السلطة تمارس الاتجار بالرقيق الأبيض في الصحافة

>
نجيب يابلي
نجيب يابلي
الرق أسوأ ظاهرة اجتماعية مارسها بنو الإنسان وضحاياها بنو الإنسان، وعرفت هذه الظاهرة البشعة ومورست منذ أقدم العصور وأصبحت تجارة رائجة ورابحة، وكان لها أسواق سميت بأسواق النخاسة.

وعرف أصحابها بالنخاسين، وانتشرت تلك الأسواق في مدن كثيرة بدءاً من (سومر) و(عيلام) و(بابل) وانتهاءً بـ (تومبوكتو) و(دارفور) التي ظلت قائمة حتى القرن التاسع عشر، ومروراً بـ(بغداد ) و(سمرقند) و(مرسيليا) وغيرها واستمر هذا الحال حتى 25 سبتمبر، 1926م عندما وقعت الدول الأعضاء في عصبة الأمم «اتفاقية جنيف» التي تقضي بتحريم هذه التجارة السيئة الصيت (مجلة «الشروق» الإماراتية 3 إبريل، 1995 -تجارة الرقيق: حالات وأرقام مخيفة).

صدرت عشرات الاتفاقيات الدولية التي تحرم الاسترقاق وأبرزها «الإعلان العالمي لحقوق الإنسان» الذي أصدرته الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة ،حيث حرمت المادة (4) منه ممارسة هذه الظاهرة.

ماذا عن تجارة الرقيق الأبيض؟

الاتجار بالرقيق الأبيض (بحسب «الشروق» - مصدر سابق) تسمية قديمة تعني «إخضاع شخص لسلطة شخص آخر وإجباره على تعاطي البغاء أو القيام بعمل مخل بالأخلاق واستثماره».

شدتني هذه الجزئية من تناول موضوع الاتجار بالرق وأسقطت هذه الجزئية نفسها على أرض واقعنا من دون تدخل مني اللهم إلا من باب توظيفها في الكتابة، لأن من تحصيل الحاصل أن السلطة عندما تنفق المليارات على وسائل إعلامها ومنها الوسيلة المقروءة «الصحافة»، سواء الرسمية أو الحزبية أو المفرخة، ناهيكم عن الإنفاق الكبير على الإعلام الخارجي (صحافة وفضائيات).

تسقط الجزئية السالفة الذكر نفسها بسلاسة على واقع الصحافة، فلا يختلف اثنان على خضوع شخص ما (طبيعي أو اعتباري، بشر أو مؤسسة أي كاتب أو صحيفة) لشخص آخر (طبيعي أو اعتباري) ولطالما أن حنفية المال العام يتدفق بالهبل على أشخاص سواء في الصحافة الرسمية أو الحزبية (الميثاق أو 22 مايو) أو المفرخة مقابل تنفيذ ما يطلب منهم نشر خبر أو موضوع بموجب أوامر بالهاتف أو بالفاكس إذا كانت المادة جاهزة، ولذلك تجد هذا النوع من الصحف أو المستكتبين فيها وقد تحولوا إلى مستنقعات أو برك مياه صرف وبعوض والتي تشكل في مجملها مصدر أذى لخلق الله، وهي ممارسة مخلة بالأخلاق ولا تقل بذاءة عن تعاطي الدعارة، وترجمتها هنا توفير الراحة لجهة الأمر بمقابل مادي مجزٍ.

إن من يقبل على نفسه أن يعرض قلمه في سوق النخاسة فقد أصبح هو وقلمه مملوكا للجهة التي اشترته ويكون على أهبة الاستعداد لتنفيذ الأمر (بالهاتف أو الفاكس) الصادر من المشتري أو المالك بالهجوم (من دون وعي منه أو إرادة حرة) على سكان منطقة من مناطق الجنوب أو منظمة من منظمات المجتمع المدني أو الهجوم على أفراد بأسلوب مبتذل يدخل في بعض الأحيان في أعراض الناس، فإن هذا الصنف من الصحف أو المستكتبين قد انحدروا إلى الدرك الأسفل من الانحطاط و«المرء حيث يضع نفسه».

إن استمرار الاتجار بالرقيق الأبيض في الصحافة من قبل السلطة إنما هو استمرار لتردي الأوضاع في البلاد وظلالها القائمة على أحوال العباد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى