عمل خلال الفترة 93 - 1996م العضو المنتدب للبنك التجاري اليمن، بل وكان أحد مؤسسيه.

نشط الدكتور الهمداني في مجال جديد ذلك أنه كان أحد المساهمين في المدرسة الأمريكية وشغل منصب رئيس مجلس إدارة المدرسة خلال العام 1995م أما العام 1996م فقد شغل الدكتور الهمداني منصب رئيس مجلس إدارة الشركة العربية للتأمين وكان أحد مؤسسيها.

الهمداني يطرق أبوابا عدة منها باب التوفيق والتحكيم

كان الدكتور أحمد الهمداني أحد مؤسسي المجلس اليمني للتوفيق والتحكيم، وكان أحد أعضاء مجلس إدارة المجلس عام 1997م ومنذ العام 1999م ولعدة أعوام لاحقة شغل الدكتور أحمد الهمداني منصب رئيس مجلس إدارة شركة المقاولين العرب الوطنية المساهمة مع شركة المقاولين العرب المصرية، عثمان أحمد عثمان ومنذ العام 1999م ولعدة أعوام لاحقة شغل الدكتور الهمداني منصب رئيس مجلس إدارة شركة كمران للملاحة.

الهمداني والبنك الوطني للتجارة والاستثمار

دخل الدكتور أحمد علي الهمداني في الموسوعة الدولية للمهنيين INTERNATIONAL WHOS WHO OF PROFFESSIONALS وورد في الشهادة التي سلمت له أن أعضاء هذه المؤسسة الدولية استوفوا المتطلبات التي حددتها (هيئة المستشارين).

أنشئ البنك الوطني للتجارة والاستثمار في 10 مارس 1998م برأس مال 500 مليون ريال وارتفع رأس المال إلى مليارين و252 مليون ريال في نهاية ديسمبر 2004م وكان قوام البنك على النحوالآتي:

- مجلس الإدارة: د. أحمد علي همداني رئيس مجلس الإدارة ود. حسين عبدالخالق الجلال عضو مجلس الإدارة وأ. عبدالإله محمد المعمري عضو مجلس الإدارة والعضو المنتدب والشيخ ناجي عبدالله الغادر عضو مجلس الإدارة والشيخ حزام أحمد الربع عضو مجلس الإدارة والشيخ عبدالله ضيف الله مجيديع عضو مجلس الإدارة وأ. محمد ناجي الرويشان عضو مجلس الإدارة وأ. يحيى صالح الضنين عضو مجلس الإدارة وأ. هاني أحمد علي حمود عضو مجلس الإدارة وأ. عبدالله محمد الخولاني عضو مجلس الإدارة ود. ثائر علي شعلان عضو مجلس الإدارة ومساعد العضو المنتدب.

- إدارة البنك

سيد شبيه مهدي تقوي المدير العام ويحيى محمد العبادي نائب المدير العام.

المشهد العام للبنك الوطني عام 2004م

بلغ عدد البنوك العاملة في الجمهورية اليمنية عام 2004م 15 بنكا 4 بنوك أجنبية + 11 بنكا وطنيا، وقد احتل البنك الوطني للتجارة والاستثمار المراتب الآتية:

- المرتبة الخامسة:

من حيث مساهمته في حجم الاعتمادات وخطابات الضمان والشيكات السياحية والبطائق الائتمانية والشيكات مقبولة الدفع لدى البنوك مجتمعة.

- المرتبة السادسة:

من حيث مساهمته في حجم الإقراض في البنوك.

- المرتبة التاسعة:

من حيث مساهمته في إجمالي التوظيفات المجمعة للبنوك في الأوراق المالية الحكومية وشهادات الإيداع.

- المرتبة التاسعة:

من حيث مساهمته في الميزانية المجمعة للبنوك.

- المرتبة العاشرة:

من حيث مساهمته في حجم الودائع المجمعة للبنوك.

وماذا عن البنك الدولي للتجارة والاستثمار؟

كان البنك الوطني أول بنك على المستوى القطري يدخل برنامج تمويل التجارة العربية فقد كان وسيطا لعدة صفقات تجارية تمت بين اليمن والبلدان العربية بتمويل من برنامج تمويل التجارة العربية، وتم تعيينه وكالة وطنية لتمويل التجارة العربية في اليمن.

اختير البنك الوطني وكيلا لبرنامج الصادرات السعودي وقام بتنفيذ العديد من صفقات الاستيراد للسلع من المملكة العربية السعودية إلى اليمن، وفي هذا السياق تم التوقيع في يوم الثلاثاء الموافق 8 يناير 2003م على اتفاقية تمويل معدلة بين البنك الوطني للتجارة والاستثمار والصندوق السعودي للتنمية ستمكن البنك من الاستفادة من التسهيلات البالغة 7 ملايين و500 ألف ريال سعودي، وقد قام بتوقيع الاتفاقية نيابة عن الصندوق مدير عام برنامج الصادرات الأخ إبراهيم المفلح وعن البنك الوطني الدكتور أحمد علي همداني رئيس مجلس الإدارة.

كما اختير البنك الوطني من قبل صندوق النقد العربي AMF كمركز ربط شبكة معلومات التجارة العربية في اليمن، وتم تعيين البنك ممثلا وطنيا للمؤسسة العربية لضمان الاستثمار، وعين أيضا ممثلا وطنيا للمؤسسة الإسلامية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات.

من ضمن البيانات الأخرى من البنك الوطني للتجارة والاستثمار أنه أصبح آنئذ ممثلا لعدد من المؤسسات والهيئات الدولية والمهتمة بتمويل أوضمان تمويل التجارة بين اليمن وبلدان أخرى وبحسب له زيادة عدد بنوكه المراسلة في العالم التي تجاوزت الـ 30 بنكا مراسلا.

الوطني الذي وجد نفسه غريقا في البنك الوطني

يلاحظ من عرض سيرة ومسيرة الدكتور أحمد علي الهمداني أنه عاش في وطنه ولوطنه ولبنكه الوطني فما الذي حدث؟

لم تكن هناك مؤشرات مسبقة لتحليل الوضع المالي أو الملاءة المالية للبنك، فجاء قرار وضع اليد يوم 6 ديسمبر 2005م وسارعت الإجراءات لطمس معالم البنك والزج بالرجل خلف القضبان ويقدم للقضاء.

أقف عند هذه النقطة لأترك للتاريخ أن يقول كلمته في هذا الرجل وهذا البنك والأطراف المرئية والخفية في القضية وسواء طال الزمن أم قصر سيصل هذا الجيل أو الجيل القادم إلى الحقيقة، وسينال المسيء جزاءه حيا أو ميتا، الهمداني أو غير الهمداني.

أنجب المغفور له بإذن الله تعالى محمد عبدالرحيم خان أربع بنات هي قرينات: عمر دحمان باشراحيل وعمر علي باشراحيل وياسين شريف الرفاعي والدكتور أحمد علي همداني وقرينة الأخير أنجبت منه ولدا واحدا وابنتين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى